تعتبر مواجهة، أوّل أمس، التي خسرها منتخبنا الوطني أمام المنتخب المغربي برباعية كاملة، برسم الجولة الرابعة من تصفيات كأس أمم إفريقيا 2012، واحدة من بين أثقل النتائج بل من أقوى الصفعات التي تبقى راسخة في أذهان الجزائريين ومنقوشة في تاريخ المستديرة الجزائرية، لتضاف إلى سلسلة الهزائم والمهازل التي كان عرضة لها الخضر. سنحاول في هذا العدد، أن نقدم لكم أشهر الهزائم التي مُني بها منتخبنا الوطني طيلة مشواره الكروي منذ الاستقلال. أكثر من 600 مباراة دولية 15منها سوّدت كرتنا خاض منتخبنا الوطني ما بين تاريخ السادس جانفي 1963 والعاشر من أكتوبر الجاري حوالي 700 مواجهة. أوّل لقاء دولي، جرى بملعب 20 أوت أمام المنتخب البلغاري، وانتهى بفوز "الخضر" بهدفين لواحد وقعهما المرحوم عبد الغني زيتوني وإلى غاية اللقاء أوّل أمس أمام المغرب الذي انتهى لمصلحة هذا الأخير 4/0. هناك مباريات لعلى الكثير ممن عايشوا تاريخ الفريق الوطني منذ الاستقلال قد تناسوها سنحاول سنعيد سردها باختصار شديد.
6 أوت 1969 ببودابست... المجر 9 – الجزائر 2 أثقل هزيمة تعرض لها منتخبنا الوطني بعد الاستقلال، كانت بتاريخ 6 أوت عام1969 أمام المنتخب المجري ببودابست، بنتيجة لا تقبل أي جدل 9/2 في لقاء ودي. الفريق الوطني كان يشرف عليه المدرب الفرنسي لوسيان لوديك، وقبل تنقل زملاء لالماس، سريدي وكالام فأمام جمهور قدر بحوالي 20 ألف مفرج، وكان على خط التماس الأسطورة المجرية ولاعب ريال مدريد لسنوات الخمسينات بوشكاش، فما إنّ أعلن الحكم صافرة البداية حتّى بدأت شباك منتخبنا الوطني تهتز، واحد، إثنين، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة، ثمانية وتسعة. نعم.. شباك منتخبنا الوطني اعتزت تسع مرّات مقابل هدفين لمصلحته. وفور إعلان الحكم صافرة النهائية تنفس اللاعبون الجزائريون الصُّعداء على أن غلة الأهداف توقفت عند التاسع. وبطلب من وزير الشباب والرياضة آنذاك، طلب رئيس الاتحادية من اللاعبين كتمان الخسارة، وراحت الأقلام الجزائرية في تلك الفترة تكتب عن الفريق الوطني خسر مواجهة المجر بنتيجة 3/1. 3 مارس1971... المنتخب الفرنسي الأولمبي 7 - الجزائر 0 أربع سنوات تقريبا من هزيمة العار أمام المنتخب المجري كما ذكرنا منذ قليل بنتيجة 9/2، جدد منتخبنا الوطني العهد مع الهزائم الثقيلة. تحت قيادة المدرب الروماني ماكري سجل الفريق الوطني يوم 3 مارس عام 1971 بالعاصمة الفرنسية خسارة مُذلة للغاية أمام منتخب الديكة الأولمبي، توقفت عند الهدف السابع، وهذا في مباراة ودية استعداد للقاء مالي برسم إقصاءات أولمبياد 1972 التي جرت بمدينة ميونيخ الألمانية. 23 أفريل1971... الاتحاد السوفياتي الأولمبي 7 - الجزائر 2 ثالث هزيمة ثقيلة مُني بها المنتخب الوطني، كانت بتاريخ 23 أفريل 1971 بالعاصمة السوفياتية موسكو، في لقاء ودي إعدادي تحسبا للمباريات الرسمية، لكن يا ليت الفريق الوطني خاض هذا اللقاء، خاصة بعد أن اهتزت شباك الحارس عبروق سبع مرّات.
