شهدت مدينة الورود منذ ساعات مبكرة من صبيحة أول أمس، تدفق أنصار المنتخب الوطني الذين حلّوا بالبليدة لمشاهدة مباراة سهرة أمس، والتي جمعت المنتخب الوطني الجزائري بنظيره التنزاني، فرغم أننا في الشهر الفضيل إلا أن عددا كبيرا من أنصار المنتخب الوطني تنقلوا من أماكن مختلفة من أرجاء الوطن خصيصا لمشاهدة المباراة من المدرجات ومساندة رفقاء القائد زياني، أملا في تكرار سيناريو العام الماضي والسهرات الرمضانية الحلوة التي ستبقى حتما راسخة في الأذهان .. ولقد تطلب تدفق عدد كبير من أنصار المنتخب الوطني على مدينة البليدة، تجند عدد كبير أيضا من أعوان الأمن الذين سهروا على تنظيم الأمور وتفادي خروجها عن نطاقها، سيما وأن المواجهة لعبت في السهرة ولم يكن أمام أعوان الأمن الوطني الوقت الكافي لتنظيم الأوضاع مثلما تستدعي الأمور، ولم يتأخر أنصار المنتخب الوطني في الدخول إلى ملعب تشاكر بمجرد ما إن فتح أبوابه على الساعة الرابعة مساءً، حيث بدأت المدرجات تمتلئ شيئا فشيئا سيما وأن المنظمين سهّلوا مهمة المناصر الذي يملك تذكرة الدخول، هذا وبما أن عددا كبيرا من الأنصار تناولوا وجبة الإفطار أمس فوق مدرجات تشاكر، فإن "الشباك" عاشت معهم هذه الأجواء التي يمكن القول عنها إنها كانت رائعة ومنقطعة النظير وتحت شعار كل شيء يهون في سبيل المنتخب الوطني. حضور قوي للأمن الوطني .. والبليدة كانت مطوقة ومثلما كان مبرمجا وتم الاتفاق عليه في الاجتماع الأمني الذي سبق المباراة والذي حضره مسؤولون عن الأمن الولائي وكذا أطراف فاعلة في مديرية الشبيبة والرياضة وإدارة مركب تشاكر، عرفت البليدة وبالضبط مكان ملعب تشاكر وما جاوره أي بن بو العيد وأولاد يعيش تطويقا أمنيا كبيرا من قِبل الشرطة، التي عملت على التحكم في زمام الأمور منذ الساعات الأولى من صبيحة أمس، علما أن جل الأنصار الذين سجلنا حضورهم من ولايات أخرى جلها بعيدة جدا عن البليدة وأكثرها من شرق البلاد. لوحات ترقيم السيارات من كل الولايات ولعل ما يؤكد الحضور القوي لأنصار المنتخب الوطني أمس، هو أننا شهدنا وجود لوحات ترقيم لسيارات من مختلف الولايات، وعموما مثل هذه الأمور اعتدنا عليها كلما تعلق الأمر بمواجهات الخضر بملعب مصطفى تشاكر، إلى درجة أن مواقف السيارت أضحت مكتظة، وبعض الأنصار اتخذوا من سياراتهم غرفا لأخذ قسط من الراحة قبل التوجه إلى الملعب لحضور المباراة التي جاءوا من أجلها. بعد صلاة الجمعة شلّت حركة المرور وبعد انقضاء صلاة الجمعة، يمكن القول إن الأمور بلغت الذروة، باعتبار أن الأماكن المجاورة لملعب تشاكر أضحت مكتظة بالأنصار الذين جاءوا خصيصا لمتابعة المباراة وصنعوا أجواء رائعة ومنقطعة النظير من خلال الأهازيج والغناء والهتاف بحياة الجزائر ولاعبي الخضر، فبالرغم من الحرارة والعطش وتأثير الصيام، إلا أنهم لم يدخروا جهدا وظلوا يساندون ويناصرون المنتخب قبل وبعد أن وطئت أقدامهم مدرجات