إلى أي مدى يمكن لآليات التأطير المؤسساتي الإعلامي كسلطتي ضبط السمعي البصري، والصحافة المكتوبة ومجلس أخلاقيات المهنة التكفل بالحالات التي قد تنجم جراء الممارسة اليومية للصحافيين والمصنفة أحيانا في خانة مايتداول كالقذف أو الإهانة أو المساس بخصوصيات الأشخاص والأكثر من هذا نشر أخبار لا أساس لها من الصحة.. وغيرها من « القضايا» التي لاتعد ولاتحصى أحيانا.. في الإعلام المرئي أو المكتوب. انطلاقا من هذا التساؤل حاول الأستاذ كريم بلقاسي والأستاذة وهيبة بلحاجي الخوص في حيثيات البحث عن الإجابة التي تفي الموضوع حقه، علما أن هناك بديهية مفادها أن الصحف التي تصدر اليوم نشأت قبل تأسيس هياكل الضبط. فكيف سكيون العمل معها؟ تنظيم الحياة الاعلامية في الجزائر، تتطلب إقامة مثل هذه الآليات ليس كأدوات مراقبة، لكن وسائل مرافقة لتصحيح مسارات وتعديل أداءات ومطابقتها مع القوانين السارية المفعول لتفادي أي تجاوزات أواختلالات قد تطفو إلى السطح من حين لآخر بحكم الضغط اليومي للعمل ونقص التجربة، وعدم تقدير الآثار أو التداعيات الناجمة عن نشر أخبار يعتقد أصحابها بأنها في الصميم لكن يتضح فيما بعد بأنها ألحقت ضررا معنويا بالأشخاص. وهذه الوقائع حاضرة اليوم في إعلامنا المرئي الخاص والإعلام المكتوب الخاص ولايوجد في العمومي نظرا لتجربة المسؤولين عن التحرير الذين يقدرون حجم نشر خبر ليس له مصدر أو وثائق يستند إليها، لحماية الصحافي من كل المتابعات. ويرى الأستاذ كريم بلقاسي، أن الترسانة القانونية الحالية المتوجهة للصحافة المكتوبة تعد أرضية واسعة ومرجعية ثرية من أجل استحداث ذلك النسق في تنظيم المهنة بالشكل المطلوب وضمان عمل الصحافيين في الميدان والوصول إلى مصادر الخبر وحمايتهم من كل الضغوط وإبعاد عنهم المعوقات التي تعترض نشاطاتهم. وشدد الأستاذ بلقاسمي على ضرورة العمل أكثر من أجل ترقية المنظومة القانونية باتجاه الأحسن خدمة لواقع وآفاق المهنة وقد تجسد ذلك في أسمي وثيقة في البلاد ألا و هي الدستور، الذي خصص مواد للإعلام عبارة عن ضمانات قوية لأهل المهنة.. يضاف إلى ذلك التأطير المؤسساتي الوعاء الذي تصب فيه كل انشغالات القطاع. أما الأستاذة وهيبة بلحاجي فاعتبرت أن سلطة ضبط السمعي البصري تجربة جديدة تستدعي وقتا للتعايش معها، يضاف إلى ذلك، تحديد الصلاحيات. ورسالة الأستاذة وهيبة واضحة كل الوضوح في دلالاتها بمعنى أنه من السابق لأوانه إصدار أي حكم تجاه هاته السلطة في تأدية مهامها كونها ماتزال حديثة النشأة وعليه فإن الوقت وحده كفيل بأن يكشف لنا عما نريد منها زيادة على هذا الجانب، فإنه من الأفضل أن تضبط بدقة المهام لتفادي التداخل مع سلطة ضبط الصحافة المكتوبة مستقبلا. وعليه فنحن اليوم أمام احتكام الصحافي إلى ضميره، أكثر من وقوعه في مخاوف زجر أو ردع القانون، لأن أولى انشغالاته كذلك التحلي بروح المسؤولية في نشر ما يكتب وهذا الكلام ليس ديموغوجيا، أو لغة خشب كما يحلو للبعض ترديده وإنما ممارسة يومية.