تكوّنت لدى المتتبعين فكرة واسعة خلال السنوات الأخيرة ، أن اللاعب الألماني احترافي عبر أدائه فقط لأبعد الحدود لكنه على الصعيد الآخر لا يتمتع بالعقلية الجيدة في تحديد مستقبله ومصيره في الملاعب، فنجد اللاعب يرتقي على سلم النجومية، والكل يتوقعون أن ينتقل لواحد من مصاف الفرق الأوروبية التي تتصدر دورياتها، ثم نتلقى صدمة منه تلو الصدمة، سواء بانتقاله لفريق أقل أو فريق لا يناسبه من الناحية الخططية وأساليب اللعب، وبالتالي يقتل اللاعب الألماني نفسه بنفسه . نصبّ تركيزنا على هذا النوع من اللاعبين الألمان، الذين فشلوا في تحديد هويتهم المستقبلية وفقدوا معها نصف مستواهم، ومنهم من فقد مستواه كله. وسنورد أبرز خمسة لاعبين منهم بالترتيب :
1- تيمو هيلدبراند... يقضي على مستقبله بانتقاله إلى فالونسيا
القليل من يعرف هذا الحارس جيداً ويعرف أنه كان الحارس الأول للمنتخب الألماني منذ اعتزال يانز ليمان إذا ما سارت الأمور بالشكل المطلوب. لكن الغباء الاحترافي على مستوى التنقلات أصابه هو الآخر . يُعد تيمو واحدا من نتاج قطاع الناشئين في شتوتغارت، وُلد في 5 أفريل 1979. وينشط حاليا في نادي سبورتنغ لشبونة البرتغالي. كان يلعب مع نادي شتوتغارت الألماني الذي فاز معه بالدوري سنة 2007 قبل انتقاله في جوان 2007 إلى فلنسيا الإسباني، ومنه عاد إلى هوفنهايم مرة أخرى في شتاء موسم 2008/2009. وفي سبتمبر 2010 انتقل إلى سبورتنج لشبونة في صفقة انتقال حر، الذي طالما كوّن المواهب وصعد بعدها للفريق الأول ليلعب كحارس فيه على مدار 8 سنوات، شارك خلالها في 221 مباراة، ختمها بالتتويج بلقب الدوري الألماني التاريخي في 2007. ومع رفع درع البوندسليغا في المباراة الأخيرة كان هيلدبراند قد أعلن عن موته... أي جنى على مسيرته بانتقاله إلى فالونسيا الإسباني .
من سوء الطالع أنه لعب في أسوأ موسم للخفافيش
صادف انتقال هيلدبراند إلى فالونسيا واحدا من أسوأ مواسم الخفافيش الإسبانية على مر التاريخ، حيث تحول الحارس الألماني الكبير من أداة تعيق دخول الكرة المرمى إلى مقطع من فيديو يتكرر خمس أو ست مرات في المباراة الواحدة، نهايته تصور تيمو ملقى على الأرض والكرة متعدية خط المرمى، ونصف فريق فالنسيا يضع أيديه على رأسه، فقد كان دفاع الفريق متشتتا بشكل غير طبيعي .
أنعش مسيرته في هوفنهايم وجنى عليها بالتعاقد مع لشبونة
اتخذ هيلدبراند قرارا سليما عندما لاحظ أن فرص حراسة المنتخب الألماني قد طارت منه لصالح روبيرت إنكه، ومن بعده لرينيه آدلر ومانويل نيوير. وأيقن أنه الأحق بذلك بعد موسم كامل قضاه بعيداً عن كرة القدم ما بين 2008-2009، فقرر الانضمام إلى هوفنهايم الوافد الجديد للبوندسليغا في انتقالات الشتاء . بعدما حقق الفريق مفاجأة تصدره الدوري في أول مواسمه، واصل هيلدبراند أداءه في هوفنهايم عبر موسم كامل، استعاد خلاله الكثير من مستواه المعروف عنه، وكان قريباً من الانضمام لتشكيل المنتخب الألماني المشارك في كأس العالم 2010، لكنه عاد لتصرفاته مرة أخرى بعدما قرر أن يوقّع عقداً للانضمام إلى سبورتنغ لشبونة البرتغالي، ومنذ ذلك الحين ولا أحد يرى هيلدبراند تماماً بعدما أصبح الحارس الثالث هناك بعد البرتغالي روي باتريكيو، والقائد الثاني للفريق تياغو فيريرا، فاستحق أغبى قرار انتقال للاعب ألماني خلال الآونة الأخيرة، سواء عن انتقاله إلى فالنسيا أو انتقاله إلى سبورتنغ لشبونة، لأنهما سيّان .
