صلاح الدين. ع: [email protected] قد يقال الكثير عن محاكمة الخليفة التي استنفذت كل مراحلها ولم يبق، إلا المداولات والنطق بالحكم في حق المتهمين، ومع الاعتراف بالنقائص الموجودة في التحقيق وقرار الإحالة واستبعاد المستفيدين الحقيقيين من الخليفة ورجال الظل الذين يقال إنهم الصناع الحقيقيين للفضيحة، إلا أن مجريات المحاكمة وتطوراتها المثيرة، خصوصا عندما تم جر أسماء كبيرة بوزن وزراء سيادة إلى محكمة الجنايات ومحاسبتهم أمام العلن من قبل رئيسة المحكمة، كلها أمور تضعنا أمام واجب الاعتراف بأن المحاكمة كانت حدثا وطنيا كبيرا. صحيح أن الشهود الذين مثلوا أمام المحكمة كانوا في حكم المتهمين، ومع ذلك بقوا شهودا، رغم أن البعض منهم اعترف أو فُهم من تصريحاته أنه متورط حتى النخاع في التلاعب بأموال الجزائريين، وصحيح أن المحاكمة لم تطل غير أولئك المتهمين الذين أشار لهم قرار الإحالة، لكن هؤلاء وأولئك نالوا عقابهم خلال أطوار المحاكمة، لأن إدانة الرأي العام لهم كانت أقوى من أي إدانة أخرى. ولا نقاش الآن في أن مجريات المحاكمة ستكون محطة تاريخية هامة، وستكون النقاشات المثيرة بين أطراف المحكمة والتي نقلتها الصحافة الوطنية بحرفية وثائق تاريخية يتم العودة إليها، كما ستكون كل الخروقات التي تم الحديث عنها في قاعة المحاكمة والتي فاجأت الرأي العام عبرا ودروسا للمسؤولين على كل المستويات، خصوصا أولئك الذين يتصل عملهم بالمال العام حتى لا يحدث مثل الذي حدث في بنك الخليفة، لأنه لا أحد يتمنى أن يحل مكان المتهمين أو حتى الشهود في محاكمة الخليفة. محاكمة الخليفة بالشكل الذي حدث شكلت سابقة تاريخية لا يستهان بها، لأنها أثبتت أن الجزائريين قادرون على التعامل مع فضائحهم مهما كانت قبيحة عوض لملمتها أو قتلها بلجان تحقيق، أو خنقها بمحاكمات صورية، وكل ذلك لم يكن في محاكمة الخليفة التي استمرت لشهرين قال خلالهما المتهمون والمحامون كل شيء. أما الاعتراف الذي لا بد منه في كل ذلك هو للقاضية براهيمي التي سيرت أخطر قضية في تاريخ الجزائر وحققت إجماعا أسطوريا وأعطت مثالا رائعا للمرأة الجزائرية التي تجمع بين الشدة واللين وأظهرت اطلاعا دقيقا على تفاصيل القضية.