كانت لضربة الجزاء الخيالية التي منحها الحكم البنيني للفريق المصري نقطة تحول فاصلة في المقابلة... أضيف لها طرد اللاعب حليش ركيزة الدفاع الجزائري في هذا اللقاء المصيري لكأس إفريقيا للأمم. ومنذ تلك اللحظة أخذت المقابلة مسارا آخرا... كانت جلها للمصريين مستفيدين من النتيجة أولا وإخراج المدافع الجزائري ثانيا سمح لهم بإيجاد ثغرات كبيرة لم يستطع لا بو''رة ولا عنتر يحي سدها بحكم طبيعة المنصب الذي يتطلب مهارات فنية عالية.. في التصدي للكرات العالية والأرضية وكذلك اللاعبين. هذا الفراغ الذي تركه حليش تطلب اللجوء إلى خيارات فنية للتكيف مع هذا الوضع الذي قرره الحكم وهذا من خلال السعي المتواصل قصد تضييق مساحة اللعب على المصريين، إلا أن سرعة المهاجمين المصريين أحدثت ضغطا مكثفا على الدفاع الجزائري. وفي هذه الأثناء كان الحكم يتابع بدقة اللقطات الكروية التي يقوم بها اللاعبون الجزائريين لتسجيل أخطاء عليهم.. والتأثير على معنوياتهم.. وهذا ما حدث مع طرد اللاعب بلحاج.. لتزيد في تفكك الدفاع الجزائري أكثر فأكثر.. ويختمها بطرد ثالث للحارس شاوشي، مانحا للمصريين التفوق العددي فوق الميدان .. أدى إلى تسجيلهم ثلاثة أهداف كاملة دون عناء. وبهذا يكون كل من شاهد هذه المقابلة يدرك إدراكا ملموسا بأن المقابلة جرت ب 11 لاعبا مصريا ضد 8 لاعبين جزائريين فقط... وأن الحكم البنيني الذي كان محل تجاذبات وأخذ ورد قرر منذ أن منح ضربة الجزاء إعطاء الفوز للمصريين على طبق من ذهب... ويؤهلم للنهائي كما كان في ذهنه، ولا يمكن أن يكون في مقدور أي فريق يقاوم ب 8 لاعبين فقط ... خاصة ما يكون منهزما بنتيجة عريضة قد تصل إلى (20) فما فوق .. وهذا حال الجزائريين، أول أمس، بأنغولا. وعليه فإن التحكيم الإفريقي ما زال بعيدا عن إدارة المقابلات المصيرية كالتي جرت بين الجزائر ومصر.. نقول هذا الكلام من باب ما وقفنا عليه في تلك المقابلة من عدم قدرة الحكم البنيني في تسيير المباراة بشكل حيادي وبالصرامة المطلوبة في الجانب التقني... وكثرة الترددات المسجلة في قراراته تستدعي منا الإشارة إليها بوضوح بعيدا عن أي إندفاعية أو حماسية. فحسب العارفين بخبايا كرة القدم، فإن حليش لم يكن يقصد عرقلة اللاعب المصري بداخل منطقة العمليات.. وإنما ارتمى باتجاه الكرة، لمحاولة إخراجها إلى ركنية.. فلماذا أعلن ضربة جزاء؟ في الوقت الذي كانت مجريات المقابلة في ذروتها من حيث البحث عن الهدف الأول من الجانبين... هل لتكسير إرادة اللاعبين الجزائريين ونرفزتهم مثل ما حصل لشاوشي مع هذا الحكم؟ والاحتجاجات التي كان يتعرض لها من بقية اللاعبين بسبب إنحيازه الفضيح لمصر... ثم لماذا لم يطلب بإعادة تنفيذ ضربة الجزاء... عندما ارتكب منفذها خطأ تقنيا تقدم لتسديدها.. ثم تراجع وهذا ما يتنافى مع قواعد لعبة كرة القدم. ناهيك عن الأخطاء الأخرى التي ارتكبت وتغافل عنها.. لذلك فإن الجزائر كانت دائما من المدافعين عن التحكيم الإفريقي.. مشجعة إياه على مزيد من التكوين لمسايرة التقنيات العالمية.. وتفضل دائما التحكيم الإفريقي على نظيره الأجنبي من أجل إدارة المقابلات المصيرية.. هذه المرة وما حدث مع الحكم البنيني فإن النظرة يجب أن تصحح وتعدل على الأقل بإتجاه الأحسن .. لأن الموعد الكروي في جنوب إفريقيا يتطلب كفاءة عالية في التحكيم.