2- ميروسلاف كلوزه.. من هداف البوندسليغا إلى صفر هدف مع بايرن ميونيخ أسوأ صفقة للاعب ألماني خلال السنوات الأخيرة بشهادة الجميع لسببين، أولهما أنه لاعب مشهور جداً وربما أشهر لاعب ألماني بجوار بالاك، وهو ميروسلاف كلوزه. ثاني الأسباب أن هذه الصفقة قضت على حياته التهديفية المحلية تماماً! فباستعراض حياة كلوزه في الملاعب لمن لا يتابعون البوندسليغا فمن المؤكد أننا سنصدمهم صدمة كبيرة عندما يكتشفون أن اللاعب العاجز عن التهديف محلياً، سبق له أن حصل على لقب هداف البوندسليغا برصيد 25 هدفا، وصنع 16 هدفا في موسم واحد، شارك خلاله في 26 مباراة فقط، ما يوازي تقريباً صناعة نصف هدف، وتسجيل هدف في كل مباراة. من هداف تاريخي للبوندسلبغا إلى أسوأ مهاجم أرقام كلوزه فاقت ذلك، فهو ثاني أفضل هداف للبوندسليغا على مر العصور بعد الأسطورة الألمانية جيرد مولر. كان نجماً متوسطا مع كايزرسلاوتيرن، لكن بريمن منحه الفرصة للتألق التام خلال ثلاثة مواسم ما بين 2004 و2007، حيث شارك معه في 89 مباراة، وسجل 53 هدفا، وكان هدفاً يسعى له جوفينتوس الإيطالي وبرشلونة الإسباني في صيف 2007 بعد تألقه في كأس العالم بفترة وحصده للقب الهداف، لكنه قرر أن لا يغادر ألمانيا واكتفى بالانتقال من بريمن إلى بايرن ميونيخ، ليبدأ في هبوط السلم التهديفي المحلي. اعتبر في البداية بأن الحظ لم يحالفه، تألق بعدها في المونديال وعاد إلى نقطة الصفر في البطولة عندما شارك كلوزه بجوار لوكا توني ولم يسجل الكثير من الأهداف، توقع البعض في البداية أن يكون عسر الحظ فقط وراء ذلك. وبمرور الوقت رحل لوكا توني وانضم أوليتش، وفشل كذلك كلوزه في تقديم المستوى المأمول ولازم مقاعد البدلاء مرة أخرى. وعندما جاءت بطولته المفضلة، وهي كأس العالم، فوجئ الجميع بكلوزه ينتفض ويقود المنتخب الألماني لانتصارات مدوية ورائعة، ويواصل زحفه نحو لقب أفضل هداف في تاريخ كأس العالم، ولكن عندما عاد للدوري الألماني عاد معه الصيام التهديفي، فكان من الواجب عليه أن يتيقن أن العيب ليس فيه كمهاجم ولكن في خطط وأسلوب الفريق، الذي يلعب فيه. صيام كلوزه التهديفي صاحبه فترات من اليأس المطلق، حيث فكر في الاعتزال لمرات، وفكر في العودة لفريقه القديم كايزرسلاوتيرن قبل كأس العالم. وحتى إن فكر في خوض تجربة احترافية خارج ألمانيا سيجد الفريق الذي سيطلبه، ولكن يجب عليه في البداية أن يتخلص من تفكيره الغريب الذي ينتهجه في سوق الانتقالات. 3- لوكاس بودولسكي... من لاعب قهر ميسي ورونالدو إلى لاعب متخصص في الشغب مع أفسي كولون من منافس نجح في قهر ميسي ورونالدو إلى لاعب متخصص في الشغب على أرض الملعب مع فريق دون المستوى! لوكاس بودولسكي كان من المفترض أن يكون أفضل لاعب في المنتخب الألماني حالياً بجوار باستيان شفانيشتايغر. فعندما فاجأ يورغن كلينسمان الجميع بضمه إلى تشكيلته المشاركة في كأس العالم 2006 رغم كونه لم يتعد الواحد والعشرين عاما، كان الجميع يتوقعون أن يجلس لوكاس احتياطاً تاركاً مكانه لكوراني وكلوزه، لكن الشاب الطامح فرض نفسه أساسياً في كأس العالم. لوكاس بودولسكي من مواليد 4 جوان 1985 بمدينة غليفيسا جنوب بولندا. ويحمل الجنسيتين الألمانية والبولندية. ويتميز اللاعب بسرعته وتمريراته العرضيه وتسديداته القوية للكرات بالقدم اليسرى فقط، وهو يلعب في الهجوم أو في الجناح الهجومي. أول مباراة لبودولسكي كانت أمام المنتخب المجري في 6-6-2004. بودولسكي محبوب الجماهير الألمانيه خاصة جماهير كولن رغم كونه من أصغر اللاعبين الألمانيين. وأُطلق