شهد العالم في السنوات الأخيرة جملة من التحديات ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وتربوية وشكلت تلك التحديات بأبعادها المختلفة منطلقاً لدعوات عديدة بضرورة إصلاح النظام التربوي بجميع مدخلاته وعملياته ومخرجاته، خصوصاً في ضوء عجز النظام الحالي عن مواجهة التحديات التي أفرزها تحول العالم من مجتمع صناعي إلى مجتمع معلوماتي. لهذا، تتسابق كثير من الأمم لإصلاح نظمها التربوية بهدف إعداد مواطنيها لعالم جديد. لمواجهة هذه التحديات والتحولات فلا بد من التحرر من تقليدية التربية والتعليم في مناهجنا ونشاطاتنا التربوية والذي أصبح اليوم أمراً ضرورياً، فلم يعد الهدف يقتصر على إكساب الطالب المعارف والحقائق فقط بل تعداه إلى تنمية مهاراته و قدراته وبناء شخصيته ليكون قادرا على التفاعل مع متغيرات العصر وقادرا على صناعة حياة جديدة قائمة على السيادة لا التبعية وفق تعليم دينه ومجتمعه. إن ما يشهده العصر الحاضر من تغيرات سريعة في شتى المجالات التقنية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية تؤثر و تمس صميم الهياكل التربوية للفرد والمؤسسات التعليمية ومنظومة البناء الفكري والثقافي للمجتمع. يتطلب التعامل مع هذه المتغيرات قدرة عالية على التكيف والمبادرة وفق ثوابت المجتمع ومنطلقاته الثقافية والدينية. ويقع على عاتق المؤسسات التربوية العبء الأكبر في تقديم هذه المبادرات وفق الصيغ المقبولة اجتماعيا وثقافيا. ولاشك أن الثورة في تقنية المعلومات و وسائل الاتصال حولت عالم اليوم إلى قرية الكترونية تتلاشى فيها الحواجز الزمنية والمكانية فقربت المسافات وأزالت الحواجز السياسية والثقافية. هذا التغير يفرض على المؤسسات التربوية أن تقدم حلولاً للاستفادة منها وتوظيفها في النسيج التربوي بما يتماشى مع أهدافها ومسلماتها. كما يفرض عليها أن تقدم المبادرة للاستفادة من التقنية في رفع مخرجات العملية التعليمية. فدمج التقنية في عملية التعليم والتعلم لم يعد ترفا بل أصبح مطلباً حيوياً لتطوير البنى والهياكل التربوية لما تقدمة التقنية من نقلة نوعية في إعادة صياغة المنهج بمفهومه الشامل والرفع من مستوى المخرج التربوي وذلك بجهد أقل و نوعية أفضل. التعليم الافتراضي بشكل عام هو استخدام الوسائط الافتراضية والحاسوبية في عملية نقل وايصال المعلومات للمتعلم، وهناك مدى لهذا الاستخدام فقد يكون هذا الاستخدام في الصورة البسيطة كاستخدام وسائل الكترونية مساعدة في عملية عرض المعلومات أو لإلقاء الدروس في الفصول التقليدية، وكذلك الاستثمار الأمثل للوسائط الافتراضية والحاسوبية في بناء الفصول الافتراضية من خلال تقنيات الإنترنت والتلفزيون التفاعلي. يمكن تعريف التعليم الافتراضي بصورة مثالية على أنه: توسيع مفهوم عملية التعليم والتعلم لتتجاوز حدود جدران الفصول التقليدية والانطلاق لبيئة غنية متعددة المصادر يكون لتقنيات التعليم التفاعلي عن بعد دورا أساسيا فيها بحيث تعاد صياغة دور كل من المعلم والمتعلم، ويكون ذلك جلياً من خلال استخدام تقنية الحاسب الآلي في دعم واختيار وإدارة عملية التعليم والتعلم وفي نفس الوقت فإن التعليم الافتراضي ليس بديلا للمعلم بل يعزز دورة كمشرف وموجه ومنظم لإدارة العملية التعليمية ومتوافقاً مع تطورات العصر الحديث. لكي يكون التعليم الافتراضي فاعلاً فإن ذلك يتطلب زيادة وتقوية المهارات الموجودة أصلاً بشكل أكبر من تطوير قدرات جديدة حيث أن ترسيخ ما هو قائم يكون أساساً لترسيخ ما هو قادم.