تصوير يونس أوبعيش كيف سيستقبل الجزائريون عيد الفطر؟، هل بالفرحة أم بالقرحة؟، ماذا حضر الجزائريون للإحتفال بهذا العيد، هل تسبيق قطاعات الوظيف العمومي للأجور سيساعد الموظفين والمستخدمين في سدّ الفراغات المالية المنجرّة عن المصاريف التي استهلكها شهر الصيام وبعده الدخول المدرسي؟، ماذا قدّمت الشركات والمؤسسات لعمالها من أجل استقبال العيد؟.. * هل القوانين السارية المفعول صارمة وعقابية في مجال مراقبة ومحاسبة ومعاقبة العمال المتغيبين عن مناصب عملهم أيام العيد خارج العطلة القانونية المدفوعة الأجر؟، أم أن الفوضى والعشوائية هي العنوان الوحيد في مثل هذه المناسبات التي تستغلها الأغلبية لربح أيام عطلة وراحة خارج القانون والأخلاق؟، لماذا يكتفي إتحاد التجار ومعه المصالح المعنية بتوجيه دعوات في شبه "توسّل وتسوّل" بدل إصدار تعليمات وأوامر تلزم كل التجار والخبازين بفتح أبواب محلاتهم بدل غلقها أيام العيد؟، ماهو محل البنوك ومراكز البريد والمؤسسات المالية من "إعراب العيد" كمناسبة تفتح فيها أبواب ونوافذ المصاريف والنفقات وحتى التبذير؟، لماذا تنفجر "أزمة مالية" كلما عاد العيد فتنقرض السيولة المالية؟، هل المشكل في العجز المالي أم في فوضى المواطنين في "رمي" أموالهم؟، من يتحمل مسؤولية العشوائية وسوء التسيير الذي يحبس أنفاس المواصلات ووسائل النقل أيام العيد؟، ولماذا يتحوّل العيد إلى فرصة للهروب من العمل؟، وهل صحيح أن الجزائريين أصابهم مرض الإستغفار والغفران عن طريق المراسلة وتقنية "الأس آم آس"؟، حيث إختفت الأحزاب خلال شهر التوبة والغفران، هل النشاط السياسي "محرّم" في رمضان أو "مكروه" ولذلك استسلمت الأحزاب والجمعيات والمنظمات على النوم بسبب الصوم؟، ما هي حصيلة فرق التفتيش وقمع الغش عبر الأسواق والمتاجر؟، وماذا قدّمت وزارات التجارة والتضامن والشؤون الدينية في الشهر الكريم وبمناسبة عيد الفطر؟، هل كان توزيع قفة رمضان وصدقات ذوي البرّ والإحسان توزيعا عادلا؟، وهل سيتذوّق المعوزون المزيفون بنّة العيد بعدما استفادوا من أموال الفقراء واليتامى بالباطل، فبأي ّ عيد عدت يا عيد؟. * الحكومة تتماطل في إنجاز دراسة رسمية لحصر الخسائر * 9 ملايين ساعة عمل تضيع بسبب الغيابات غير المبررة * * فرار جماعي للموظفين من مناصب عملهم أيام العيد و5 ملايين دولار خسائر لكل يوم * قدر الإتحاد العام للعمال الجزائريين الخسائر اليومية التي تتكبدها الجزائر جراء التوقف عن العمل ليوم واحد بحوالي 5 ملايين دولار، كنتيجة مباشرة لتعطل الخدمات في مختلف القطاعات خاصة المصالح الإدارية أو الاقتصادية التي لا تتوفر على نظام الدوام. * وكشفت دراسة مشابهة أعدها المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي قبل سنوات في سياق دراسة جملة من السيناريوهات الخاصة بتعديل العطلة الأسبوعية في الجزائر، أن يوما واحدا من التوقف عن العمل يكلف الجزائر 5 ملايين دولار، وهي الخسائر التي تتكرر في الجزائر مع حلول عيدي الفطر أو الأضحى بدرجات متفاوتة بسبب غياب الآلاف عن العمال عن مناصب شغلهم بحجة الاحتفال بالعيد بعيدا عن مكان العمل. * وفي غياب دراسة رسمية خاصة بملايين ساعات العمل التي تضيع سنويا بسبب التأخرات وزحمة السير والغيابات الموسمية بحجة الأعياد والمناسبات المختلفة، من جهاز الإحصاء الوطني المتمثل في الديوان الوطني للإحصاء، تشير المعطيات المتاحة والصادرة عن صندوق النقد والبنك العالميين أن حوالي 9 ملايين ساعة عمل تضيع يوميا في الجزائر بسبب نسبة البطالة البالغة حسب الأرقام الرسمية حوالي 12 بالمائة، مقابل 