إبراهيم قارعلي:[email protected] عندما يلتقي رجال الأعمال العرب في الجزائر العاصمة ويكون موضوع ملتقاهم الاقتصادي تحت عنوان "الجزائر مفترق طرق الاستثمار العربي"، فلا شك أن هذا الشعار يعكس بطريقة أو بأخرى حقيقة الاستثمار العربي في الجزائر. لقد أصبحت الجزائر اليوم، تقف أمام مفترق الطرق، وكأنها لم تعد تعرف إلى أين تتجه. وبالفعل، فإن الذي لا يعرف الطريق الصحيح هو ذلك الذي يكون قد ضيّع عنوانه وتاه في مفترق الطرق! إن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وهو يفتتح المؤتمر العاشر لملتقى رجال الأعمال العرب في الجزائر، يكون قد تحدث بمرارة حين يقول: لقد حان الوقت لكي نستخلص الدروس من عقود بأكملها سلخناها في بذل موصول الجهد لصالح التعاون والتكامل العربيين. بل إن رئيس منتدى المؤسسات عمر رمضان، قد كشف بالأرقام حقيقة هذه المرارة حين يؤكد أن الدول العربية لم تجذب سوى نسبة 1.9 بالمائة من مجموع الاستثمارات الأجنبية خلال السنة الماضية. وبالتالي، فإن الجزائر لا يمكنها أن تكون في وضعية أحسن من بقية الدول العربية. لم يهرب رجال الأعمال العرب من الاستثمار في الجزائر فقط، لكنهم أيضا قد هربوا من الاستثمار حتى في بلدانهم الأصلية، وكان من الغرابة أن تغازل الجزائر هؤلاء المستثمرين وتحاول أن تغريهم بالاستثمار في الجزائر، في الوقت الذي يرفض فيه رجال الأعمال الجزائريين الاستثمار في بلدهم، ويفضلون تهريب رؤوس أموالهم إلى أوربا وأمريكا، خاصة فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية. كان من الواجب أن تبحث الدول العربية والجزائر خاصة لماذا يهرب رجال الأعمال العرب من استثمار رؤوس أموالهم في بلدانهم الأصلية قبل أن تدعوهم إلى بحث فرص الاستثمار المحلية، بينما تفتح الأبواب على مصراعيها للشركات الأجنبية وخاصة الشركات المتعدّدة الجنسيات والتي هي في حقيقة الأمر تواصل المهمة الاستعمارية التي فشل العسكريون في تحقيقها! سرعان ما يتحوّل بقايا رجال الأعمال العرب إلى مجرّد أجانب في بلدانهم العربية الأصلية، ويا ليتهم مثل الأجانب من حيث المعاملة التفاضلية لدى الحكومات العربية التي تحرم المستثمرين العرب من تنمية رؤوس أموالهم في بلدهم ثم بعد ذلك تلومهم حين يهربون برؤوس أموالهم إلى الخارج. إن غياب التعاون بين الدول العربية يحرمها من التكامل والاندماج في بعضها البعض وبالتالي تحقيق الوحدة السياسية، وما كان لأوربا أن تتحوّل إلى قوة اقتصادية كبرى وتقف أمام أمريكا لو لم تترجم حلم السوق الأوربية المشتركة إلى حقيقة اقتصادية. ولكن على العكس من ذلك، فإن الدول العربية التي ترفع الشعار وتعمل ضده سوف تبقى مجرّد سوق لمختلف السلع الأوربية والأمريكية مادامت تعتقد أن أموالها المكدسة في البنوك الأجنبية تنجز بها كل شيء، لكنها للأسف لم تستطع أن تفعل بها أي شيء وتحولت من نعمة إلى نقمة.