شهدت الجزائر العاصمة تدفقا هائلا نهاية الأسبوع، لأعداد كبيرة من المسافرين العاملين بمختلف المؤسسات والهيئات إلى جانب الطلبة الجامعيين ومجندي الخدمة الوطنية، وذلك على مستوى محطات السفر المختلفة والمتجهين نحو الولايات الداخلية للوطن، وفيما نال البعض مبتغاهم تعطل البعض الآخر لموعد لاحق قد يكون اليوم أو غدا على أكثر تقدير ليشارك فرحة العيد الأضحى وعملية النحر رفقة الأهل والأحبة. ونحن على مشارف المحطة البرية بالخروبة، وفي حدود الحادية عشرة صباحا من يوم أمس، شهدنا حركة على غير المعهود من حيث الحالة النفسية التي كانت تطبع قاصدي المحطة وعلى أكتافهم حقائب السفر، وأمتعة قضاء أيام العيد التي تزامنت مع نهاية السنة، مما سيكون سببا في تمديد العطلة بالديار مسقط الرأس فقد كان هؤلاء يسرعون من أجل الوصول إلى الشبابيك بهدف الظفر بتذكرة الرحلة المنتظرة، غير أن الشبابيك التي تظهر في سائر الأيام وكأنها تدعوك إلى السفر، أضحت لا يرى منها القابض إلى درجة أنه حتى لائحة الاتجاهات المختلفة على مستوى شباك كل من تبسة، عنابة، قسنطينة، عين البيضاءبجاية، كادت تحتجب بسبب كثافة المسافرين حول الشبابيك. عندما دقت الساعة منتصف النهار وعشر دقائق بلغت الطوابير بشبابيك التذاكر للجهة الشرقية أوجها وتجسدت صورتها الحقيقية في شباك كل من بجاية وشباك تبسة الذي يضم جهات أخرى كقسنطينةوعنابة تجمع أمامه المسافرون في شكل دائري تجاوز قطره الخمسة أمتار، مما جعل القادمين في تلك اللحظة لا يفكرون على الإطلاق في الوصول إلى القابض في الساعة الموالية لذلك، نفس الشيء مع شباك كتب عليه "عين البيضاء، سكيكيدة، عنابة، قسنطينة، قالمة"، بجانب هذا الأخير يوجد شباك آخر لعين البيضاء يبدو في الوهلة الأولى وأنه فتح في تلك اللحظات، لانخفاض معدل التدفق عليه، غير أنه لم يكن سهلا بالدرجة التي يتصورها الكثيرون، لأن الحصول على تذكرة كان ربما بعد تخطي أحدهم رقاب المتواجدين بالمكان، باستعمال كل ما أوتي من قوة، مقارنة بالشباك السالف الذكر الذي أغلقت دائرة طابوره بسبب تراص المسافرين الذين كانوا يحملون مبالغ مالية بأيديهم ويلوحون بها تجاه القابض، وكان أحد المسافرين في شباك عين البيضاء ينادي بأعلى صوته "يا جيلالي سبعة.. سبعة" يقصد عدد التذاكر التي يطلبها باسمه وباسم الآخرين المرافقين له، وآخر يقول للقابض أنه أتى يوم أمس "أول أمس". من أجل حجز تذكرة الى سكيكدة، ولم يجد القابض ما يجيبه به، حينها رمقت أعيننا أحد الموظفين متكئا على الحائط الخلفي وهو جالس أرضا منهمكا في ملء قرابة 15 تذكرة تبدو وأنها لمجموعة من "الأحباب" وبعدما انتهى من ملء حوالي عشر تذاكر ووضعها جانبا، خاطبه أحد الموجودين خلف الشباك "يا رشيد خمسة .. خمسة" فرد عليه الموظف بإشارة باليد فقط، لأن أصوات المسافرين ملأت الأجواء، أنه لا يوجد شيء، فتوسله السائل مجددا فغمزه الموظف بعينه اليسرى، ثم أشار إليه بأصبعه لكي ينتظر حتى يتم عمله، وعقب ذلك سأله حاجته، ليؤكد السائل بأنه يريد الذهاب غدا "اليوم" صباحا على الساعة الثامنة والنصف باتجاه عنابة. ذهب الموظف.. وذهبنا