تباينت ملاحظات هيئة الدفاع في قضية الخليفة حول سير جلسات المحاكمة منذ انطلاقها بمجلس قضاء البليدة، فمنهم من أثار عدم ذكر أسماء عدد من الأشخاص كمتهمين في قرار الإحالة بالرغم من وجود الدلائل التي تدينهم، وسجل بعض المحامين الذين تحدثت إليهم "الشروق اليومي" على هامش المحاكمة، وجود ثغرات غامضة في الملف وأسئلة لم يطرحها التحقيق، ولم ترد لها إجابات في قرار الإحالة. كما انتقد بعض المحامين اقتصار القاضية على سماع الشهود الذين ذكر اسمهم في قرار الإحالة، في حين هناك شهودا آخرين على صلة بالملف وبإمكانهم أن يقدموا الجديد، غير أنهم لم يستدعوا للشهادة. المحامي "علوش زبير" دفاع مدير إحدى الشركات العمومية "الشهود تحفظوا كثيرا في شهاداتهم، لأنهم متخوفون من تحولهم إلى متهمين" "الشاهد لا يمكن أن يبقى شاهد في حال ما إذا أقر بواقعة تدينه ولم يكن قد أخذها التحقيق بعين الإعتبار، ويمكن للنيابة العامة أن توجه له التهم"، والسؤال الذي يبقى مطروحا هو: هل يتم الإكتفاء بشهادة الأشخاص الذين استمع لهم قاضي التحقيق من قبل وورد إسمهم في قرار الإحالة كشهود، مع العلم أن هناك شهودا آخرين يمكنهم أن يضيفوا الجديد للقضية، ولكن لم يذكر إسمهم في قرار الإحالة ولم يتم سماعهم. التقيد بقرار الإحالة يخص التهم فقط، وإلا لماذا المشرع يقول أن القاضي له سلطة تقديرية ويعطيه صلاحية مراجعة ضميره، فذكر الضمير يعني أن الأمر يمكن أن يتجاوز قرار الإحالة، والمفروض أن الدفاع والمحكمة والنيابة يستعينون بكل ما يمكن أن يأتي بالجديد في للملف من أجل الوصول للحقيقة لنفض الغبار عن القضية. وحتى الآن نحس بأن الشهود الذين جاءوا قالوا شهاداتهم بتحفظ، لماذا؟ لأنهم متخوفون بالرغم من أن المحكمة مصرة على أن الشاهد يبقى شاهد، ولكن أنا لست موافقا في هذه النقطة، كما أنه من المفروض أن النيابة العامة هي التي تطرح الأسئلة على الشهود، لأنها تمثل الطرف المدني. المحامي "سمير سيدي السعيد" دفاع عضو مجلس إدارة صندوق التقاعد "التحقيق يتضمن ثغرات غامضة وأسئلة هامة لم تطرح" هناك أسئلة لم تطرح من طرف قاضي التحقيق منذ بداية التحقيق في 25 مارس 2003 إلى نهاية التحقيق في ماي 2006، هناك أسئلة لم يطرحها، وهناك تحقيقات لم يقم بها، لأن محكمة الجنايات يفترض أنها المحطة الأخيرة والحاسمة. التحقيق يتضمن محطات غامضة وثغرات في الملف، وهناك أسئلة يفترض طرحها، لكنها لم تطرح. نحن نتساءل لماذا؟ وبالمقابل نحن كدفاع وقانونيين لا نستطيع الخروج عن قرار الإحالة، والأشخاص الذين تستدعيهم الرئيسة في إطار ما تسميه ب"الإطار التقني" والذين يفترض أنهم يفسرون لمحكمة الجنايات هذه الخروقات بداية من محافظ بنك الجزائر الحالي ونائبه الذي كان في اللجنة المصرفية، ووزير المالية مراد مدلسي، وترباش، وكريم جودي الذي سيشهد باعتباره كان مدير عام الخزينة أنذاك، هؤلاء الشهود التقنيين كلهم لهم مسؤولية في القضية، لأنهم كانوا يتمتعون بسلطة القرار ومع ذلك لم يتخذوا الإجراءات لوقف نزيف الأموال، ومن المفروض أن يتابعوا في القضية ويمثلوا أمام المحكمة