"كنافارو صديقي ونعيش في نفس المنطقة وزوجتينا صديقتين" "الميلان يستحق لقب البطولة ولم أتابع كثيرا الدوري الإيطالي بسبب التزاماتي هذا الموسم"
في 28 أفريل الماضي، فاجأ لاعبو النصر الإماراتي مدربهم الإيطالي والتر زنغا بكعكة عيد ميلاده، وعلى الرغم من تأثره وامتنانه للمشاعر الرقيقة واللفتة الإنسانية الرائعة، إلاّ أنّ زنغا لم يكن سعيدا بالأمر، فقد ذكّره هذا الاحتفال بأنه دخل العقد السادس من عمره حيث أكمل عامه الواحد والخمسين. هذا ويُبدو المدرب مُقدِّرا لقيمة وأهمية مثل هذه المناسبات في إشاعة أجواء من الود والتآلف بين أعضاء الفريق، كما أنّ زنغا يؤمن بأن دور المدرب ليس مجرد اختيار اللاعبين وتدريبهم، بل إقامة علاقات طيبة مع الإدارة والصحافة والمساعدين وقبلها الحفاظ على أجواء ودية مع اللاعبين. والتر زنغا الفائز بالمركز الثالث مع منتخب إيطاليا في مونديال 1990، الحارس الذي اشتهر بلقب "الأخطبوط" نظرا لمهاراته في التصدي للمنافسين، الأمر الذي أهله لتسجيل رقم قياسي في بطولات كأس العالم بالمحافظة على شباكه نظيفة طوال 518 دقيقة. والتر زنغا الذي خلع قفزاته في التاسعة والثلاثين من عمره، ليبدأ مسيرته كمدرب جاب ثلاث قارات ليعمل في ستة دول، حيث يستقر حاليا في دبي مدربا لنادي النصر الإماراتي.
كيف هي حياتكم في منطقة الخليج؟
بالطبع تختلف عن أي مكان آخر عشت فيه، فلكل مكان خصوصيته وعاداته وتقاليده، والحياة في السعودية أو الإمارات قريبة من تركيا التي عشت فيها فترة. أنا أحترم عادات وتقاليد كل دولة وخصوصيتها الثقافية، أمّا كرة القدم فهي كما هي لا تتغيّر من مكان لأخر، وكل ما أحاول القيام به هو نقل الفكر الاحترافي الأوروبي للاعبين لأن هذا ما يحتاجونه. أنا أؤمن بأن كل شخص لديه ما يميزه ومهمتي كمدرب اكتشاف أفضل ما في هؤلاء اللاعبين الذين أتعامل معهم من أجل تقديم عمل جيّد في الملعب.
هل كنتم تتوقعون أن تصل بكم الكرة إلى هذه البقعة من العالم؟ هناك أشياء لا يتوقف عندها المرء طويلا، فقد أوصلتني الكرة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية لألعب حتّى الاعتزال وبدأت مشواري كمدرب هناك. خضت تجارب مختلفة بدأت من إيطاليا مع فريق للهواة وبعدها تنقلت للعمل في عدة دول ومع أندية مختلفة.
وهل كانت البداية سهلة فحارس مرمى ينظر له دائما بأن مهمته الأنسب بعد الاعتزال هي تدريب حراس المرمى؟ لا يوجد عمل سهل، أنا أعتبر أنّ مقولة حارس المرمى لا يستطيع أن يكون مدربا جيدا من الموروثات السخيفة التي لا مبرر لها. في عالم الكرة هناك أشياء لا تجد لها مبررا، والمدهش أنّ الناس ترددها بلا وعي حتّى توشك أن تصبح حقيقة دون أصل لها، مثلا يوصف لاعب بأنه مجنون عند الحديث عن تصرف معيّن ارتكبه لكنه يظل موصوما بالجنون مدى الحياة، تماما مثل مقولة كيف يصبح حارس المرمى مدربا وأنا أسألهم ولمَ لا يكون مدربا ماذا يمنعه؟، ينسون أسماء عظيمة صنعت تاريخها كانوا حراس مرمى وأصبحوا فيما بعد مدربين عظام أمثال الروماني فالنتين شتناسكو والبلجيكي ميشال بوردوم، وأعتقد أنهما دليلان على أن حارس المرمى بإمكانه أن يكون مدربا عظيما.
