قوات الاحتلال الصهيوني تقتحم مدنا وبلدات في الضفة الغربية وتطبق الحصار على طمون والفارعة    79 دولة تؤكد دعمها لاستقلال المحكمة الجنائية الدولية    طواف الجزائر2025 : تقديم دراجي الفرق ال15 المشاركة في الطبعة ال25 بولاية قالمة    وزير الصحة يستقبل أعضاء النقابة الجزائرية لشبه الطبي    رحلة جديدة باتجاه موريتانيا    مدير جديد لشركة الأملاح    توفير إطار معيشي ملائم من أولويات الرئيس    مزيان يسلم رسالة من رئيس الجمهورية إلى نظيره الغاني    الجزائر ترفض مُخطّط تهجير سكان غزّة    مئات آلاف النازحين في مواجهة الموت بردا    العرباوي يشرف على إحياء ذكرى أحداث الساقية    السوبر في المزاد بين المولودية وبلوزداد    الجزائر تترأس هيئة إفريقية    حيداوي يبرز جهود الدولة    نحو إنجاز 15 مركز امتياز متخصصة    صالون دولي بالجزائر للحديد والصلب    اتفاقية لنقل الحجاج وفق آليات متطوّرة    صيدال بصدد إنتاج المادة الأولية لعلاجات للسرطان    قفزة نوعية في علاقات التعاون الجزائرية الموريتانية    الجزائر والهند نموذج للنهضة والتقدم في مختلف المجالات    قانون جديد لتنظيم نشاط الترقية العقارية قريبا    حج 2025.. بآليات تنظيمية ورقمية متطورة    تدابير قانون المالية تهدف لتحسين مناخ الأعمال والاستثمار    الجزائر تدعو إلى تسريع العمل البرلماني الأورو متوسطي    الجزائر تدعو إلى ضبط النّفس ووقف التصعيد    الفريق أول شنقريحة يستقبل من طرف رئيس أركان الدفاع للقوات المسلحة الهندية    سارق هواتف مطلوب لدى 6 مصالح أمنية    الإطاحة بمحترفي السرقة    تكريم "نورية" إعتراف بدورها في سطوع المرأة الجزائرية على الخشبة    الرواية البصرية تصنع الهويات    ترجي مستغانم ووفاق سطيف أول المتأهلين لربع النهائي    مشروع مركز جديد للدفع والمراقبة    الجزائر جاهزة لاحتضان أول نسخة من الألعاب المدرسية    أنصار "السياسي" مستاؤون لتقاعس الإدارة    حجز 2.5 كيلوغرام "كيف" و1050 قرص مهلوس    المغرب يلجأ إلى الأساليب الخبيثة ل"شرعنة" احتلاله للصحراء الغربية    جبهة القوى الاشتراكية تعقد دورة استثنائية لمجلسها الوطني    كرة القدم/الكأس الجزائرية الممتازة-2024 (مولودية الجزائر- شباب بلوزداد): مرشحان في رحلة البحث عن أول لقب للموسم    الدراجات/ طواف الجزائر2025: الطبعة ال25 عبر ولايات شرق و جنوب الوطن    تنظيم الطبعة ال 19 للصالون الوطني للتشغيل والتكوين المتواصل والمقاولاتية من 8 الى 10 فبراير بالعاصمة    المواطنون الراغبون في أداء مناسك العمرة مدعوون لأخذ اللقاحات الموصى بها من طرف وزارة الصحة    مهرجان الصورة المؤسساتية: تتويج 14 فيلما مؤسساتيا بجائزة أفضل الإبداعات السمعية البصرية في مجال الأفلام المؤسساتية    تجارة: مراجعة شاملة للإطار التشريعي وتوسيع الاستثمار في المساحات الكبرى    وفاة المجاهد و الخطاط عبد الحميد اسكندر عن عمر ناهز 86 عاما    إبراهيموفيتش يكشف سبب رحيل بن ناصر    إبراز التراث الأدبي والديني للأمير عبد القادر    هذه ضوابط التفضيل بين الأبناء في العطية    شاهد حي على همجية وبربرية الاحتلال الفرنسي    أمطار رعدية مرتقبة بعدة ولايات جنوب البلاد ابتداء من يوم الخميس    وزير الصحة يجتمع بأعضاء اللجنة الوطنية للوقاية من السرطان ومكافحته    اليمين المتطرّف الفرنسي في مرمى النّيران    "أباو ن الظل".. بين التمسّك والتأثّر    المبدعون من ذوي الاحتياجات الخاصة يعرضون أعمالهم بالجزائر العاصمة    إمام المسجد النبوي يحذّر من جعل الأولياء والصَّالحين واسطة مع اللَّه    الإذاعة الثقافية تبلغ الثلاثين    هذا موعد ترقّب هلال رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعوب هي التي تصنع التاريخ
نشر في الشعب يوم 18 - 04 - 2010

إهتزّ الشارع الغاضب في قرغيزيا مطوّقا قصر الرئاسة وأصرّ على إسقاط الرئيس، فكان له ما أراد، حيث إضطرّ »كرمان بيك باكييف« التّعيس للفرار بجلده للفرار بجلده إلى كازاخستان بعد أن قايض حياته بالإستقالة.