كمتهمين وليس كشهود. المحامي "حماني جيلالي" دفاع أمين الخزينة الرئيسية لبنك الخليفة "القانون لا يسمح لمصفي بنك الخليفة أن يتنصب كطرف مدني في القضية" رئيسة المحكمة توجه الأسئلة للمتهمين وكأنها هي النائب العام، فهي تتهم المتهمين أكثر مما تسألهم، في حين أن المتهم يفترض أنه بريء حتى تثبت إدانته، فهي عندما تسأل المتهم تطرحه بصيغة "أنت فعلت" في حين يفترض أن تطرحه بصيغة "هل فعلت"، فهي تطرح الأسئلة على المتهمين بصيغة التأكيد، في حين يفترض أن التهم لم تتأكد بعد، في البداية كانت طريقة استجواب المتهمين جيدة، غير أن رئيسة الجلسة غيرت طريقتها فيما بعد وأصبحت تتهم المتهمين، كما أنه من المفروض أن تكمل رئيسة الجلسة كل أسئلتها للمتهم، ثم للطرف المدني، ثم تنتقل للشهود، أنا أقول هذا، لأني كنت رئيسا لمحكمة الجنايات وعملت قاضيا لمدة 30 سنة قبل أن أصبح محاميا منذ 15 سنة وأعرف جيدا كيف يجب أن تسير الجلسات، المحامون كلهم لاحظوا أنها تتهم في حين أنها كرئيسة لازم عليها أن تفصل بين مهام وكيل الجمهورية أو النائب العام والدفاع، كان لازم عليها أن تلتزم الحياد، وإذا واصلت بهذه الطريقة نحن متخوفون أن تصبح التهم موجهة لبعض المتهمين أكثر من بعض المتهمين الآخرين. كما أرى أنه يجب التفريق بين بنك دولة وبين بنك خاص، المفروض من الناحية القانونية أن المصفي ليس هو الذي يودع دعوى ضد عمال بنك الخليفة، ولا يكون هو الطرف المدني في القضية، لأن مهمة المصفي هي القيام بالتصفيات فقط، الطرف المدني في القضية يفترض أنه عبد المومن خليفة هو الذي يقوم برفع دعوى قضائية ضد عمال بنكه يتهمهم بأخذ أمواله وسوء تسيير بنكه، وطالما أن عبد المومن خليفة لم يرفع دعوى ضدهم ولم يتهمهم بسوء تسيير أمواله فلا يمكن لأحد آخر أن يتهمهم أو يقاضيهم، وبالمقابل فإن الدولة هي التي يحق لها أن تقاضي عبد المومن خليفة وتحرك دعوى ضده كمتهم وليس المتصرف الإداري، وعبد المومن خليفة وحده يحق له اتهام عمال ومسيري بنكه بسوء تسيير البنك، وطالما انه لم يتهمهم وهو صاحب البنك، فلا أحد غيره يحق له اتهامهم. هذا من جهة ومن جهة أخرى يجب على رئيسة المحكمة سماع كل المتهمين واستجوابهم جميعا، بعدها يتم الإنتقال لسماع الشهود ومقابلتهم مع المتهمين ومطابقة تصريحات الشهود مع تصريحات المتهمين، غير أن رئيسة المحكمة لم تقم بهذا التسلسل ربما، لأن هناكا عددا كبيرا من المتهمين". المحامي "ديلام يوسف" دفاع أمين الخزينة الرئيسية لبنك الخليفة "لا أعتقد أن عبد المومن خليفة استغفل كل هذا الحشد من الشخصيات الهامة" "من يوم اطلاعي على الملف استغربت كيف أن شابا يحب اللهو مثل عبد المومن خليفة استطاع أن يستغفل كل هذا الحشد من الناس، ولا أعتقد انه فعلا استغفلهم، الغريب في الأمر أن هذا الحشد يتضمن عددا كبير من المثقفين ورجال القانون والشخصيات والنجوم، ويبقى السؤال المطروح حول ما إذا كان هناك أناس خلفه يراقبون الوضع، خاصة لما اكتشف الأمر أمام المحكمة أن أول قرض تحصل عليه لإنشاء البنك كان بتوصية من الرئيس المدير العام لبنك التنمية