أكد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية الدكتور العربي ولد خليفة أن وضعية العربية في أوطانها تبين لنا أنها ضحية تحالف ثلاثة عوامل أولها تاريخي يرجع إلى ما حاق بأهلها من تخلف وجمود وفتن أضعفت الدولة حسب الدكتور وفككت المجتمعات العربية إلى إمارات ومشيخات يستقوي بعضها على بعض بالاستنجاد بالأجنبي.. وأضاف ولد خليفة في كلمة ألقاها خلال اليوم الدرسي الذي نظمه المجلس الأعلى للغة العربية حول ''العربية في الصحافة المكتوبة'' بفندق الأروية الذهبية أضاف أن العامل الثاني لوضعية اللغة العربية يعود إلى المد الكولونيالي الذي استفاد من الضعف والتخلف السائد ليعمل بدرجات مختلفة على تدمير البنية الثقافية والاجتماعية، وغرس الإحساس بالنقص والدونية بين شرائح من النخب والجمهور، وإقناعها بأن ذلك هو مصيرها المحتوم، وأن المثال والنموذج موجود خارج أوطانها وأن خيارها الوحيد هو رفضه جملة وتفصيلا أو قبوله كما هو، أما العامل التالث فقد أرجعه ولد خليفة إلى عجز وتفريط النخب والقيادات عن تحريك النهظة وتوفير الشروط التي تمكن العربية لسانا ومضامين من اللحاق بموكب المقدمة وتحقيق التقدم العلمي والتكنولوجي.، حيث أن الحد من التبعية يضيف المحاضر يتطلب استيعاب المعرفة وتوطينها باللغة العربية، وقد اعتمد الدكتور في ذلك على مؤشرات تشخص وضع العربية في وسائل الاتصال، حيث لا يزيد حضورها على 4,0 على الشابكة مقابل 47 بالمائة لللغة الانجليزية و9 بالمائة للصينية و4 بالمائة لكل من الاسبانية والفرنسية. من جانب آخر تحدث الدكتور العربي ولد خليفة عن الترجمة، مشيرا أن المنقول إلى العربية حسب مؤشر اليونسكو في الفترة ما بين 1970 إلى 2005 هو 7000 من الأبحاث في مجالات العلوم والفلسفة والآداب، وهذا العدد من المترجمات يجعل العربية في المرتبة 27 بين لغات العالم، في نفس المرتبة مع اللغة الليتوانية، حيث يصل عدد الناطقين باللغة العربية لغة أول أو ثانية عن 300 مليون، مؤكدا أن المنطقة العربية تمثل 5 بالمائة من مجموع البشرية و10 بالمائة من مساحة كوكب الأرض. وفي حديثه عن الصحافة الصادرة بالعربية قال رئيس المجلس الأعلى للغة العربية أن هذه الأخيرة واجهت منافسة غير متكافئة تتمثل في قوة وتأثير نظيرتها الصادرة بالفرنسية بالخارج، حيث كانت توزع مجانا على عدد من الإطارات في الإدارات المركزية والمحلية.. وأشار المتحدث إلى الأخطاء الشائعة في الصحف العربية مؤكدا أنها بحاجة إلى مدققين أكفاء ومتمكنين من قواعد اللغة وإلى كتاب متخصصين في مجالات الكتابة الصحفية، وإلى مترجمين أيضا يتقنون العربية ولغات أخرى.. كاتب الدولة لدى الوزير الأول مكلف بالاتصال عز الدين ميهوبي بدوره قال إن هناك تراخي في التعامل مع اللغة العربية، حيث أصبحت اللغة الرسمية تتساوى مع لغة الشارع وهو الأسلوب التي أضحت تعتمده مختلف الصحف الصادرة بالعربية، مؤكدا أن اللغة يجب أن تكون وعاء حاملا لخطاب إعلامي سياسي ثقافي واجتماعي. وأرجع ميهوبي الأخطاء الشائعة في الصحافة إلى غيباب الاجتهاد من قبل القائمين على المؤسسات الإعلامية، والسماح باستخدام لغة هابطة يجعل حالة الارتقاء بها صعبة. وطالب عز الدين ميهوبي بأهمية تأمين اللغة للمحافظة على مكانتها سيما في ظل انتشار العولمة، وبروز حديث عن عما يسمى ب''الهجوم اللغوي'' الذي بادرت إليه بعض الدول حيث أصبحت تشعر أن اللغة أضحت مستعبدة في مجتمعاتها. وأضاف أن الأمن اللغوي يبدأ بإنتاج لغة تراعي خصوصيات المجتمع في موروثه وثقافته، مشيرا في ذات السياق إلى أهمية الاصلاح اللغوي على مختلف الأصعدة والتي تتمثل في تنظيم ورشات لصالح مختلف وسائل الإعلام لتقويم الأخطاء الشائعة ووقف النزيف الذي يجتاح اللغة العربية .. ولتسليط الضوء أكثر على اللغة العربية في الصحافة المكتوبة تخلل اليوم الدراسي مجموعة من المحاضرات التي نشطها مجموعة من الأساتذة والباحثين من بينها مداخلة الأستاذ عبد العالي رزاقي تحدث فيها عن مكانة اللغة العربية في الصحافة العربية خلال الاحتلال الفرنسي، ومكانة اللغة العربية في الصحافة الصادرة باللغة العربية أو المزدوجة خلال الحقبة الاستعمارية، وتناول الدكتور محمد لعقاب لغة الصحافة وأسلوب الكتابة الصحفية، حيث عرج على الفرق بين الأدب والصحافة وبين أنواع الكتابة الصحفية والكتابة الاعلامية، وتطرقت تصيرة زيد المال إلى دور الصحافة المكتوبة ودورها في التنمية اللغوية، أما الأستاذة صليحة خلوفي فقد تناولت مستقبل الصحافة الورقية في ظل تنامي الصحافة الالكترونية، مشيرة إلى المخاطر التي أصبحت تهدد مستقبل الصحافة الورقية.. إضافة إلى محاضرات أخرى تصب في مجملها على اللغة العربية ومكانتها في الصحافة المكتوبة.. هدى بوعطيح