ثورة الشارع القرغيزي لم تكن طويلة لكنها كانت فعّالة، حيث إستطاع الشعب من خلالها وفي بضعة أسابيع استعادة السلطة وخلع الرئيس الذي خيّب آماله وعجز عن تحقيق تطلّعاته وأبقاه غارقا تحت وطأة المعاناة في واحدة من أفقر البلدان على وجه الأرض.
وهكذا، وبعد أن ألفنا الوقوف على انقلابات عسكرية يسطو من خلالها القادة العسكريون على كراسي الحكم هنا وهناك، فإننا هذه المرة تتبعنا فصول حركة قاد فيها الشعب إنقلابا سلميا على السلطة واستعادتها.
لكن نجاح الهزة الشعبية في قرغيزيا وإن لعب فيها الشارع الدور البارز، فإنها تعود بالدرجة الكبرى إلى الدّعم والتأييد اللذان تلقتهما من الخارج، حتى لا نقول بأن الشارع لم يكن طيلة الأيام الماضية إلا واجهة لثورة أشعلتها قوى كبرى تتصارع على بسط نفوذها في هذه الدولة وعلى خدمة مصالحها، مع العلم أن قرغيزيا المريضة بفقرها وفساد حكّامها تحتضن واحدة من أهم القواعد العسكرية الأمريكية.
المؤكد أن نجاح ثورة الشارع في قرغيزيا يعود إلى الدّعم والحماية اللذان حظيت بهما من قبل جهات خارجية قويّة، وساعد على ذلك ضعف النظام واهتزاز شعبيته، والمؤكد أيضا أن ثورات شعبية كثيرة إندلعت في مناطق متعددة من العالم، لكنها تحوّلت فجأة إلى رماد بعد أن أحرقت روّادها، فقط لأنها لم تلق دعم الخارج، أو أنها اصطدمت باستنكار الخارج ومعارضته لها، بعد أن رأى في إسقاط النظام القائم ضربا لمصالحه.
وأيّا كانت المفاجآت التي ستحملها الأيام القادمة لقرغيزيا، خاصة بعد أن بدأ الشارع يضيق ذرعا بأولائك الذين احتلوا مكان الرئيس المخلوع وأخذوا يتصارعون على تقسيم »الغنائم« تماما كما فعل »بكاييف« الذي وزّع مناصب السلطة والثروة على أهله وأقاربه، فما يجب الوقوف عنده من خلال التجربة القرغيزية في الإطاحة بالرئيس، هو أن الشارع على مرّ العصور والأزمة كان يثور في وجه الأنظمة الإستبدادية والديكتاتورية ويطيح بها وعندما يصل الفساد والإستبداد إلى أعلى درجاته وتسدّ جميع منافذ التغيير، فالشارع يتحوّل إلى المنفذ الوحيد وغالبا ما يصاحب ذلك حمل السّلاح وإراقة الدماء والتاريخ يحفل بتجارب لا تعدّ ولا تحصى من الثورات الشعبية الناجحة لعلّ أكثرها أهمية الثورة »البلشفية« في روسيا والثورة الفرنسية اللتان أطاحتا بالإقطاعية التي قامت على أنقاضها أنظمة جديدة....
وإلى زمن غير بعيد، وقف العالم أجمع أمام مشاهد للشارع فيما كان يسمّى بدول الكتلة الشيوعية، وهو يهتزّ بقوّة ويحاصر قصور الرؤساء ويطيح بهم، بل إن الرئيس الروماني »تشاوسيسكو« سقط ذبيحا تحت أقدام هذا الشارع وتمكنت شعوب أوروبا الشرقية من تغيير خريطة العالم بعد أن فتّتت الأمبراطورية السوفياتية وجمهوريات أخرى، وأقامت على أنقاضها دورلا تبنّت نظام الرئاسمالية وأصبحت اليوم كالكويكبات تسبح في مدار الكوكب الأمريكي العملاق. كما لا يمكننا أن ننسى مشهد الشعب الألماني، وهو يحطّم جدار برلين ويعيد توحيد الألمانيتين...
الشعوب إذن هي التي تصنع التاريخ، وهي الوحيدة القادرة على إحداث التغيير، لكن للأسف هناك إستثناءات لهذه القاعدة إذ نرى شعوبا كثيرة تنشد التغيير وتسعى إليه في بعض الأحيان يهزّ الشارع، لكنها تصطدم بأنظمة عزّزت نفسها وحصنتها ضد مثل هذه المواقف، وذلك بمساعدة قوى كبرى تجد مصالحها في بقاء هذه الأنظمة وإستمرارها إلى ما لا نهاية، فعندما يموت الزعيم الذي لا يستقيل أبدا يخلفه وريث يسلّم المشعل بدوره لوريث آخر بعد رحيله طبعا.
لكنّ الشيء الواجب التذكير به، أن التغيير يجب في كل الأحوال أن يتم بطرق ديمقراطية شفافة تسمح بالتداول السلمي على السلطة، وحظر هذا الحق عن الشعوب، يفتح المجال واسعا أمام طرق أخرى للتغيير محفوفة بمخاطر كبرى، ففي هذه الحالة يعوّض صندوق الإقتراع بالإنقلابات العسكرية الدمويّة بثورات الشارع التي قد تتحوّل إلى حروب أهلية خاصة إذا كانت الأرضية مهيأة لذلك ومزروعة ببذور الطائفية والاختلافات السياسية والدينية والمذهبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.