انتهت في الساعة الثانية من فجر الخميس أطوار محاكمة ثلاثة ضباط، محافظ شرطة ومفتش وضابط، ومواطن رابع، بمحكمة بريكة في القضية المعروفة باسم "الشريط المصور" الذي اختفى من مكتب الفرقة الجنائية التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضاية لأمن ولاية باتنة، مطلع ربيع 2006. وكانت قضية "الكاسيت" التي انفردت الشروق اليومي بكشفها للعلن مطلع الصائفة الماضية، والموصوفة من قبل المتتبعين بالقضية النادرة ومن العيار الثقيل، بحكم وقوعها داخل محافظة مركزية للشرطة، تفجرت أطوارها شهر فيفري 2006، عندما تقدمت امرأة شابة بشكوى رسمية ضد صديقها الذي كانت تربطها به علاقة غرامية، والذي قام بتصويرها في مشاهد حميمية وأوضاع غرامية، ثم مارس ضدها عملية "ابتزاز" وضغط بالشريط المصور قصد الخروج معها، قبل أن تتحين الفرصة بدهاء وتستولي على الشريط خلال جلسة بمحل بيتزيريا، وتقدمه لدى مكتب الفرقة الجنائية للشرطة بصفته "دليل إثبات" للجرم المنسوب الى صديقها، وقرينة مادية لا تقبل النقض مرفقة بالشكوى المرفوعة ضده المقيدة في محضر سماع رسمي. لكن القضية شهدت "هدنة مؤقتة" عقب استدعاء صديقها صاحب الشريط المصور، الذي أبدى نيته في الزواج من الضحية لمحاصرة "الفضيحة" التي ستكلفه السجن، فتم الزواج الموقت لتلافي ذلك، قبل أن تدب الخلافات بين الزوجين مجددا، عقب الشروع في إجراءات الطلاق الأسرع، وفوجئت أن الشريط المصور الذي أودعته مرفقا بالشكوى عاد مجددا بحوزة زوجها السابق وطليقها اللاحق، ما أثار عدة تساؤلات وتأويلا محيرة عن كيفية خروج الشريط (دليل الإثبات) من خزانة الفرقة الجنائية التي تملك مفتاحا يستعمله ثلاثة معنيين: رئيس الفرقة الجنائية ومفتش وضابط بالتداول، وبعد قالت "الضيحة" إن صاحب الشريط أخبرها بالشخص الذي تحصل منه على الشريط مقابل (مبلغ مالي ب 2 مليون سنتيم) حسب قولها. فور ذلك، وبعدما كشف مسؤولون وضباط وأعوان منضبطون بتقارير رسمية مرفوعة لرؤسائهم اختفاء الشريط وإتلاف المحضر بطريقة مشبوهة وتنطوي على تواطؤ داخلي، أشرف رؤساء أمنيون شخصيا على التحقيق في القضية، واستمع إلى رئيس الفرقة الجنائية السابق برتبة محافظ ومفتش وضابط بالإضافة إلى صاحب التسجيل المصور، قبيل إحالة الملف على العدالة للمتابعة القضائية، وعين قاضي التحقيق بالغرفة الثانية لدى محكمة بريكة الذي انتهى بتوجيه تهم تعاطي الرشوة طبقا لقانون مكافحة الفساد وإتلاف أدلة اثبات، وهي تهم متفاوتة بين الأشخاص الأربعة. بحكم أن صاحب الشريط حدد بدقة الجهة الشخصية التي مكنته من الشريط، وعقب مرافعة هيئة دفاع المتهمين الذين طالبوا ببراءة موكليهم من التهم المنسوبة اليهم، طالبت النيابة العامة ب 10 سنوات حبسا نافذا وغرامة ب 100 مليون سنتيم لمحافظ الشرطة، ورئيس الفرقة الجنائية والمفتش والضابط وصاحب الشريط، لكن قاضي الجلسة أرجأ النطق بالحكم المتروك للمداولة على أن يتم الإعلان عن النتائج القضائية خلال شهر مارس القادم، في قضية تؤكد سياسة الشفافية أمام القانون المنتهجة من قبل مصالح العقيد علي تونسي ورفع التغطية عن أي تجاوزات مضرة بمصداقية المصالح الأمنية وتطبيق القانون من طرف العدالة حتى ول تعلق الأمر بهيئات نظامية. طاهر حليسي