ثلاثية إسبانيا في بلاد الأزتيك 1986 بعد أن قدّم منتخبنا الوطني وجها طيبا أمام كل من إيرلندا الشمالية والبرازيل في أولى مبارياته في مونديال المكسيك عام 1986، تعادل أمام الأوّل وخسارة أمام الثاني 1/0. جاء اللقاء الثالث أمام المنتخب الإسباني، فرغم أنّ التعادل كان يكفي زملاء لخضر بلومي لبلوغ الدور الثاني، لكن بالنظر لِمَ حدث من مشاكل بين اللاعبين المحترفين بقيادة بن مبروك واللاعبين المحليين بقيادة عصاد، أمام أنظار المدرب رابح سعدان الذي التزم الصمت ولم يحرك ساكنا بما كان يقوم به بن مبروك، جاءت مباراة إسبانيا بأداء باهت للاعبين الجزائريين، لتنتهي بفوز المنتخب الإسباني بنتيجة 3/0. خسارة أسالت دموع الجزائريين، وهم يستعدون للإفطار في آواخر شهر رمضان المعظم، فأقصي "الخضر" من مونديال بلاد "الأزتيك" بطريقة مذلة أمام "المارتادور" الإسباني. ثلاثية العار أمام كوت دي فوار في زيقنشور 1992 ذهب المنتخب الوطني إلى السينغال للمشاركة في نهائيات كأس أمم إفريقيا وكله أمل للاحتفاظ بتاجه القاري، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، حيث خرج الفريق الوطني من الدورة في أوّل دور بطريقة مذلة. النخبة الوطنية شاركت في البطولة بأجود اللاعبين المحليين والمحترفين يقودهم رابح ماجر الذي خاض بالمناسبة آخر دورة إفريقية، إضافة إلى ماجر شارك كل من مناد، بوعافية، فرحاوي، تاسفاوت ودزيري. وكان على رأس "الخضر" الشيخ عبد الحميد كرمالي. وقبل انطلاق البطولة بأسبوعين، أقام الفريق الوطني معسكرا إعداديا بمدينة مراكش المغربية، وهناك حدث ما لم يكن في الحسبان من تمرد العديد من اللاعبين خاصة المحترفين على الشيخ كرمالي وراح البعض يتصرف بطريقة سنتطرق إليها لاحقا عبر هذه النافذة التاريخية. زد على ذلك الانشقاق داخل التشكيلة بين اللاعبين الهواة والمحترفين القادمين من فرنسا (بوعافية – فرحاوي وحراري)، كل هذه الأمور أثّرت على أداء اللاعبين فوق الميدان، حيث تاه رفاق ماجر فوق الميدان في اللقاء الأول أمام كوت دي فوار الذي عبث بدفاعنا وأمطر شباكنا بثلاثية نظيفة، ثأر بها وبنفس النتيجة أثناء دورة الجزائر 1990. هذه الخسارة شكّلت صدمة للجمهور الجزائري الذي كان يتمنى محافظة زملاء صايب على اللّقب. بعد ذلك، التقى فريقنا بالمنتخب الكونغولي الضعيف، لكن رغم ذلك إلاّ أنّه المنتخب الوطني اكتفى بالتعادل هدف لمثله، رغم أنّ الفوز بهدف واحد كان يكفي زملاء الحارس عصماني من بلوغ الدور الثاني، لكن هذا لم يحدث ليخرج الفريق الوطني من الدور الأوّل بطريقة غريبة وعجيبة. فضيحة مراد كعروف عام 1993 مراد كعروف رغم براءته من الفضيحة التي تعرض لها منتخبنا الوطني في مساره إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا التي جرت بتونس عام 1994 حملت اسمه، فدخل الشهرة من أضيق أبوابها لأن اسمه ارتبط بفضيحة حرمت الفريق الوطني من التأهل إلى نهائيات كأس إفريقيا 1994. القضية بل الفضيحة تعود إلى تاريخ 10 جانفي 1993 بالسينغال، عندما قابل منتخبنا الوطني نظيره السينغالي في ملعب "الصداقة" بدكار في إطار تصفيات البطولة الإفريقية. فاز المنتخب الوطني بهدفين لواحد، فوز أفرح الجمهور الجزائري بعد نكسة زيغنشور وزادت من حظوظ الجزائر في التأهل إلى تونس، لكن حدث ما لم يكن يخطر على بال أي جزائري أو سينغالي، وهذا بتسريب معلومة في غاية الأهمية من أحد "الخونة" إلى السفارة السينغالية في الجزائر بخصوص مشاركة كعروف في مقابلة السينغال وهو لم يستوف عقوبته. وفي زمن قياسي راسلت الفيدرالية السينغالية الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم التي فصلت في القضية لصالح السينغاليين قبل لقاء العودة الذي أقيم بمدينة تلمسان. وللذكرى، "الشباك" كانت أوّل صحيفة نشرت تفاصيل الفضيحة قبل إجراء اللقاء ب48 ساعة، لكن من الذي سرّب الخبر بخصوص مشاركة اللاعب كعروف في لقاء الذهاب وهو معاقب؟ سؤال لا زال يبحث عن جواب إلى حد اللحظة. الخروج المخزّي من أوّل دور تصفوي لمونديال فرنسا عام 1998 من المهازل التي لن تمحى من ذاكرة الجزائريين، هي خروج منتخبنا الوطني من أوّل دور تمهيدي من إقصائيات كأس العالم لسنة 1998 بفرنسا. كم كان الشعب الجزائري يحلم بسماع النشيد الوطني يدوّي في سماء فرنسا؟؛ ففي يوم 14 جوان 1996 تقابل منتخبنا المصون نظيره الكيني الضعيف في ملعب 5 جويلية، وكانت نتيجة الذهاب في نيروبي 3-1 لكينيا في نتيجة استغرب لها الجزائريون لكن حلم التأهل ظل قائما. الفريق الوطني كان يكفيه في لقاء العودة الفوز 2-0 لبلوغ الدور الموالي، لكن هذا لم يحدث. كم كانت خيّبة الجمهور العريض كبيرة عندما ضيّع بلال دزيري ضربة جزاء في آخر أنفاس المقابلة بعدما كان منتخبنا متفوق 1-0، ليضيع مع هذه الضربة حلم تأهل الجزائر إلى فرنسا. فور انتهاء المواجهة تمّ إقالة ثنائي التدريب المكوّن من علي فرڤاني والراحل مراد عبد الوهاب، كما لجأ وزير الشباب والرياضة آنذاك العيساوي بحل الفيدرالية الجزائرية بقيادة سعيد عمارة في سابقة أولى من نوعها.