المحلية، الذي كان يعلم دون شك بأن وكالة بنك التنمية المحلية باسطاوالي تجاوزت حدود القرض، عندما أقرضه 80 مليون دينار، فكيف لشاب في الثلاثين من عمره أن يتعرف على رئيس مدير عام لبنك وينتزع منه قرضا بهذا الحجم". المحامي "محمد عبلاوي" نائب رئيس الإتحاد الوطني للمحامين "المحاكمة تتوقف عليها صورة وسمعة العدالة الجزائرية في الخارج" المحاكمة تسير بطريقة عادية رغم أن القضية ليست قضية عادية، لأول مرة في تاريخ العدالة الجزائرية يصل عدد المتهمين والشهود وعدد الأطراف المدنية إلى هذا العدد الهائل، ونظرا لذلك ونظرا لوجود شخصيات معروفة وإطارات سامية في الدولة يمثلون كشهود، ونظرا لطبيعة التهم والحوادث والوقائع وهوية الأشخاص المتورطين لا يمكن اعتبار هذه القضية عادية، لم نسجل أي خرق جوهري للقانون يبرر تدخل الدفاع وهذا ما يفسر السير الطبيعي والحسن للمناقشات. لا يمكن لشاهد في منتصف الجلسة أن يتحول إلى متهم، بل هناك إجراءات قانونية لابد من اتباعها، والمادة 224 من قانون الإجراءات الجزائية تنص على أن هناك ترتيبا لسماع الأطراف في المحكمة، هذه المحاكمة تتوقف عليها صورة وسمعة العدالة الجزائرية في الخارج، كل الدول تتابع المحاكمة عن بعد، هناك مراقبة خارجية. المحامي خالد بورايو "الأشخاص الذين لهم علاقة بالقضية لم تظهر أسماؤهم جميعا في قرار الإحالة" "لا يمكن أن ننكر بأن الوقائع الواردة في قرار الإحالة مفيدة فعلا للمحكمة، ولكن هل قرار الإحالة كافي في حد ذاته لتأطير وقائع قضية تتسم بفضيحة القرن، بمعنى أنه من الصعب على المحكمة الخروج عن هذا الإطار، ولو خرجت عنه فربما تصل القضية إلى منعرجات أخرى قد لا تنتهي بعد أشهر، ومع الأسف ينبغي على محكمة الجنايات بعد ما حددت مصدر الأموال التي ضاعت في بنك الخليفة أن تبحث أين ذهبت هذه الأموال، وهل بإمكانها بالنظر إلى ثقل الملف أن تصل إلى الإجابة على هذا السؤال، يتعين على هيئة المحكمة عدم التقيد بما جاء في قرار الإحالة، وتوسيع قائمة المتابعين في هذه القضية إلى كل من استفاد من بطاقات السحب والسفر المجاني، والذين يفوق عددهم بكثير 34 شخصا، نرى بأن الأشخاص الذين لهم علاقة بالقضية لم تظهر أسماؤهم جميعا في قرار الإحالة، العديد منهم لم ترد أسماؤهم بالرغم من أنهم معنيون وذلك نتيجة للتقييد الذي عرفته إجراءات التحقيق، الإكتفاء بنفس الأشخاص الذين وردت أسماءهم في قرار الإحالة لا يمكن أن يؤدي إلى نتيجة، وذلك لا يخدم الحقيقة، المحاكمة يجب أن تتطرق إلى ظروف تسيير هيئات الرقابة ممثلة في الهيئات التابعة لبنك الجزائر والمتمثلة في اللجنة المصرفية ومجلس النقد والقرض التي تجاهلت الكوارث المسجلة على مستوى بنك الخليفة في ذلك الوقت، ولو قامت مصالح بنك الجزائر بمهامها الرقابية في ذلك الوقت كنا سنتجنب انفجار مثل هذه الفضيحة". علي مزيان دفاع الطرف المدني "مصفي بنك الخليفة منصف بادسي" "إذا ظهر تورط الشاهد على المحكمة أن تطلب من النيابة فتح تحقيق" "منذ البداية لاحظنا أن البنك لم يكن يسير بطريقة عادية، لاحظنا فوضى كبيرة، ومع ذلك