كيف تصفون تجربتكم حتّى الآن؟ أنا سعيد بما حققت، أعيش من أجل الكرة أعطيتها أربعين عاما من عمري ولدي استعدادا للمزيد، أمنحها مشاعري وكل حياتي ولهذا أشعر أنّي أسير على الطريق الصحيح. أمّا إذا كنت أعمل في عالم الكرة لكي أعيش فهذا لا يعني سوى السير في الطريق الخطأ. وكأي شخص هناك في مسيرتي لحظات جميلة وأخرى غير ذلك، لكن هناك شيئا تعلمته طوال حياتي وهو ألا أنظر ورائي أبدا، ولهذا لا أحتفظ في منزلي بصور لي كلاعب، ولا أحب أن أتبادل حديث الذكريات مع زملائي القدامى، ما حدث حدث وأصبح من الماضي وليس من المفيد التحدث عن أمور مضى عليها ما يزيد عن عشرين سنة. أحب التفكير في الحاضر والمستقبل، فقد لعبت مباريات كثيرة ومررت بأوقات سعيدة وأخرى صعبة وجميعها ساعد في تكوين خبراتي. بدأت لعب الكرة في التاسعة من عمري وواصلت مشواري لألعب على مستوى عال والآن أدرب فرق على مستوى عال، منحني الله موهبة، حافظت عليها ولم أهدرها أو أستغلها بشكل سيئ. ربما يكون مونديال 1990 واحدة من أهم المحطات في حياتي لكنها أصبحت من الماضي.
ألا تتوقفون عند أي مرحلة في حياتكم؟ ما أؤمن به حقا هو أنّ الله منحني موهبة، حافظت عليها ولم أهدرها قط، وحققت في مسيرتي الكثير كلاعب، شاركت في كأس العالم، ومثلت بلادي في عدد كبير من المباريات وحققت الكثير، لعبت لأندية عدة منها النادي الذي تعلقت به منذ الطفولة، فقد لعبت لإنتر ميلان بل وساهمت في فوزه بالألقاب.
ألم تحلموا بتدريب إنتر ميلان يوما؟ إن تلقيت عرضا بالطبع لن أرفض، لكنّني لا أسرف في مثل هذه الأحلام، ولا أجلس منتظرا لحدوث أمر كهذا أنا أحب عملي وأفضل التركيز فيه، وأنا أعمل حاليا مع النصر وأسعى بتقديم أفضل ما لدي لتحسين أحوال الفريق.
يقول البعض إنّ عملكم في المنطقة العربية قد يؤثر على عودتكم للتدريب في أوروبا.. ما رأيكم؟ إذا كانت الناس تفكر بهذه الطريقة فأنا لست كذلك، وإذا كان البعض يرون أنّي مدرب ضعيف أو فاشل لأنّي لست في أوروبا فأنا لا أهتم بذلك، حياتي هي المكان الذي أعيش فيه وليست المكان الذي من المفترض أن أكون فيه، أنا أستمتع بحياتي وتجاربي الحالية، ولا أفكر في سواها، هدفي دائما تحقيق النجاح، فأنا أعمل في نادٍ كبير وكل الأندية التي دربتها من قبل كبيرة جدا، نذكر منها "ستيوا ودينامو بوخارست" في رومانيا، "ورد ستار" في صربيا، "العين" في الإمارات، "النصر" في السعودية، "كاتانيا" و"باليرمو" وهما ناديان كبيران في إيطاليا. والأمور لا تقاس بهذه الطريقة على الأقل بالنسبة لي.
كيف ترون الأمور إذن؟ لا أنظر للمكان قدر تقييمي للعمل المقدم والجهد المبذول، فالأمر لا يتوقف على أسماء الأندية التي أشرفت على تدريبها ولكن إلى ما قمت به مع كل منها.. عملت مع ثلاث من أكبر أندية رومانيا وتوّجت بطلا للدوري مع "ستيوا بوخارست" موسم 2004/2005، كما حققت لقب الدوري الصربي مع "ردستار بلغراد" موسم2005/2006. وبعيدا عن التتويجات، أنجزت نجاحات كبيرة كمدرب شهد بها الكثيرون، فقد قدّمت عملا كبيرا مع "كاتانيا" الذي تسلمته على حافة السقوط إلى الدرجة الثانية عام 2008 ليبقى في المسابقة، وفي الموسم التالي، أدى مباريات كبيرة وتقدم في سلم ترتيب الدوري الإيطالي في منطقة الوسط، فضلا عن ظهور الفريق بشكل مميّز بأداء قوي وطريقة لفتت الانتباه إليه كفريق يقدم كرة قدم مميزة. وحتّى الفرق التي لم أستمر معها طويلا مثل "باليرمو" في إيطاليا أو "العين" الإماراتي و"جازينتيبي" التركي تركت أثرا طيبا في كل منها، أمّا "النصر "السعودي فقد تركته في ظروف مغايرة، لكن بعد أن تركت فريقا في المرتبة الثانية بجدول الدوري ولم أخسر أية مباراة أمام المنافسين الكبار، بالإضافة إلى أنّي اعتمدت على مجموعة هي الأصغر عمرا في المسابقة.