عليه أمير كولن. وقد أدهش الجميع عندما حاز على جائزه أفضل لاعب شاب بكأس العالم 2006 منافسا كرستيانو رونالدو، وحقق عدة إنجازات في مسيرته، أهمها أفضل لاعب شاب في كأس العالم 2006، والمركز الثاني مع منتخب ألمانيا في كأس الأمم الأوروبية 2008، والمركز الثالث مع منتخب ألمانيا في كأس العالم 2010. عجزٌ عن التسجيل وتراجعٌ رهيب في المستوى من يجلس أمام شاشات التلفاز لمتابعة البوندسليغا يصاب بداء التعجب عندما يرى لاعبا حصد لقب أفضل لاعب صاعد في كأس العالم 2006 على حساب كرستيانو رونالدو، أفضل لاعب في العالم لاحقاً وليونيل ميسي أفضل لاعب في العالم كذلك، لا يصدق أبداً أنه نفسه اللاعب الذي يعجز عن التسجيل في المباريات المحلية مع فريق كولن.. بل لن يصدق أن بودولسكي لازال ينشط في فريق مثل كولن من الأساس. صعد بودولسكي كناشئ مع كولن قبل أن ينضم لبايرن ميونيخ في 2006، ليصادف تقلب المستوى والأداء عبر ثلاثة مواسم ختمها باليأس في ظل تواجد الهداف الإيطالي لوكا توني والآخر الألماني ميروسلاف كلوزه، وقرر العودة لفريقه القديم رغم أنه كان يمتلك قائمة من العروض الكبيرة من أندية كبرى في دوريات أخرى أوروبية، ولكن بودولسكي أصر على قراره الغريب.
في موسمين سجل 6 أهداف فقط بودولسكي رغم استعادته جزءا من بريقه في كأس العالم 2010 إلا أنه لازال متخصصاً في شغب الملاعب وليس في تألقها! حيث شارك مع كولن عبر موسمين في 42، مسجلاً عدد أهداف لا يدل على كونه مهاجما، فهو لم يهز الشباك سوى 6 مرات، بل قدّم مستوى قد يُجبر مسؤولي كولن على التخلي عن خدماته مع مرور الوقت. 4- ميكائيل بالاك... فشل ذريع للقيصر الألماني في تشيلسي كثيرون لم يمجدوا انتقال القيصر الألماني لفريق تشيلسي الإنجليزي رغم فشله الواضح هناك، ربما لأنه كان يشارك أساسياً لفترات كبيرة.. أو لأنه تقلد شارة قيادة المنتخب الألماني، وهو منسوب لتشيلسي.. أي أنه كان السبب، لكن بالاك كان هدافاً وصانعا للأهداف ولاعب ارتكاز مدافع في بايرن ميونيخ، وكان دائماً يقود بايرن ميونيخ لانتصارات دولية ومحلية. ونسبته التهديفية مع الفريق تدل على ذلك، حيث سجل 44 هدفا في 107 مباراة. مايكل بالاك من مواليد 26 سبتمبر 1976، يجيد اللعب في مركز خط الوسط. وكان قائد المنتخب الوطني الألماني قبل أن تناله الإصابة قبل انطلاق نهائيات بطولة كأس العالم لكرة القدم 2010 ويتولى فيليب لام مكانه. ويُعد واحدًا من بين أكثر الهدافين في تاريخ منتخب بلاده. ارتدى بالاك القميص رقم 13 في جميع الفرق التي لعب لها عدا ظهوره مع فريق كايزرسلاوترن. اختاره بيليه ضمن قائمة أفضل 125 لاعب كرة قدم حي. كما حصل على جائزة أفضل لاعب وسط في الاتحاد الأوروبي لسنة 2002. وفاز بالاك بجائزة أفضل لاعب كرة قدم في ألمانيا ثلاث مرات، في 2002 و2003 و2005. فاجأ الجميع بقبوله عرض أبراموفيتش ليصبح أغلى لاعب ألماني فقط بالاك الذي صعد ناشئاً في صفوف كاميتزر إف سي ثم انتقل لكايزرسلاوتيرن ومنه لليفركوزن ثم بايرن ميونيخ، قرر فجأة الموافقة على العرض المالي المغري للعملاق المالي الروسي رومان أبراموفيتش فقط ليصبح أغلى لاعب الماني ويتقاضى المرتب الأكبر في الدوري الإنجليزي ويسقط كروياً... نعم يسقط كروياً فهو لم يقصد نصف ما قدمه مع بايرن ميونيخ، واقتصر أداؤه على لعب الأدوار الدفاعية، ولم يسجل سوى 17 هدفا، وانضم بذلك لقائمتنا كواحد من أسوأ قرارات الانتقالات الألمانية في عالم كرة القدم، وهذا كله بعدما كان الجميع ينتظرون منه تجديد عقده في باريرن ميونيخ.
