مسلسل عودة أبناء المعمّرين إلى الجزائر للمطالبة بأملاك يقولون إنّها ملك لآبائهم وأجدادهم لايزال متواصلا، وأسطع دليل على ذلك هو تجرّؤ الكثيرين منهم على المطالبة باسترجاع أملاك هي الآن مقرّات رسمية للدولة الجزائرية ولمؤسسات وطنية. والقضيّة هذه المرّة تتعلّق بامرأة مغربية ادّعت أنها زوجة معمّر فرنسي، أقدمت على طرد عائلة جزائرية في غليزان من مسكنها الذي تملكه منذ الاستقلال بعد تلاعبات كبيرة في الوثائق والأسماء... واليوم تطالب العائلةُ الجزائريّة السلطات العليا في البلاد إنقاذها من "عودة المُعمّرين". يقول المواطن عدّة تركي بأن عائلته مُهدّدة الآن بالطرد بعد إصدار مجلس قضاء مستغانم حُكما في 19 فيفري الجاري يقضي بطردهم من المسكنها الذي ورثوه عن أبيهم بعد وفاته سنة 1995. المسكن يقع في أرض بغليزانوجده الوالد أحمد تركي سنة 1962 في حالة انهيار تامّ، فأعاد بناءه وحوّله إلى منزل من ثلاث غرف ومطبخ وفناء ومرآب، وفي الثمانينيات من القرن الماضي ظهرت امرأة اسمُها فاطمة بنت شعيب ادّعت أنها زوجة المعمّر »مولينة سيلفستر أنطوان فيليب« الذي كان يحتلّ الأرض التي يقع فيها المسكن، وطالبت هذه المرأة باسترجاع المسكن على اعتبار أنّه ملك لزوجها، فقامت بتزوير وثائق رسمية لتُثبت أنها زوجة المُعمّر الذي توُفي سنة 1967، حيث غيّرت اسمها العائلي من بنت شعيب فاطمة إلى بن طاهر فاطمة بنت محمّد دون أن تحصل على تصريح من وزارة العدل وهي الإجراءات التي يجب اتباعها في حالات كهذه، كما أنّها لم تنشر ذلك في الجرائد وهو إجراء ثان يفرضه القانون. ويُضيف السيد عدّة تركي، بأنّه كُلّما أصدرت العدالة حُكما في غير صالح هذه السيدة إلاّ وظهرت باسم جديد، فمرّة تظهر باسم بنت شعيب ومرّة باسم بن طاهر ومرّة باسم مولينة، وقد بدأت هذه التزويرات بعد أن ألغى مجلس قضاء مستغانم سنة 1996 حُكم الطرد الذي حصلت عليه هذه السيدة سنة 1995. ويُضيف السيد تُركي بأنّ التحقيق الذي فتحته محافظة شرطة غليزان بمساعدة والي غليزان آنذاك على مستوى مصلحة الأجانب في الولاية، كشف بأنّ المُدّعية مغربيّة الجنسيّة، ولمّا اكتُشف أمرها بدأت بتغيير اسمها العائلي. واستمرّت القضيّة في أروقة العدالة بين غليزان ومستغانم والمحكمة العليا بالعاصمة. السيد تركي رفع دعوى أخرى ضدّ المدّعية بتهمة التزوير واستعمال المزوّر، وأصدرت محكمة الجنح بغليزان حُكما غيابيا بسنة سجنا نافذا وغرامة ب2000دينار على المُدّعية، غير أن هذه الأخيرة فرّت، وبعد مدّة قدّم محاميها شهادة خارج الوطن تُثبت وفاة المُسمّاة بن طاهر فاطمة، وعليه قضت محكمة غليزان بانقضاء الدعوى العمومية بسبب وفاة المُتّهمة. ثمّ ظهرت من جديد باسم مولينة فاطمة وطعنت أمام المحكمة العليا في الحُكم الصادر سنة 1996 مقدّمة عقد زواجها من المعمّر الفرنسي، وهو العقد الذي لم يظهر طيلة السنوات السابقة، وهو العقد الذي نقضت بسببه المحكمة العليا حُكم سنة 1996، وأحالت القضية مرة أخرى إلى مجلس قضاء غليزان سنة 2000. وهناك عجزت المُدّعية عن إظهار فريضة لمورّثها تُبيّن أنها من الورثة، وكلّ ما أظهرته هو فريضة باسم بن طاهر فاطمة والتي رفضها المجلس. ومن جهة أخرى أكّدت المحافظة العقارية لمستغانم بأن الأرض ملك للمعمر الفرنسي حسب عقد توثيقي رسمي مؤرّخ في 21 فيفري1931، وعليه فإن المسكن يعتبر من الأملاك الوطنية الشاغرة غير أنّه لم يخضع لإجراءات الإحصاء ضمن الأملاك الوطنية لأسباب مجهولة. لكنّ ما فاجأ عائلة تركي هو صدور حُكم بالطرد من المسكن الذي بناه والده وظلوا فيه منذ الاستقلال، رغم ثبوت التلاعبات والتزوير في الأوراق التي قدّمتها المُدّعية. حمزة هدنه