ما هي أكبر المشكلات التي واجهتكم في مسيرتكم كمدرب؟
اللغة إنها أكبر مشكلاتي، مع "كاتانيا" و"باليرمو" كانت الأمور سهلة كنت أتحدث بالإيطالية مع اللاعبين ووسائل الإعلام دون الحاجة للترجمة وهذا أسهل بالتأكيد، وعلى الرغم من أنّي أتحدث الإنجليزية لكنها ليست لغتي الأم، وكثيرا ما كانت الفرق تضم لاعبين محليين وأجانب من جنسيات وثقافات مختلفة، مثلا في" النصر" الإماراتي أعطيت تعليماتي لتترجم إلى ثلاث لغات الفرنسية لبانجورا والإسبانية لليما والعربية للاعبين الصغار بالفريق، وهذا أمر صعب، أنْ تترجم كل عبارة ثم تعود لاستكمال فكرتك مما يدفعني لاستخدام عبارات بسيطة حتّى أستطيع إيصال أفكاري مباشرة للاعبين.
كيف تقضون وقتكم في دبي؟ ما بين التحضير للتدريبات والتدريبات والمباريات، أعمل لفترات طويلة في المتوسط خمس أو ست ساعات يوميا. وبعيدا عن الميدان، فأنا أقضي وقتي مع أسرتي حيث ألعب مع ابنتي سميرة وأحيانا نتناول الطعام مع بعض الأصدقاء أو مع مساعدي.
هل تلتقون بمواطنكم كانافارو؟ نحن أصدقاء ونعيش في نفس المنطقة وزوجتينا صديقتين.
لماذا اخترتم اسما عربيا لابنتكم؟ زوجتي تجيد ثماني لغات منها العربية التي تعلمتها في المدرسة برومانيا ونحن نحب هذه المنطقة من العالم، واتفقنا على اختيار اسم عربي لطفلتنا وكان سميرة (SAMIRA) التي تشكل حروفها كلمة حبيبتي بالإيطالية. ولو رزقنا بطفلة ثانية سنبحث عن اسم عربي لها، إننا نحب هذه المنطقة من العالم ونستمتع بالعيش فيها، وعلى الرغم من أنّ إقامتنا في الرياض لم تدم أكثر من ستة أشهر، إلا أنها كانت كافية لكي نتعلق بها بل إن زوجتي ودّعتها بالدموع وظلّت يوما كاملا تبكي للرحيل عنها.
هل تختلف الحياة في السعودية عن الإمارات؟ لا أعتقد أنّ هناك اختلافات كثيرة، فالعادات والتقاليد والأجواء ذاتها، لكن يبدو أنّ هناك اختلاف بعض الشيء في عالم الكرة، فأجواء المباريات مختلفة، في السعودية المدرجات تضج بالجماهير والمناخ العام حماسي، ومن المعتاد أن يمتلئ الملعب في كل مباراة بثلاثين أو أربعين ألف متفرج، أمّا في الإمارات فمتوسط عدد المتفرجين أقل.
كيف عشتم أجواء داربي الرياض بين النصر والهلال؟ كانت هناك مباريات كبيرة للنصر مع الهلال والشباب والاتحاد ولم أخسر أي منها، كانت جماهير "النصر" رائعة وقريبة دائما من الفريق وتسانده في كل مكان.
ما رأيكم في فوز ميلان بلقب بطولة الدوري الإيطالي هذا الموسم؟ لا يمكنني تقييم المسابقة، لم أتابعها بشكل جيد بسبب فروق التوقيت وأحيانا تعارض أوقات عرض المباريات مع التزاماتي مع فريقي.. لكنني مقتنع بشكل عام أنّ أي بطل في مكان أو زمان يستحق الفوز باللقب لأنه يحصد ثمار موسم طويل من الانتصارات، وإذا أنهاه على القمة فحتما يستحق أن يكون بطلا. بتصرف: وسيم عباس