أمهل ورثة أحد الأقدام السوداء يدعى طورينو لوران، مجاهدا يقطن بمدينة بوزريعة، إلى غاية 27 جانفي الجاري، من أجل إخلاء المسكن الذي يقيم فيه، بحجة أنهم يمتلكونه منذ فترة الاحتلال. ويستند الورثة وهم زوجة طورينو، فالكون ميشال، وأبناؤه الثلاثة، لوران بيار، وفويرونيك وفريديريك، الذين يقيمون بمدينة نيس بفرنسا، على حكم قضائي صادر عن محكمة بئر مراد رايس بتاريخ 12 مارس 2006، مؤيد بقرار صادر عن الغرفة العقارية، بمجلس قضاء العاصمة بتاريخ 11 فيفري 2007، يقضي بطرد الجزائري من مسكنه. وقد أوكل الفرنسيون مهمة الطرد لمحضر جزائري لدى محكمة باب الوادي، هو الأستاذ منعوم آكلي، الذي انتقل إلى مقر السكن قيد النزاع، الكائن ب 78 شارع دولا فونتان، ببوزريعة، في 13 جانفي الجاري، وأمهل شاغله إلى غاية 23 من الشهر الجاري، كي يخلي المسكن، وإلا تم اللجوء إلى التنفيذ الجبري استنادا لنص المادة 324 من قانون الإجراءات المدنية. وحسب عريضة الدعوى المودعة من قبل ورثة الفرنسي لدى أمانة ضبط محكمة بئر مراد رايس في 28 أفريل 2005، والتي رافع عنها المحامي الجزائري الأستاذ عرابي لوناس، فإن الفرنسيين يدعون أنهم يملكون فيلا تتربع على مساحة 576 متر مربع منذ الحقبة الاستعمارية. ويقول ورثة الفرنسي إن الجزائري أقام بهذه الفيلا على سبيل الحراسة، في حين أن المدعى عليه، يقول إنه كان يقيم بهذا المسكن منذ 19 مارس 1962، وأنه كان يدفع ما لا يقل عن 120 دينار شهريا، قبل أن يطلب من مديرية أملاك الدولة تسوية القضية، انطلاقا من أن هذا العقار، قد آل إلى أملاك الدولة الجزائرية، بناء على الأمر المؤرخ في الثامن من جوان 1966، الذي يعالج قضية الأملاك الشاغرة. غير أن المفاجأة تمثلت في تمكن الفرنسيين من استصدار وثيقة مؤرخة في 02 / 07 /2001 ، تثبت انتقال ملكية هذه الفيلا لورثة المالك الأصلي للفيلا، صادرة عن مكتب توثيق لصاحبه محمد الطاهر بن عبيد، مشهرة بتاريخ 20 سبتمبر 2003، باعتبارهم ورثته، الأمر الذي دفع المحكمة إلى الحكم بأحقية ورثة الفرنسي بطرد الجزائري من سكنه، بالرغم من مطالبة المدعى عليه بانتداب خبير عقاري، للتحقيق فيما إذا كانت هذه الفيلا هي نفسها التي يطالب بها الفرنسيون، بناء على تباين مساحة المسكن الذي يطالب به الفرنسيون، والمسكن الذي يقيم فيه الجزائري. وأمام هذه المستجدات، لجأ خاسر الدعوى، بعد استئنافه للحكم القضائي، إلى مطالبة مديرية أملاك الدولة بالتحقيق فيما إذا كانت هذه الفيلا قد ألحقت بأملاك الدولة، حيث أجري تحقيق كشف عن وجود تناقض مع وثيقة نقل الملكية، التي قدمها المدعون. إضافة إلى المطالبة بضرورة تقديم المدعي لوثيقة عدم الشغور، التي تثبت عدم إلحاق هذه الفيلا بأملاك الدولة، وهي الوثائق التي لم يقدمها المدعي لهيئة المجلس، ومع ذلك فصل بتأييد الحكم المستأنف لصالح ورثة الفرنسي. وتعد هذه الحالة واحدة من كثير من الحالات، بحيث عاد الأقدام السوداء للمطالبة بالأملاك التي كانت بحوزتهم خلال الحقبة الاستعمارية، وتمكنوا من استرجاعها بقرارات قضائية صادرة عن العدالة الجزائرية، منها حالة بالحراش، تبين أن صاحبها تلقى تعويضا عنها من وكالة فرنسية، تعرف باسم الوكالة الفرنسية لتعويض فرنسيي ما وراء البحر ANIFOM، مكلفة بتعويض الفرنسيين الذين تركوا ممتلكاتهم في المستعمرات السابقة، وهو الأمر الذي لم تتفطن له مصالح العدالة الجزائرية، لأن بعضا من الفرنسيين، تلقوا تعويضا عن ممتلكاتهم، ثم استغلوا وجود ممتلكات عقارية لا زالت لم تسو وضعيتها من قبل الإدارة الجزائرية، تحمل أسماءهم، ليعودوا من جديد إليها، بالرغم من أنه لا حق لهم فيها. محمد مسلم