نحن بدورنا لتفحص حال باقي الأكشاك والتبصر في أجواء بهو المحطة الذي امتلأت أجواءه بالدخان المشير إلى حالة التوتر والقلق لدى المسافرين. في آخر الأكشاك، اندهشنا لكونه لم يكن على غرار معظم الأكشاك الأخرى المكتظة، لكننا اكتشفنا بحساب بسيط أنه ربما يعود إلى عدم تسجيل نقص في عدد الحافلات، وفي لحظة فقط داهم الشباك عشرة شبان كدنا نعتبره بداية الهجوم على شباك تيزي وزو ولكن حديث الشبان إلى بعضهم البعض وحلاقة الشعر المتشابهة لديهم جميعا أوحت لنا أنهم شباب الخدمة الوطنية، وأن موعد الهجوم لم يحن بعد. وبهذا الصدد، أكد بوبتيرة عبد الله مدير الأمن والوقاية بالمحطة ل "الشروق اليومي" أنهم تلقوا تعليمة الأحد الماضي، من الأمين العام لوزارة النقل لضمان المداومة ليلا ونهارا لمختلف تنقلات المسافرين لمواجهة الطلب المتميز في ذات المرحلة فيما يتعلق بنوعية الخدمات المقدمة "خاصة على مستوى الاستقبال"، وأضاف المتحدث أن عدة إجراءات اتخذت بالمناسبة منها الأمنية والوقائية بالتنسيق مع السلطات الأمنية لدائرة حسين داي وركز المخطط العملي المتبع بالمناسبة، حيث تم التركيز على تفتيش الأمتعة، مع إلزام الأعوان بضرورة الترحيب بالمسافرين وحسن الاستقبال، والجديد في هذا العام هو إدخال خدمة المعوقين بالتكفل بنقلهم من سيارة الأجرة إلى الركوب في الحافلة بحسب بوبتيرة، حيث قال أنه تم توظيف جديد بالمناسبة لستة أعوان مع تمديد عقود حوالي 20 عون رقابة، وأفاد أنهم لم يسجلوا أية حالة سرقة أو ضرب أو حالة كسر بسبب الازدحام منذ الثلاثاء الماضي، يوم بداية تلاحق الأفواج الواحد تلو الآخر، من جهته، أفاد عليوي كمال، مدير الاستغلال بالمحطة البرية للخروبة في تصريح ل"الشروق اليومي" أن الادارة قامت بتدعيم الخطوط بوسائل نقل بإبرام اتفاقيات ظرفية مع بعض المتعاملين لمضاعفة عدد الحافلات في مختلف الاتجاهات، حيث قال أنه تم اضافة من 150 الى 200 انطلاق ليرتفع العدد من حوالي 470 انطلاق يوميا. غيرنا وجهتنا نحو محطة سيارات الأجرة ببور سعيد، حيث كانت شبه فارغة لقلة السيارات وكانت امرأة مريضة أجرت عملية جراحية ممددة أرضا في موقف الشلف وتيارت تنتظر منذ أكثر من نصف ساعة، لتتجه نحو عين الذهب بتيارت، وعند تلك اللحظة لقينا صدفة وفي حدود الثانية زوالا شابا أخبرنا أنه أتم عملية جمع أكثر من عشرة أشخاص لينقلهم خلسة في حافلة من نوع "كارزان"، بمبلغ 300 دج باتجاه الشلف بدل 400 دج مبلغ سيارة الأجرة. عند موقف بجاية كان العديد ينتظر وحتى بموقف تيزي وزو، أين أخبرنا عبد الرزاق أنه لا يستطيع نقل الموجودة بالمكان، لأن لديه موعدا مع زبائن آخرين وأوضح لنا أن مشكل بجاية والأغواط يكمن في عدم استطاعة أصحاب سيارات الأجرة من حمل المسافرين خلال العودة لسبب خلاف بين الناقلين مع بعضهم البعض، نفس الإشكال كان بأغلب اتجاهات الشرق وبحدة أكثر ولاية جيجل.. أما على مستوى المطار وبالخطوط الداخلية تذمر العديد من المسافرين من التأخرات المسجلة بالمطار، وعرفت طائرة باتنة تأخرا طويلا أرجعه المشرفون على سير المطار الداخلي لسوء الأحوال الجوية بباتنة. بلقاسم.ع