20 بالمائة حسب هيئات دولية مستقلة، فيما تقدر البطالة في أوساط الشباب أقل من 30 سنة أزيد من 30 بالمائة وهو ما يعد بمثابة كارثة حقيقية، اقتصادية ومالية بسبب ضياع ملايين ساعات العمل يوميا نتيجة البطالة من جهة وعدم كفاءة البنية التحتية للنقل في الجزائر التي تدفع بمئات آلاف الجزائريين إلى البقاء لساعات طويلة كل يوم في سياراتهم على الطرقات بسبب منظومة السير وسياسة تنظيم المرور في المدن الكبرى وعلى مداخلها على الرغم من أن جميع المدن الصناعية في الجزائر بدون استثناء داخل المدن أو في محيطها القريب على غرار العاصمة التي أصبحت طرقها تعيش حالة انسداد على مدار الساعة على غرار بقية المدن الكبرى التي تتوفر على مناطق صناعية في شرق وغرب البلاد وفي بعض ولايات الهضاب العليا. * تفاديا لنشوب أزمة تسوّق وندرة المواد الإستهلاكية * الإستفادة من عطل الأعياد حسب ما ينص عليه القانون * ضبط قانون العمل الجزائري الذي يحمل الرقم 90 11 المؤرخ في 21 أفريل 19990، حقوق وواجبات العمال، وحدد بدقة أوقات وساعات العمل، وأدرج العطلة الأسبوعية وعطل الأعياد الوطنية والدينية ضمن الحقوق التي يكفلها القانون للعامل. * وأفرد القانون أحد فصوله وهو الفصل الرابع ل"الراحة القانونية والعطل والغيابات"، فيما خصص الفرع الأول من هذا الفصل للعطل والراحة القانونية للعامل، وفي هذا الصدد، تنص المادة 33 على أن "حق العامل في الراحة يوم كل أسبوع، وتكون الراحة الأسبوعية العادية في ظروف العمل العادية يوم الجمعة". * ويؤكد قانون العمل، على أن يوم الراحة الأسبوعية وأيام الأعياد الوطنية الدينية، أياما مدفوعة الأجر من طرف الجهة المستخدمة، عمومية كانت أو خاصة، وهنا تنص المادة 35 على: "يعتبر يوم الراحة الأسبوعي وأيام الأعياد والعطل أيام راحة قانونية"، إلا في الحالات الضرورية، غير أن ذلك لا يسقط حق العامل في راحة تعويضية، مثلما جاء في المادة 36 التي تقول: "يحق للعامل الذي يشتغل في يوم الراحة القانونية، التمتع براحة تعويضية مماثلة لها، وينتفع بالحق في زيادة ساعات إضافية". * ولأن العطلة الأسبوعية محددة بشكل محسوم، في يوم الجمعة من كل أسبوع، فهي لا تحتاج في كل مرة إلى إصدار بيانات للتأكيد على أنها مدفوعة الأجر، عكس بقية العطل القانونية كالأعياد الوطنية والدينية، ومنها عيد الفطر، بحيث تضطر المدير العامة للوظيفة العمومية إلى تأكيد وتسمية أيام الأعياد المدفوعة الأجر، حماية لمصالح العمال لدى المستخدمين وتأكيدا على حقوقهم المكفولة قانونا. * وقد بادرت مصالح الوظيفة العمومية نهاية الأسبوع المنصرم، إلى إصدار بيان أكدت من خلاله أن "يوما الأول والثاني من شهر شوال سنة 1430 هجري عطلة مدفوعة الأجر لكافة مستخدمي المؤسسات والإدارات العمومية بما في ذلك المستخدمين باليوم أو بالساعة وهذا بمناسبة عيد الفطر المبارك"، وأضاف البيان أن القانون "يستثني المستخدمين الذين يعملون بنظام التداول والمطالبون بضمان استمرارية سير مصالحهم". * طوابير و"تطباع" بمراكز البريد لسحب أموال إستقبال العيد * كشف المكلف بالإعلام لدى بريد الجزائر، أن أغلب القطاعات التابعة للوظيف العمومي قامت بتسبيق لدفع أجور موظفيها لمدة امتدت من أسبوع إلى عشرة أيام كاملة قبل حلول عيد الفطر المبارك وهو ما كان وراء تقليل الضغط حول مراكز البريد وآلات السحب. * وكشف بوفنارة "للشروق" أمس، أن قطاع التربية الوطنية قام بتسبيق لمدة أسبوع كاملة لدفع أجور موظفيه، حيث كان من المفروض أن تدفع الأجور ابتداء من تاريخ 12 من كل شهر، فيما دفعت أجور موظفي الأمن بتسبيق