تشاكر. الأنصار شرعوا في الدخول إلى الملعب ابتداء من الساعة الرابعة مساءً وما إن حانت الساعة الرابعة مساءً، حتى شرعت قوات الأمن بالتنسيق مع المنظمين في استقبال الأنصار وتسهيل دخولهم إلى الملعب، حيث اصطفوا في طوابير طويلة وكل واحد منهم يحمل تذكرته بيده ليسمح له بالدخول، باعتبار أن كل الطرق المؤدية إلى الملعب أُغلقت وخُصّصت فقط للراجلين ولم يتم فتحها إلى غاية نهاية المباراة، علما أن الحركة لم تتوقف في البليدة حتى صبيحة اليوم، باعتبار أن بعض الأنصار قضوا الليلة في العراء. المساحات الموجودة تحت المدرجات حُوّلت إلى مصليات التعب، الحرارة والصيام لم يحدوا من عزيمة أنصار المنتخب الوطني الذين ناصروا الخضر حتى قبل وصول اللاعبين إلى الملعب، حيث تعالت أصواتهم وأهازيجهم وكلهم يأملون في تألق المنتخب الوطني ورؤية مردود طيب من أشبال سعدان، يليق بمستوى تطلعاتهم، بالرغم من أن ثقتهم بسعدان اهتزت والظاهر أن التيار أضحى لا يمر بين سعدان وبين الأنصار الذين أصبحوا يطالبون بقوة بضرورة التغيير .. ومع حلول موعد الإفطار وآذان صلاة المغرب راح الأنصار "يكسرون صيامهم" ثم هم منهم من يؤدون الصلاة إلى الأماكن الموجودة تحت المدرجات لأداء صلاة المغرب مثلما جرت عليه العادة في ملعب تشاكر. الأنصار أحضروا معهم كل شيء وأجواء إفطار رائعة والظاهر أن أنصار المنتخب الوطني أعدوا العُدة لسهرة أمس، بدليل أنهم أحضروا معهم كل لوازم الإفطار، وحتى الأطباق الشعبية الشهيرة كانت موجودة من "البوراك" وبعض الأمور التي يمكن استهلاكها عن طريق "سوندويتشات"، مع إدخال الأنصار لكميات كبيرة من المشروبات ولكن ليس في قارورات حيث كان العصير هو السواد الأعظم في المدرجات، بالإضافة إلى الحلويات التي تمنح صاحبها الحريرات اللازمة لمواصلة المشوار والتشجيع بقوة على غرار "القلب اللوز". تهافت كبير على "شربات" البليدة وبما أن البليدة معروفة بالعصير الذي تشتهر به وخصوصا عصير الليمون، فقد استغل الأنصار الذين قدِموا من ولايات مختلفة لمتابعة المباراة الفرصة لتذوق "شربات البليدة"، سيما وأنها تقدم في أكياس ولا يمنع إدخالها عكس العصير الذي يوجد في القارورات والذي لا يسمح بإدخاله خشية أن يُقدم الأنصار على رشق أرضية الميدان بها فيما بعد. روح تضامنية كبيرة بين عناصر الأمن والأنصار ولعل اجتماع الأنصار وأعوان المنتخب الوطني على الإفطار سويا في المدرجات، خلق تلك الروح التضامنية الرائعة التي قلما نراها، حيث تلاحظ تلك الرحمة والتآلف في هذا الشهر الفضيل من خلال اقتسام الإفطار بين الأنصار وعناصر الشرطة، علما أن أعوان الأمن أفطروا بالتداول فيما بينهم، وإلى غاية بداية المباراة لم نسجل أي تجاوزات وكان كل شيء على ما يرام، والجدير بالذكر أن مثل هذه الأمور تحدث كلما يتعلق الأمر بمباريات المنتخب الوطني التي يحتضنها ملعب مصطفى تشاكر بالبليدة، هذا الأخير أضحى فأل خير على الخضر.