إبراهيم قارعلي: [email protected] لم يقبل الرئيس الإيطالي، جوجيو نابوليتانو، استقالة رئيس الحكومة، رومانو برودي، ومع ذلك فإن برودي قد بدا واثقا من الحصول على أغلبية الأصوات البرلمانية في مجلس النواب ومجلس الشيوخ. لقد قال رئيس الحكومة الإيطالية المستقيل، أو العائد إلى البرلمان بعدما رفض الرئيس استقالته، إنه يمتلك الدعم الكافي لاجتياز امتحان التصويت على الثقة، وهو الذي كان قد استقال عندما لم تنل حكومته ثقة مجلس الشيوخ خلال التصويت على السياسة الخارجية. إن مثل هذا القرار الذي اتخذه رومانو برودي جدير بالتنويه، ويجب أن يتحول إلى درس في الممارسة السياسية، خاصة نحن الجزائريين، ولا يهمنا في ذلك المنصب الذي يتولاه هذا المستقيل سواء كان رئيسا للحكومة أو وزيرا في هذه الحكومة التي رفض نواب الشعب سياستها الخارجية. والحقيقة أن دولة مثل إيطاليا لا تمثل رقما صعبا في معادلة السياسة الدولية، سواء على مستوى الاتحاد الأوروبي أو على مستوى الأممالمتحدة، حيث أنها لا تمتلك حق النقض على غرار الدول العسكرية الكبرى، بل إن السياسة الخارجية بالنسبة إلى الكثير من الدول تمثل آخر اهتمامات حكوماتها، ومع ذلك فإن رئيس الحكومة الإيطالية عندما رفض مجلس الشيوخ المصادقة على سياسته الخارجية أعاد لهم أمانتهم. تكون محاكمة المتورطين في تبديد الأموال العمومية من بنك الخليفة قد جعلت من الجزائر عاصمة الفضائح المالية، فقد جرت إليها الكثير من المسؤولين بمن في ذلك المسؤولون السامون مثل الوزراء الذين وقفوا أمام الملأ يدافعون عن أنفسهم وكأنهم متهمون في فضيحة القرن. صحيح أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. ولكن عندما يؤكد النائب العام أنه من الممكن أن يتحول بعض الشهود إلى متهمين، فلا شك أن أصابع الاتهام تكون قد وجهت إلى كبار الشهود، خاصة الذين يتحملون مسؤولية إيداع المال العام في بنك الخليفة الذي خان أمانة المودعين من المواطنين. ولا شك أن فضيحة بنك الخليفة تكون قد زلزلت الأرض تحت أقدام الكثير من المسؤولين والذين يتقلدون مسؤوليات سامية في الدولة، ولكن لا أحد منهم قد استقال من منصبه، وكأن الشهود ينتظرون الدور الثاني من المحاكمة لكي يقفوا في المرة الثانية أمام العدالة بصفة متهمين. إننا أمام فضيحة تتعلق بالسياسة الداخلية للبلاد وليس بالسياسة الخارجية، والأخطر من ذلك أننا أمام فضيحة مالية تتصل باختلاس المال العام والتدليس والتزوير والاحتيال والنصب واستغلال النفوذ. يبدو كأن القوم، وإن كان الحريق في بيتنا لا يعنيهم الأمر، حتى أصبح يخيل للرأي العام الوطني أن مثل هذه الفضيحة قد حدثت في بلد آخر غير الجزائر. لم يتحرك نواب الشعب في البرلمان، حتى الأسئلة الشفوية التي ما انفك النواب يستعرضون بها عضلاتهم على الوزراء، لم يتقدم بها النواب تحت القبة البرلمانية وفضلوا أن يخلدوا إلى الراحة مثل التلاميذ أثناء عطلة الربيع. لقد بقي النواب يتابعون مثل قراء الجرائد هذه الفضيحة، وكأنهم يتابعون الأخبار الدولية التي لا تعني المواطنين.. نتمنى فقط أن يتابع النواب والوزراء قضية رومانو برودي، رئيس حكومة إيطاليا، أمام البرلمان الإيطالي؟