مع تهاوي قيمة الدينار الجزائري في سوق العملات العالمية، وجد الجزائريون أنفسهم في بحث دائم عن استثمار، يحفظ لهم قيمة ممتلكاتهم، وقد اهتدى البعض لما يدعى بالعملات الإلكترونية، خاصة أصحاب المال والمتحكمون بالتكنولوجيا، في وقت لازال الكثيرون يتساءلون ما هي هذه العملات وكيف يتم التعامل بها؟ تعدى عدد العملات الالكترونية اليوم الألف ومائة ألف عملة افتراضية، تتنافس فيما بينها على الريادة والاستحواذ على القيمة الأكبر في السوق، منها ما يظهر ويتصاعد بقوة ليختفي فجأة، ومنها ما ظل محافظا على مكانته وتطوره على غرار العملات التالية: بيتكوين، كالاثريوم وليتكوين… أما في الجزائر فيفيد خبراء أن هذا النوع من العملات الافتراضية قد عرف إقبالا في الآونة الأخيرة، وحسب الباحث والمختص في تكنولوجيات الاعلام والاتصال، الأستاذ إيهاب تيكور، فإن عددا من الشباب الجزائري، تمكن من فهم وتنمية البيتكوين ونظيراتها، بفضل تحكمه بالتقنية والتكنولوجيا، وقد بقي انتشار هذه العملات محدودا وشبه مقتصر على الشباب، للسبب نفسه، فهي تختلف عن باقي العملات الأخرى المعتمدة لدى البنوك، والتي لا يحتاج التعامل بها تمكنا تقنيا، فعن تداول العملات الافتراضية، يفيد الأستاذ ايهاب تيكور أنه يتم عبر مفتاح سري مرتبط بewallet ، أين يوجه البائع عملات وهو يأخذ الأموال إما عن طريق بنك (دفع إلكتروني) أو كاش، وهذا ما يصعب اكثر عملية التعرف على المتعاملين، والدفع يكون بإحدى العملات النقدية على العموم، وحتى بالدينار الجزائري، بحيث تم تحديد ما يقابله من قيمة بيتكوين، يكفي ان يحتفظ المتعامل بمفتاحه السري، بحيث سُجل تعامل جزائريين بالبتكوين لشراء برامج وألعاب وخدمات عبر الويب، فهناك جزائريون يسايرون التطور التكنولوجي، مختصون يقفون على مستجدات هذا المجال، وهم من خيرة الخبراء في العالم، على غرار "نسيم بلوار" و"رضوان ربيك" وآخرين.. يتعاملون بهذه العملات ويتقنونها جيدا. العملات الافتراضية في القانون الجزائري إن خطورة المعاملات بالعملة الافتراضية، واستقطابها لتجار المخدرات والأسلحة ومبيضي الأموال، بالإضافة إلى تطلبها لنظام إلكتروني محكم تفتقده الجزائر، جعل الحكومة تقرر منع تداول البتكوينن وكل عملة افتراضية ليس لها تغطية نقدية، ولا تمر عبر البنوك، وقد جاء هذا المنع بمقتضى قانون المالية 2018، تحديدا في المادة 113 من قانون الموازنة العامة، الذي يمنع أي استعمال أو حيازة أو شراء او بيع للعملات الافتراضية، ورغم ان البيانات تدل على ضيق نطاق تداول العملات الافتراضية في الجزائر، إلا أن الحكومة تعتزم بعد مصادقتها على هذا المشروع، وضع قوانين أكثر صرامة لضبط انتشارها. ويفسر خبراء اقتصاديون، ومتخصصون في تكنولوجيات الإعلام والاتصال، موقف السلطات من منع تداول العملات الالكترونية في البلاد، بمحاولتها حماية احتياطي الجزائر من العملات الأجنبية، خاصة في الوقت الراهن، ويعتقد الخبير إيهاب تيكور ان منعها كان موقفا متفهما، لا يختلف عن موقف الكثير من البلدان، مخافة عدم التحكم بهذه التبادلات الافتراضية لاحقا، وذلك لصعوبة تتبعها، لأن هذه العملات تعتمد على تكنولوجية البلوكتشان Blockchain، وهو الأمر الذي روج للبيتكوين، لدى أصحاب المعاملات المشبوهة والمتهربين من الضرائب، من أصحاب المشاريع والاستثمارات. آفاق مبادلات العملة الالكترونية في الجزائر ويعتقد خبراء جزائريون ومن بينهم إيهاب تيكور، أن العملات الافتراضية يمكن ان تكون مرغمة في المستقبل، خاصة اذا اعتمد عليها العالم، وتم التعامل بها في المبادلات التجارية العالمية، هذا إن تحدثنا عن العملات الافتراضية عموما، وليس البيتكون او اليتكوين او غيرهما على وجه الخصوص، إذ ليس من المستبعد استحداث عملة أو صيغة افتراضية للدينار الجزائري، فقد اعتمدت هذه الفكرة من قبل بعض الدول التي منعت البيتكوين ونظيراتها. يختلف الخبراء الجزائريون حول مستقبل هذا النوع من العملات في البلد، فمنهم من يراها عملة مستقرة لكون البنوك الأمريكية، وبعض الشركات الكبرى كامارون وايباي بدأت تتقبل التبادلات بالبتكوين، وآخرون يروْن فيها مجرد موضة جديدة وسيكون مصيرها الانهيار، وهذا اذا تم منع التعامل بها في البلد الذي أعطاها هذا الرواج وهو الصين، والدليل على ذلك تراجع سعر هذه العملة من 18000$ إلى 10000$، ويضيف ايهاب تيكور، أنه مهما تذبذبت هذه المبادلات، فإن على الجزائر أن تتبع التطور الذي يشهده المجال وأن تأخذ الحيطة، لأن مستقبل الاقتصاد العالمي في تغير مستمر، ويجب أولا دراسة الأمر واستشارة اختصاصيي العملات الافتراضية وخبراء الاقتصاد، ووضع مقارنة مع الدول التي لها أسبقية في المجال، والتي تمكنت من إنشاء عملة افتراضية رسمية خاصة بها، ذلك ان الجزائر تعتزم السير نحو رقمنة الإدارة والاقتصاد، وقبل هذا وذاك يجب تحسين البنية التحتية وتحسين خدمات الانترنيت.