دورة بوركينا فاسو 98... أسوأ مشاركة ل"الخضر" في نهائيات كأس أمم إفريقيا عقب إقالة كل من علي فرڤاني والراحل مراد عبد الوهاب، تم الاستنجاد بالمدرب عبد الرحمن مهداوي، الذي تمكن من تأهيل "الخضر" إلى نهائيات بوركينا فاسو 1998. يومها وعد مهداوي الجمهور الجزائري الذهاب بعيدا في المنافسة وخطف التاج القاري بالرغم من عملية القرعة. أوقعت منتخبنا الوطني ضمن المجموعة الأولى إلى جانب منتخب منظم الدورة بوركينا فاسو، غينيا والكاميرون. وما إن بدأت الدورة حتّى تفاجأ المتتبعين بالمردود الهزيل للاعبين الجزائريين، فبعد خسارتهم اللقاء الأوّل أمام غينيا 2/1، ورغم مرارة الهزيمة طل علينا المدرب مهداوي قائلا إنّ مجرد كبوة لكن الكبوة تكررت في اللقاء الموالي أمام بوركينا فاسو وبنفس النتيجة التي خسر بها أمام غينيا 2/1/، ويتكرر نفس المشهد في اللقاء الثالث والأخير أمام المنتخب الكاميروني ليودّع "الخضر" الدورة بمرتبة أخيرة وبدون رصيد. هذه المشاركة تعتبر الأضعف في جميع المسابقات منذ الاستقلال، وككل مرّة يكون المدرب هو كبش الفداء ولم يجهد الساهرون على الكرة في بلادنا أنفسهم في البحث عن الحلول، فكلما قاموا به هو إبعاد مهداوي عن منصبه وكفى.
للتاريخ نقولها إنّ الوزارة وفرّت للمنتخب الوطني قبل انطلاق تصفيات مونديال كوريا الجنوبية واليابان 2002 كل الإمكانيات المادية والمعنوية لبلوغ الأدوار النهائية، لكن للأسف المدرب عبد الغني جداوي فشل في استغلالها، وراح يسجل الهزيمة تلوى الأخرى بالرغم من استنجاده بخيرة اللاعبين الجزائريين المحترفين خارج الوطن، خاصة في البطولة الفرنسية نخص بالذكر منهم بن عربية، بلماضي، ماموني، تاسفاوت وموسى صايب. تاريخ 11 فيفري 2001، لن ينساه الجزائريين بعد الهزيمة النكّراء التي ألحقها أشبال الجوهري بمنتخبنا الوطني 5/2، وقد امتزجت هذه الهزيمة بما قام به اللاعب بلماضي برميه لقميص المنتخب الوطني أرضا فور استبداله في منتصف الشوط الثاني، ومرّة أخرى خلفت هذه الهزيمة إقالة المدرب عبد الغني جداوي. الثلاثية التاريخية أمام الغابون بمدينة عنابة 2005 في الخامس من شهر سبتمبر من عام 2005، استضاف منتخبنا الوطني نظيره الغابوني بملعب 19 ماي بمدينة عنابة، في إطار إقصائيات كأس العالم التي جرت في العام الموالي بألمانيا. أمام أكثر من 50 ألف متفرج غصت بهم مدرجات الملعب، راح أشبال المدرب البلجيكي يقدمون واحدة من أسوأ مبارياتهم الكروية منذ الاستقلال بالجزائر. فرغم طابع المباراة الرسمية، إلاّ أنّ اللاعبين الجزائريين بقيادة المشاغب عبد الملك شراد الذي طرده الحكم إثر تفوهه بكلمات بذيئة، فجاءت الخسارة المذلة لتعصف بآخر حظوظ منتخبنا الوطني لمواصلة مسيرته نحو بلاد "الجرمان"، فأقصي من منافستي أمم إفريقيا وكأس العالم التي جرت بمصر.
