قال الدكتور العربي ولد خليفة، رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، إن الجزائر ليس البلد الوحيد في العالم العربي الذي يشهد فيه استعمال اللغة العربية تراجعا كبيرا، فضلا عن تغييبها في الكثير من الأجهزة الحساسة كالاقتصاد والإدارة وإنما المشكلة ذاتها تعاني منها جميع بلدان الوطن العربي برمته. وجه ولد خليفة أصابع الاتهام إلى رؤساء وملوك الدول العربية الوطنية في تهميش اللغة العربية، وحرمان شعبهم من التكلم بها بطلاقة لعدم جعلها لغة كل مؤسساتها الرسمية. طرح ولد خليفة، لدى نزوله ضيفا على منبر جمعية الجاحظية، أول أمس، في مداخلته حول '' الوضع الراهن وإشكالية اللغة العربية في الجزائر'' أربعة محاور أساسية كانت سببا في تهميش اللغة العربية في العالم العربي يتعلق الأمر ''بالتحالف الثلاثي ضد اللغة العربية في الجزائر''، حيث أكد في هذا السياق على وجود ثلاثي خطير يهدد كيان هذه اللغة في الجزائر، مشيرا إلى العامل الاستعماري الذي فرض لغته على الجزائر والذي غرس في نفوس أفراد المجتمع الجزائري عقد النقص، وحصر السبب الثاني في تخاذل أبناء هذا الوطن وعجزهم عن احتواء هذه الأزمة، فيما ارجع السبب الاخير الى العامل التاريخي حيث أوضح ولد خليفة أنه حين نستقرأ التاريخ نجد أن الجزائر تتفرد بخضوعها إلى استعمار استيطاني كبلها بقيود زهاء قرن ونيف من الزمن، مما دمر الدولة وعزلها عن العالم عن طريق فرض مخططات فرنسية تنص على ضرورة اعتبار اللغة العربية لغة غريبة عن الوطن وحل محلها لغة المستعمر، بالإضافة إلى شيوع العامية حتى في مدرجات الجامعة في جزائر الإستقلال، وكذا انتشار الأمية في أوساط الشعب، كل هذه العوامل يضيف المحاضر ساهمت بشكل جلي في إضعاف اللغة العربية في الجزائر وانطفاء إشعاعها في الوسط الاجتماعي والثقافي والعلمي . وما زاد الطينة بلة حسب ولد خليفة تضليل بعض المبدعين في عالم الأدب الذين يكتبون نصوصهم بلسان مغاير '' دعم أي لغة هوإبداع في اللغة المستعملة وليس كما يقول البعض أن اللغة الفرنسية هي غنيمة حرب'' وذهب ولد خليفة بعيدا حين قال أنه من الصعب أن تجد مبدعا مزدوج اللغة يتقن البلاغة في كلا اللغتين وما هومتوفر منهم يمثلون نسبة ضئيلة. كما تطرق المحاضر الى موضوع ''تحديات العالم المعاصر''، مبرزا من خلاله المصدر الأساسي للغة الضاد الذي أضفى عليها نوعا من القدسية، وهو مصدر القرآن الكريم الذي استمدت منه رفعتها مما جعلها تفرض نفسها بقوة من أجل أن تجد لنفسها مكانا بين الأمم، في حين اعتبر ولد خليفة أن أهمية اللغة تكمن في التركيبة الشخصية ودورها في الحفاظ على الهوية الوطنية والانتماء الحضاري وكذا تجسيدها لعنصر المواطنة. واشار المسؤول الاول عن المجلس الاعلى للغة العربية إلى أنه لا توجد لغة متقدمة وأخرى متخلفة في العالم إنما التخلف والتقدم هي صفات الناطقين بها، وأن اللغة العربية هي تراكم حضاري ومعرفي وليست لغة الأصل والعرق كما يدعيه البعض، داعيا في ذات السياق إلى تخليص اللغة العربية من التسييس.