حوالي عشرة أيام، حيث كانت تدفع أجورهم في تاريخ 22 من كل شهر، وهناك قطاعات أخرى تضخ أجورهم في مراكز البريد، في 27 من كل شهر فاستلموا أجورهم بتاريخ 17 من هذا الشهر، بالإضافة إلى دفع تسبيقات للمتقاعدين، حيث كانت تدفع مستحقاتهم يومي 18 و 19 إلى غاية 22 من كل شهر، وفي هذا يقول بوفنارة أن هذه العملية سهلت لحد كبير من تخفيف الضغط الذي كانت تشهده المراكز البريدية قبيل المناسبات الدينية، وأكد المتحدث أن مراكز البريد في الأسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك مددت فترة إغلاق المراكز إلى غاية الساعة 11 ليلا، لكنه أكد أن الكثير من المراكز كانت لا تغلق أبوابها إلا بعد منتصف النهار من كثرة الضغط على الشبابيك. * وعن ظاهرة الطوابير التي لا تزال قائمة أمام الشبابيك عشية المناسبات الدينية، أكد بوفنارة أن ذلك راجع للمواطنين والموظفين الذين يتركون سحب أموالهم لآخر لحظة كما أن جزء كبير من الموظفين لم يكن يدري بعملية التسبيق. * لكن ورغم هذه الإجراءات التي اتخذتها بعض القطاعات إلا أن عددا من مراكز البريد شهدت نهاية الأسبوع، لا سيما يومي الأربعاء والخميس الماضيين، كما شهدت المراكز حركة غير عادية حتى في ساعات متأخرة من الليل. * كما انتقلت طوابير الوقوف أمام الشبابيك آلات السحب الإلكترونية، ففي جولة قادت "الشروق" قبيل العيد عبر عدد من المراكز البريدية كانت بدايتها من مركز البريد بالمدنية، حيث شهد هذا المركز منذ الساعات الأولى توافدا كبيرا من طرف المواطنين على القائمين على المركز بوجود مركز واحد على مستوى البلدية ومركز صغير في حي "الكونفورد" لا يسع للجميع لكونه واقع أسفل إحدى العمارات السكانية، وهو ما لا يستطيع تلبية رغبات الكم الهائل من الطلبات. * وفي بلدية القبة التي شهدت هي الأخرى توافدا كبيرا على الزبائن، على غرار بلدية باش جراح، التي انتقلت فيها نهاية الخميس الطوابير من الشبابيك إلى آلات السحب الإلكترونية. * من جانب آخر، شهدت أيضا البنوك التجارية طوابير هي الأخرى على غرار مراكز "سوسيتي جنرال" بالقبة والبنك الوطني الجزائري باعتبار عدد كبير من الشركات الخاصة تقوم بصب رواتب موظفيها في حسابات بنكية. * وفي موضوع آخر، عرفت الأسواق الشعبية والمحلات التجارية هي الأخرى حركة كثيفة نهاية الأسبوع وامتدت نشاطاتها إلى غاية الواحدة صباحا على غرار المراكز الثلاث بباش جراح، وما يثير الدهشة أيضا خروج الباعة الفوضويين للترويج لبضاعتهم على الطاولات بالرغم من افتقاد الإنارة العمومية في كثير من الأحيان. * استمرار العطل وتزامن العيد مع "ويكاند" طويل يفسد عرس الناقلين * وسائل النقل في رحلة البحث عن تزاحم المسافرين خلال العيد * أحدثت العطلة الجامعية الممتدة، إلى شهر أكتوبر الداخل، تميزا في حركية النقل أيام العيد، هذا العام، بالنسبة لقاصدي أهاليهم لمختلف جهات الوطن انطلاقا من الجزائر العاصمة، حيث تراجع الضغط المسجل في السنوات الفارطة وحالة الاكتظاظ والزحمة التي تعيشها محطات النقل عبر القطارات، الحافلات وسيارات الأجرة "طاكسي"، ولقي الناقلون صعوبة في إيجاد الزبائن وفق الشهية التي كانت لديهم سابقا. * تغيرت معادلة حركية المسافرين، أيام العيد، انطلاقا من العاصمة نحو باقي الوجهات، حيث لقي أصحاب سيارات الأجرة صعوبة كبيرة في الفوز بزبائن في ظرف زمني قياسي، على غرار السنوات الفارطة، ووقفت "الشروق" بمحطة الخروبة لسيارات الأجرة، مساء الجمعة، على صرخات السائقين الذين تراهم يتنقلون في ساحة المحطة ويصوبون أنظارهم نحو البوابة الرئيسية للمدخل يأملون في كل