حسم الحزب الحاكم في فرنسا أخيرا موقفه واختار وزير الداخلية نيكولا ساركوزي " 51 عاما " مرشحه لانتخابات الرئاسة الفرنسية المقررة شهر أفريل من العام الجاري. وقد جاء هذا الاختيار عقب جدل واسع في أوساط اليمين الفرنسي الحاكم الذي ينتمي إليه ساركوزي ،باعتبار أن هذا الأخير شخصية مثيرة للنقاش والجدل على خلفية مواقفها السياسية.ومنصب رئيس الجمهورية في دولة مثل فرنسا يحتاج إلى رجل يحقق الإجماع الداخلي قبل الخارجي. غير أن ترشيح حزب الرئيس جاك شيراك لساركوزي ، وحصل على 98% من الأصوات في الانتخابات الداخلية كان متوقعا ومنتظرا لغياب منافسين أقوياء في اليمين الحاكم يكون باستطاعتهم منافسة الاشتراكيين الذين اختاروا سيغولين روايال المعروفة بشعبيتها الواسعة و بكونها سيدة تمتلك مؤهلات القيادة ولأن ميزتها أنها أول امرأة في تاريخ فرنسا يتم ترشيحها لانتخابات الرئاسة .. و ساركوزي ،الذي ما زال أمامه سباق هام وشاق في طريق الوصول إن وصل إلى قصر الالزيه لم يخف بعد ترشيحه للرئاسيات المقبلة مواقفه ورويته لفرنسا التي يريدها وللسياسة المتطرفة التي يؤمن بهاا ويطمح إلى تطبيقها ..وقد كشف عن بعض هذه المواقف في الخطاب الذي ألقاه مساء الأحد المنصرم. حيث أكد على سبيل المثال رفضه لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بحجة أن حدوث ذلك سيؤدي إلى نهاية الاتحاد ككيان له هوية ثقافية، و عموما هو الرفض الذي عبر عنه الفرنسيون في الاستفتاء الشعبي الذي جرى نظم عام 2005 .. ومن جهة أخرى ، يأتي ترشيح حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" الحاكم لساركوزي في غير صالح الجالية الجزائرية وغيرها من نظيرتها العربية والإسلامية ، حيث يعتبر ساركوزي من أكثر الشخصيات السياسية الفرنسية التي تكن العداء للمهاجرين من أصول عربية وإسلامية، رغم أنه ابن مهاجر مجري ، بدليل أنه كان قد وصف الشباب الذي خرج إلى التظاهر في خريف 2005 ضد التهميش والإقصاء ب" حثالة المجتمع" وتعهد يومها بتخليص مناطق الإسكان الشعبي من "نفايات المجتمع" ، وهو الوصف الذي أثار ضده حملة من الانتقادات الداخلية والخارجية. كما أن لهذا الرجل برنامج متطرف وانحيازي للتعامل مع قضية المهاجرين.. ويرى العديد من المراقبين أن سد الطريق أمام نيكولا ساركوزي والحيلولة دون وصوله إلى قصر الالزيه خلال الانتخابات الفرنسية القادمة لن يكون سوى بدعم مرشحة الاشتراكيين سيغولين روايال ليس حبا فيها ولكن لأن مصلحة ووجود المهاجرين داخل فرنسا يقتضي عدم التصويت ليميني متطرف .ويبدو أن تخوف أبناء المهاجرين من مرشح اليمين قد بدأ يأتي ثماره ، حيث تشير التقارير الإخبارية إلى أن ثلاثة مرشحين جزائريين للانتخابات الرئاسية الفرنسية " رشيد نكاز ، ليلى بشارة و صهيب بن شيخ " قد قرروا بسحب ترشيحهم لصالح المرشحة الاشتراكية سجولين رويال... والجانب الأخر في شخصية نيكولا ساركوزي والذي يمكن أن تكون له انعكاسات سلبية على المهاجرين في حال وصل إلى منصب الرئاسة الفرنسية ، هو دعمه وتأييده الواضح لإسرائيل ،حيث يفتخر دوما بكونه صديق إسرائيل ، وهذا يتعارض مع مبادئ السياسة الخارجية الفرنسية التي تعتمد على التوازن إزاء قضايا الشرق الأوسط . كما أن علاقة ساركوزي القوية بإدارة جورج بوش تثير المخاوف من إمكانية انجرار فرنسا وراء تيار المحافظين الجدد داخل الولاياتالمتحدة ، وهو التيار الذي عارضته فرنسا جاك شيراك عندما وقفت ضد غزو العراق عام 2003 واختارت التخندق في صف أوروبا الرافضة للهيمنة الأمريكية في العالم .. فلمن يصوت الفرنسيون والمهاجرون على وجه الخصوص لنيكولا ساركوزي أم لسيغولين روايال؟ ل.ل