تجد الشعوب الإفريقية والعربية والإسلامية صعوبات كبيرة في تحمل تبعات التحولات الدولية حيث وفي ظل فشل مختلف مشاريع التنمية التي يتسبب فيها سوء التسيير والفساد ,حيث تفشت في دول العالم الثالث الآفات والفقر والتخلف والبطالة وأزمات السكن والأمية والعدالة والعدالة الاجتماعية والتضييق على الحريات والتي جعلت الاستقرار في هذه المجتمعات هشة وعرضة للاحتجاجات والاضطرابات ما أدى بالدول الغربية استغلال هذا التخلف لفرض ضغوطات على الدول على غرار السودان وإثيوبيا واندونيسيا وحتى اليمن حاليا لقبول تقسيم الدولة لفض النزاعات ظاهرا ونهب الثروات باطنا وتسهيل تجسيد المخططات الامبريالية التي لم تعد تخفى على أحد. واستغلت الدول الاستعمارية القديمة ضعف حركات التنمية في مستعمراتها السابقة للعودة من باب التخلف والديكتاتورية التي تفرضها بعض الأنظمة لإجبارها على التنازل عن سيادتها أو اتهامها بالتضييق على الحريات وارتكاب إبادات ومجازر ضد الأقليات مثلما حدث في السودان للاستحواذ على الثروات الباطنية وتأمين مصادر قوة المستقبل التي حددتها الولاياتالمتحدةالأمريكية في افريقيا حيث تركز كل جهودها على قطع الطريق أمام أوروبا والصين للتوغل في القارة السمراء. وتعرف سياسة الدول الغربية ارتفاعا كبيرا في وتيرة الضغط على الدول المنتمية للعالم الثالث من باب التطورات التي تعرفها عديد القضايا على غرار قضية دول الساحل الصحراوي والصراع العربي الإسرائيلي وتوسع رقعة نشاط الجماعات المسلحة والزحف الصيني على القارة الإفريقية وهو ما يعكس ترابط جميع الملفات مع بعضها ورغبة أمريكا في مركزة كل شيء وبعث رسائل مشفرة لجميع الدول الأخرى التي إما أن ترضخ للولايات المتحدةالأمريكية أو ستجد نفسها مهشمة ومقسمة. والمتتبع لما يحدث للسودان سيجد بأن تقسيم السودان سيكون تحصيل حاصل وتبعا لسلسلة تقسيم تيمور الشرقية وكوسوفو وفلسطين والجبل الأسود وغيرها من الدويلات التي قبلت بالاستقلال مقابل أن تقبل بالولاء للولايات المتحدةالأمريكية وتقبل باستقبال القواعد العسكرية والدروع الصاروخية ,وسيكون السودان الجنوبي غير بعيد عن احتمال التحالف مع إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية من جهة لتضييق الخناق على شمال السودان وإحكام السيطرة على الساحل الصحراوي من تشاد إلى جنوب موريتانيا وهي المنطقة التي تحتضن اكبر الاحتياطات النفطية في العالم. وسيكون جنوب السودان منطقة حساسة لاستقبال مبادرة الأفريكوم التي تعول عليها الولاياتالمتحدةالأمريكية لتأمين مشاريعها النفطية المستقبلية كما قد تستعمل كقاعدة خلفية لدعم القوات الأمريكية الموجودة في الشرق الأوسط وخاصة في المعركة المستقبلية ضد ايران. وبالمقابل يعتبر السودان محطة جديدة من دول أخرى ستعرف التقسيم مستقبلا إذا ما تواصلت مسلسلات الفساد في دول الجنوب والتي ستكون محركا للأقليات للمطالبة بالاستقلال وتقسيم السلطة بإيعاز من الدول الغربية التي باتت تجد في الجماعات الاثنية منفذا لتمرير مخططاتها التي تعرفها أنظمة الدول المتخلفة لكنها لا تتحرك لإنقاذ شعوبها لأنها تفكر فقط في الاستمرار في الحكم والنهب على حساب التنمية لشعوبها والتي لا يستنجد بها إلا في الأوقات العصيبة وهو ما جعل الشعوب تنفض يدها من حكامها.