إبراهيم قارعلي: [email protected] عندما يقف وزراء في حكومة عبد العزيز بلخادم، أمام محكمة الجنايات بخصوص قضية بنك الخليفة، فلا فرق في ذلك أن يكون هؤلاء الوزراء من الشهود أو من المتهمين.. وإذا كانت هذه الفضيحة قضية إقتصادية أو تتصل بالجرائم الإقتصادية، فإنها هي التي أصبحت تحرّك المشهد السياسي الذي ماانفك محركوه يختفون في كل مرة خلف الستار. صحيح أن الفضيحة جريمة إقتصادية ما في ذلك شك. ولكن الرأي العام الوطني وحتى الدولي يتطلع إلى تلك الرؤوس الكبيرة وهي تساق إلى السجن مثل اللصوص الأربعين الذين قرأنا عنهم في الكتب المدرسية القديمة.. بالفعل، فإن الجزائر خلال سنوات مكافحة الإرهاب قد تحولت إلى ما يشبه مغارة علي بابا. وأصبح المال العام الذي جمعته الجزائر من الضرائب التي يدفعها المواطنون المغلوبون على أمرهم إلى الخزينة العمومية، يشبه مال اليتامى الذي يتصرف فيه السفهاء، وكأن الجزائريين قصّر يجب الحجر عليهم وعلى أموالهم. لم يتحايل المسمى عبد المؤمن خليفة على المواطنين الذين غرّر بهم وجعلهم يودعون تحويشة عمرهم في أكياسه السوداء، وإنما تحايل على الدولة وتلك هي الطامة الكبرى. فإذا كان القانون لا يحمي المغفلين مثلما ينص الدستور على ذلك، فإن الدولة هي التي تحولت الى مغفل كبير إن لم تكن هي كبير المغفلين.. وعليه، فإن السؤال الذي يحرجنا أن نطرحه هو.. كيف لهذه الدولة أن تحمي نفسها وتحمي ممتلكات مواطنيها المغفلين، وإن كان القانون لا يحميهم.. وإذا كان من الصعب على الدولة أن تحمي أرواح المواطنين خلال عشرية الدم والدمار، فالمؤسف أن الدولة ذاتها بعد ما استرجعت كيانها لم يعد بإمكانها أن تحمي ممتلكات مواطنيها من اللصوص الذين سمحت لهم بالاغتراف من المال العام في وضح النهار. والحقيقة أن البنوك العمومية التي هي ملك للدولة والتي تحولت إلى مرتع للنهب والإختلاس من طرف حامييها الذين تحولوا إلى حرامييها، لا تختلف هي الأخرى عن بنك الخليفة الذي تشكلت ودائعه من أموال المواطنين ومن أموال المؤسسات والهيآت العمومية، بل ومن أموال هيآت نظامية يفترض فيها أن تحمي أرواح المواطنين وممتلكاتهم وتسهر على احترام القوانين.. ليست المحاكمة سياسية، وإن كان البعض يريد منها أن تتحوّل إلى ميدان لتصفية الحسابات السياسية القديمة والحسابات القادمة.. ولكن المؤكد أن الدولة من خلال فضيحة القرن قد أصبحت تحاكم نفسها بنفسها.. وتصبح في الوقت نفسه تقوم بدور الخصم والحكم أو القاضي والمتهم.. بالتأكيد، أن مسلسل الفضائح لا يتوقف عند فضيحة بنك الخليفة، ولكن كان يتعيّن علينا أن نفضح الفضيحة قبل أن تفضحنا هذه الفضيحة.