ثاني خطأ في عودته إلى ليفركوزن على حساب البايرن بعد تجربته في الدوري الإنجليزي لم يعرف لماذا قرر بالاك العودة إلى باير ليفركوزن، واعتبره فريقه القديم رغم أن بايرن ميونيخ فتح أبوابه له وكان متوافقاً مع عودته للفريق، خاصة أنه مثل بايرن ميونيخ أكثر مما مثل أي فريق آخر. ويُعد بايرن ميونيخ الفريق الذي قدمه للنور بشكل قوي عن باير ليفركوزن.. ربما لو فعل الطبيعي وانضم لبايرن ميونخ قادماً من تشيلسي لكان تجنب صراعه مع فيليب لام على قيادة المنتخب الألماني. 5- كريستيان جينتنر... عودة كارثية إلى شتوتغارت الدولي الألماني السابق ذو 25 عاما لم يكن من نتاج قطاع الناشئين في شتوتغارت الألماني من الأساس، ولكنه انضم له من فريق كريشيم في عمر مبكر، وقضى خمس سنوات في قطاع الناشئين، وكان واحداً من اللاعبين الجيدين الذين أنتجهم قطاع ناشئي شتوتغارت في تلك الفترة بجوار الدولي الألماني الآخر أندرياس بيك لاعب هوفينهايم الحالي. في موسم 2004-05 20، لعب 28 مباراة، أحرز ست مرات لفريق (الدرجة الثالثة) شتوتغارت. وفي الموسم الموالي قال إنه لأول مرة في تاريخ الدوري الألماني ضد هيرتا برلين في 20 فيفري 2005 (1-0). في عام 2006، تم تمديد عقد جينتنر في شتوتغارت حتى عام 2010. وفي 18 جويلية 2007 أعير لفولفسبورغ حتى صيف 2009. وفي 11 أوت 2008 تم التوقيع على اتفاق دائم مع جينتنر وفولفسبورغ. وفي 2010، أعلن اللاعب عن انضمامه إلى شتوتغارت في نهاية الموسم الحالي. وبعد نهاية عقده مع الذئاب عاد إلى شتوتغارت في صفقة انتقال حر. نادي شتوتغارت تخلى عنه بالصدفة شتوتغارت تخلى بالخطأ عن مجموعة من المواهب كان على رأسها جينتنر اللاعب الجناح، وأندرياس بيك الظهير الأيمن، فذهب جينتنر إلى فولفسبورغ في 2007، وانضم بيك لهوفنهايم في 2008. وبدأ الناديان في تسطير تاريخ حقيقي لهما، فخاض جينتنر مع فولفسبورج 99 مباراة، سجل خلالها 11 هدفا، وبات واحدا من الأعمدة الرئيسة للفريق في موسمه الأخير هناك. ونجح في الالتحاق بالمنتخب الألماني بفضل أدائه، ليقرر جينتنر أن يصدم متابعيه.
فضّل العودة إلى شتوتغارت في أعز عطائه فكانت النهاية! رفض جينتنر في 2009 تجديد تعاقده مع فولفسبورغ وقرر العودة إلى فريقه القديم شتوتغارت، ربما بفضل العاطفة، بعدما شارك مع فولفسبورغ في دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي، لكن من يرى جينتنر في الموسم الموالي يتأكد أنه اتخذ أسوأ قرار في حياته المهنية، خاصة في ظل سقوط شتوتغارت المريع هذا الموسم. وفشل اللاعب نفسه في تقديم نصف الأداء الذي كان يقدمه مع فولفسبورغ، ليضع نفسه في قائمة أبرز اللاعبين ذوي قرارات الانتقال الخاطئة في البوندسليغا. الغريب أن فولفسبورغ منحه أول وآخر وأغلى بطولة في مسيرته، وهي الدوري الألماني لأول مرة في تاريخه وفي تاريخ فولفسبورغ كذلك. يُذكر أن كريستيان جينتنر قدّم أداء متواضعا هذا الموسم رغم تسجيله 5 أهداف، على عكس الأداء الذي كان يقدمه من قبل.