استمر البنك في النشاط لمدة ثلاث سنوات، أين كانت أجهزة الدولة المكلفة بالمراقبة في ذلك الوقت، أغلبية الأموال التي ضاعت في بنك الخليفة هي أموال صناديق الضمان الإجتماعي والشركات العمومية والدواوين العقارية. هناك تعليمة صادرة عن بنك الجزائر سنة 1997 تؤكد أن لكل بنك الحق في تحديد نسبة الفوائد التي يراها مناسبة، ورغم ذلك فإن 17 بالمائة غير منطقية وغير مقبولة على الإطلاق، وربما ذلك كان فخا للمؤسسات العمومية لكي تأتي وتودع أموالها في بنك الخليفة إلى درجة أن حتى بعض البنوك العمومية أودعت أموالها فيه، وإذا ظهر تورط الشاهد فإن رئيسة المحكمة عليها أن تطلب من النيابة العامة فتح تحقيق في القضية، لأن القانون لا يخول لرئيسة الجلسة فتح تحقيق مباشرة". المحامي فاروق قسنطيني "دفاع مدير أمن الخليفة وأخيه ووالده" "الشهود لم يقدموا لحد الساعة أي جديد يستدعي فتح التحقيق مجددا" "استدعاء رئيس الحكومة السابق أحمد أويحي غير مطروح، لأن أويحي لا علاقة له بالملف وبالتالي فحضوره للإدلاء بشهادته أمام هيئة المحكمة غير مبرر، ولن يفيد المحكمة في شيء، ليس من العدالة تلطيخ سمعة مسؤولين كبار في الدولة. القانون لا يسمح بالخروج عن قرار الإحالة، وهيئة المحكمة ليس من صلاحياتها إعادة النظر في قائمة أسماء المتهمين إلا في حالة حصول مستجدات يمكن أن تكشف خلال المحاكمة من قبل إفادات الشهود أو إجابات المتهمين على الأسئلة الموجهة إليهم خلال المحاكمة، وهنا يمكن أن يعاد فتح الملف للتحقيق مجددا، بحيث تتكفل به النيابة العامة مجددا وهو أمر من شأنه أن يمدد من عمر المحاكمة بما يصب في مصلحة هيئة الدفاع، غير أن الإعترافات والشهادات التي تم تسجيلها لحد الساعة لم تحرك أي جديد يستدعي فتح التحقيق مجددا". المحامي "خالد برغل" المحاكم عادية ورئيسة المحكمة تمسكت بقرار الإحالة "منذ افتتاح المحاكمة يبدو لي أنها كانت عادية باعتبار أن رئيسة المحكمة تمسكت بقرار الإحالة الذي يعتبر خلاصة الخلاصة للملف الكبير والعريض والوقائع المادية والتهم الموجهة لكل شخص من الماثلين أمام هيئة المحكمة، والأسئلة التي كانت تطرحها رئيسة المحكمة مأخوذة ومستمدة من ملف الدعوى الجنائية، وأنا شخصيا لاحظت أن القاضية تفننت في طرح الأسئلة بأسلوبها الخاص للوصول إلى الحقيقة، ومن واجبها أن تستجوب المتهم أمام محاميه عن كل جزئية، لأن محكمة الجنايات يتم الأخذ فيها بعين الإعتبار بالمناقشات والتحقيق الذي يدور يوم الجلسة، ومن حقها أن تدقق حتى تشرك أعضاء المحكمة الجنائية من قضاة ومحلفين باعتبارهم يمثلون الشعب، حتى تكون لديهم قناعة، لأن الحكم سيصدر باسم الشعب. والسؤال الذي سيطرح على أعضاء المحكمة الأربعة عند المداولة هو: هل لديكم اقتناع في اقتراف كل متهم للتهم والوقائع المنسوبة له في قرار الإحالة، كما يجوز للنيابة العامة أن تطرح نفس الأسئلة في سياق الإدانة، وهذا دورها، ولكن هيئة الدفاع هي الأخرى لها الحق في أن تشارك بأسئلة من شأنها أن تنفي الوقائع والتهم المنسوبة لكل المتهمين". البليدة: جميلة بلقاسم: [email protected]