كفالي والخسارة أمام غينيا بملعب 5 جويلية 2005 مباراة أخرى نتوقف عندها، هي تلك التي جرت شهر ماي قبل سنتين من الآن بملعب "5 جويلية" في الجولة ما قبل الأخيرة لإقصائيات كأس أمم إفريقيا التي جرت العام الماضي بغانا. الفريق الوطني الذي كانت تكفيه نقطة واحدة لبلوغ الأدوار النهائية من مباراتين أمام غينيا وأمام غامبيا، حدث ما لم يكن في الحسبان حيث فشل في حصد أي نقطة. جاءت مواجهة غينيا التي احتضنها ملعب "5 جويلية" أمام حوالي 80 ألف متفرج سريعة، وبدت في البداية أن الفريق الوطني بقيادة صايفي قادرون بهز شباك، لكن سرعان ما تلاشت هذه السرعة وانتقلت لمصلحة الغينين، فجاء الهدف من هذا الأخير في المرحلة الثانية، ليشكل صفعة قوية للجماهير التي لم تصدق بعد إعلان الحكم صافرة النهاية بخسارة "الخضر" لقاء غينيا 1/0، ليدخل أشبال المدرب كافالي دائرة الحسابات، وهي الحسابات التي أقصت الفريق الوطني بعد خسارته لقاء غامبيا الأخير 2/1.
الثلاثية التاريخية أمام مالاوي ورباعية ّالفراعنةّ نبقى مع الهزائم الثقيلة التي مُني بها منتخبنا الوطني لنتوقف مع الخسارة التي يمكن وصفها بالمذلة أمام منتخب مالاوي في نهائيات كأس أمم إفريقيا الأخيرة بأنغولا، ونبقى في هذه البطولة فقد مُني منتخبنا بهزيمة ثقيلة في الدور نصف النهائي أمام منتخب مصر برباعية كاملة.
الثلاثية أمام صربيا وأخرى أمام إيرلندا 2010
هزائم العار التي مني بها منتخبنا الوطني لم تتوقف عند هذا الحد، بل تبعتها هزيمة ثقيلة في إطار تحضيراته لكأس العالم الأخيرة. الأولى كانت أمام منتخب صربيا بنتيجة 3/0 وبنفس النتيجة خسر مواجهة إيرلندا، ورغم ذلك لم يحرك القائمون على شؤون كرتنا شيئا وبقي المرض ينخر جسم كرتنا، وأغبياء مَن هللوا بتعادلنا أمام إنجلترا في مونديال جنوب إفريقيا.. فالشجرة لا تغطي الغابة.
منتخب إفريقيا الوسطى يهين "الخضر" 2010 كما سبق الذكر، وبما أنّ الشجرة لا تغطي الغابة، مني المنتخب الوطني في ثاني جولة تصفوية من كأس أمم إفريقيا المقبلة مطلع شهر أكتوبر الأخير 2010 هزيمة غير منتظرة أمام منتخب ضعيف جدا جدا اسمه إفريقيا الوسطى، خسارة هاهو يدفع ثمنها غاليا، حيث بات بحاجة إلى معجزة لبلوغ الأدوار النهائية لكأس أمم إفريقيا 2012.
أسود المغرب يذلون المحاربين برباعية نظيفة آخر مواجهات المهازل نتوقف عندها، تلك التي مُني بها "الخضر" سهرة أوّل أمس أمام المنتخب المغربي بنتيجة لا تقبل أي جدل أربعة أهداف كاملة، في لقاء نجا فيه منتخبنا الوطني من خسارة جدّ مُرّة، حيث كان بإمكان اللاعبين المغاربة تسجيل ضعف ما دخل مرمى الحارس مبولحي لولا يقظة هذا الأخير، ونقولها للتاريخ إنّه أنقذ شباك الجزائر من حصة لا تعد ولا تحصى من الأهداف. تلكم باختصار أهم الهزائم التي مُني بها منتخبنا الوطني الجزائر منذ الاستقلال، نتمنى أن نكون قد وفقنا فيما اخترناه لكم.. فذكر إنّ الذكرى تنفع المؤمنين. كريم مهدي