وافد جديد أن يكون زبونا لهم، وهي الظاهرة التي لم تكن في سنوات خلت حيث كان سائق "الطاكسي" لا ينزل من سيارته ويدخل مع الزبائن في مشهد يشبه المناقصة أو المزايدة العلنية لمنحه "تأشيرة" صعود الطاكسي بعد مضاعفة المبلغ طبعا، وهو الأمر الذي لم يحصل هذا العام وأكد الزبائن في حديثنا معهم الارتياح من ذات الجانب. * وقال لنا محمد سائق طاكسي وجهته بوسعادة بأنه لم يكن يبرح إطلاقا من قبل غير أنه اضطر لذلك هذا العام، ولنقص الأماكن يأخذ معه مسافرين باتجاه المسيلة، وسأله مسافر عن موعد الوصول هل يواكب موعد الإفطار، فرد عليه محمد "لا تخف هناك محسنون يمنحون الفطور مجانا في الطريق"، فيما قال السائق ساعد ووجهته العلمة "السوارد ماكناش"، يقصد غبن المواطن وعدم تنقله لزيارة الأهل لكثرة الأعباء من دخول مدرسي وحاجيات رمضان والعيد، مضيفا "العام الماضي بدون تبراح والآن الطاكسيات موجودة والزبون منعدم، جئت فارغا الناس لا تريد أن تعيد"، أما عميروش فقال "جئت فارغا من سطيف بزبون واحد وقطار سطيف أفسد علينا الأمر". * وبالوجهة الغربية، أكد لنا ياسين أن الحركية جيدة من الغرب نحو الشرق، حيث اشتغل على خط سيدي بلعباس سطيف، وقال "إنها منطقة عسكرية وآلاف العساكر مضطرين إلى التنقل من هناك"، مضيفا "أما بالعاصمة فأغلبهم سافر يومي الخميس والأربعاء للاستفادة من يومي نهاية الأسبوع". * أما السائق رابح يعمل على خط العاصمة تيارت، فقال "هذا العام ليس هناك عمل جيد مع المعلمين فقط.. الخدمة الصح مع الطلبة الجامعيين والطلبة لم يعودوا من العطلة". وراح محمد الروجي المشتغل على خط البليدة يعاتبنا على عدم طرح مشاكلهم والاهتمام بالزبائن فقط، ورغم تمسكه بالمحطة الجديدة لاتساع مساحتها غير أنه لام على الجهات الوصية عدم تخصيص قاعة للصلاة، ومكان للاغتسال، مشيرا إلى انعدام النظافة مستغربا الحديث عن صرف 10 ملايير على محطة من دون تهيئة حقيقية. وأضاف إبراهيم المشتغل على خط تيزي وزو "لم نضف في التسعيرة". * وبمحطة الخروبة للنقل البري بالحافلات سجلنا نقصا كبيرا في الزبائن وضعفا في حركة التدفق، مقارنة بالسنوات الماضية، فيما أوضح السائق أحمد المشتغل على خط القل أن أغلب الناس تسافر بعد الإفطار وآخرون يفضلون اليومين الأخيرين اللذين يسبقان عيد الفطر. * وعبر العديد من المسافرين عن ارتياحهم لتوفر وسائل النقل، مؤكدين حالات العراك التي كانت تحصل أربعة إلى خمس أيام قبل العيد، من أجل الظفر بمكان في مختلف وسائل النقل البرية، وأفادنا بوعزيز الذي وجدناه على أهبة امتطاء حافلة تبسة أن قطار سطيف خفض الضغط على الحافلات، وأكد لنا عاشور سائق بإحدى المؤسسات الخاصة بأن شراء السيارات بالتقسيط ساهم في امتلاك أغلب الموظفين بالعاصمة سيارات ويقومون بدورهم بنقل زملائهم القاطنين في مسارات تنقلهم لذويهم. * من جهة أخرى، عرفت القطارات المتجهة نحو الوجهتين الغربية والشرقية إطلاقا من العاصمة امتلاء، يومي الأربعاء والخميس وخفت درجة امتلائها، يوم الجمعة ويوم السبت عشية عيد الفطر، حيث تراجع الضغط المسجل، على غرار الموسم الفارط، وشهد قطار سطيف المضاف في وقت الزوال، هذا العام، حركية لاقت ترحابا وسط المسافرين الذين فرحوا بالمبادرة واستحسنوها جدا، حيث أن هؤلاء كانوا يمتطون قطار الليل المتجه نحو عنابة وقسنطينة. * وقال رئيس مصلحة اغا في تصريح ل "الشروق"، إن حركية المسافرين كانت مكثفة، إلى غاية صباح الجمعة، مضيفا "لقد عمت البهجة وسط المسافرين المتجهين نحو سطيف، خاصة وأن القطار مكيف ومأمن وقليل التوقفات ونفس الشيء بالنسبة لقطار بجاية".