طلب الرئيس الفرنسي جاك شيراك أمس، رسميا من الرئيس بوتفليقة بعث مفاوضات التوقيع على ميثاق الصداقة الجزائرية - الفرنسية، وهي المفاوضات المتعثرة منذ مطلع عام 2005، بسبب قانون العار الذي أصدره البرلمان الفرنسي والذي يمجد ممارسات الحقبة الاستعمارية، مما أنهى كل مساعي إعداد ومن ثم التوقيع على معاهدة صداقة تاريخية بين بلدين تحكم علاقاتهما الحساسية الكبيرة. وخلال زيارته أمس، إلى الجزائر كشف رئيس المجلس الدستوري الفرنسي "بيار مازو" أنه بلغ رئيس الجمهورية الجزائري عبد العزيز بوتفليقة رغبة الرئيس الفرنسي جاك شيراك الشخصية في بعث مفاوضات معاهدة الصداقة من جديد بعد قرابة السنتين من الجمود. تصريح رئيس المجلس الدستوري الفرنسي جاء في أعقاب لقائه أمس، بالرئيس بوتفليقة، حيث صرح أنه مقرب جدا من الرئيس الفرنسي جاك شيراك وأنه نقل لبوتفليقة الاهتمام الجاد والكبير لنظيره الفرنسي ببعث مفاوضات معاهدة الصداقة بين البلدين. ويبدو أن باريس الآن مستعجلة أكثر من أي وقت مضى لتوقيع هذه الاتفاقية قبل موعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية القادمة المقررة في نهاية شهر أفريل من السنة الجارية، وتأتي هذه التطورات الجديدة بعد أيام قليلة فقط من زيارة جان لوي دوبري رئيس البرلمان الفرنسي والتي وصفت بالزيارة التاريخية التي تحمل أكثر من دلالة ومؤشرات منها أن الجزائر تكون قد تجاوزت أزمة القانون الممجد للاستعمار الفرنسي بدليل أن زيارة دوبري الأولى من نوعها منذ الاستقلال جاءت بدعوة من رئيس المجلس الشعبي الوطني عمار سعيداني، ولعل هذا ما حمس أكثر جاك شيراك للاتصال بوتفليقة وطلب منه إعادة بعث مفاوضات التوقيع على اتفاقية الصداقة بين البلدين. ويبدو أن شيراك الذي بلغ رسالته أمس، لبوتفليقة بشكل رسمي يريد ميثاق صداقة بين البلدين قبل نهاية عهدته الرئاسية، خاصة وأن كل المؤشرات تقول إنه لن يترشح لولاية ثالثة، رغم أنه لم يعلن ذلك صراحة أو بشكل قطعي ونهائي حتى ولو أن ذلك سيسمح له في حالة الفوز بأن يكون أول رئيس فرنسي يحكم البلاد لثلاث فترات كاملة، لكن سنه المتقدمة (74 عاما) وحتى استطلاعات الرأي التي تعطيه حظوظا ضعيفة للفوز تؤكدان أن شيراك يقضي أيامه الأخيرة في قصر الإيليزي، وهذا هو بالضبط سر إصراره على ضرورة التوقيع على ميثاق الصداقة بين البلدين قبل نهاية ولايته الرئاسية الحالية، أي قبل الانتخابات التشريعية الجزائرية المقبلة، كما سبق أن اعترف به عمار سعيداني الذي قال إن عدم التوقيع على المعاهدة في هذه الفترة بالذات، أي قبل الربيع القادم، قد يؤجل الموضوع لمدة قد تستمر طويلا.. لكن السؤال الذي يبقى مطروحا هو هل ستقبل الجزائر بصداقة دون اعتذار، خاصة وأن وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي صرح خلال زيارته الأخيرة للجزائر أن الأبناء لا يعتذرون عما فعله الآباء؟! نسيم لكحل: [email protected]