يستعد الجزائريون لاستقبال أصعب 5 شهور في السنة نظرا إلى المصاريف الكبيرة التي تنتظرهم. ففي الوقت الذي تشهد فيه أسعار المواد الغذائية والخدمات زيادة تفوق 50 بالمائة في بعض الأحيان، تتواصل القدرة الشرائية في التراجع والانهيار أمام صمت الجهات الرسمية وعدم تدخلها لحماية المستهلك. ستكون بداية صيف هذه السنة الأكثر حرارة بالنسبة إلى الجزائريين، وهذا لتصادفها مع 5 أشهر تعد الأكثر صعوبة في العام، فشهر رمضان هذه السنة سيتزامن مع شهر ماي، ويعقبه عيد الفطر في جوان، ثم العطلة الصيفية في شهر جويلية، ليحل عيد الأضحى في شهر أوت، ويكون ختام قائمة المصاريف بقدوم شهر سبتمبر الذي سيحمل معه الدخول المدرسي والدخول الاجتماعي، وهو ما يعني مصاريف مادية ضخمة جدا سترغم غالبية الطبقة المتوسطة على اللجوء إلى الاستدانة كي يتمكنوا من مجابهتها. ويتوقع الخبير الاقتصادي، الدكتور كمال رزيق، تكرار سيناريو السنوات السابقة في هذه السنة أيضا.. فالفرد الجزائري، لديه طقوسه الخاصة في شهر رمضان والأعياد والعطلة الصيفية، فمن حقه التمتع بقسط من الراحة بعد سنة كاملة من التعب، وفي انتظاره تحديات أخرى في الدخول الاجتماعي والمادي، فجميعها تتطلب مصاريف كبيرة. وواصل المتحدث بأن الجزائريين معروف عنهم زيادة الإنفاق، فالطبقة المتوسطة تنفق ما ادخرته طوال السنة في هذه الأشهر، زيادة على الاستدانة لمجابهة هذه المتطلبات، فيما تظل الطبقة الفقيرة محرومة منها على مدار السنة، أما الطبقة الأخيرة والغنية فتعيش في بحبوحة على مدار السنة ولا يهمها الغلاء الفاحش. وتوقع الخبير وصول إنفاق العائلة المتوسطة التي لا يزيد عدد أفرادها عن 5 إلى أزيد من 50 مليون سنتيم خلال هذه الأشهر 5 القادمة، فمصاريف شهر رمضان على أقل تقدير تصل إلى 5 ملايين سنتيم، عيد الفطر 3 ملايين سنتيم، عيد الأضحى 5 ملايين سنتيم، العطلة الصيفية 10 ملايين سنتيم الدخول المدرسي 5 ملايين، وهذه الأعداد تزيد بزيادة عدد أفراد الأسرة. ويضيف المختص أن العائلة المتوسطة ليس بإمكانها تغطية مصاريف الشهر، فالأجرة لا تكفي حتى الأسبوع الثالث من الشهر، لذا يضطر رب العائلة إلى الاستدانة أو السماح لزوجته بالخروج للعمل، زيادة على التضامن العائلي الذي أنقذ الكثير من الأسر بحكم عمل الأبناء ومساهمتهم في المصاريف، ويواصل الدكتور أن الحكومة مطالبة الآن بتحسين الظروف المعيشية للمواطنين والتحكم في أسعار السوق. وهو ما يراه رئيس الفدرالية الجزائرية للمستهلكين، زكي حريز، فالجزائريون يمرون بفترة صعبة وزيادات كثيرة في الأسعار باستثناء الخضر والفواكه، أما المواد الغذائية المعلبة والمصنعة والمواد الصناعية، التنظيف، التجميل، الخدمات، فجميعها ارتفعت في مقابل انهيار القدرة الشرائية وتجميد الزيادة في الأجور.. فالقدرة الشرائية لم تعد بإمكانها الصمود في وجه هذه الزيادات. وأكد حريز أن تزامن العديد من المناسبات وتتاليها بات يتكرر كل عام وهو ما يقتضي إيجاد حلول جذرية، فلابد على الموظفين من إيجاد مصادر أخرى للدخل، فوظيفة واحدة لم تعد كافية، ولذا يتوجب إعادة النظر في قانون العمل وتكييفه للسماح للعمال بمزاولة وظيفة ثانية أو زيادة ساعات العمل مقابل المال. ويستطرد محدثنا أن انهيار قيمة الدينار ستكون له عواقب وخيمة، حيث بتنا على مقربة من تعويمه، أي سيصبح سعر الصرف الرسمي هو نفسه الموجود في السوق الموازية. ويعتقد رئيس فدرالية المستهلكين أن استمرار التضامن والمساعدة لدى العائلة الجزائرية وإعانات الجمعيات الخيرية وقفة رمضان أسهمت في تقليل عجز الميزانية وتخفيف المصاريف، كاشفا أن العائلات خلال 5 أشهر القادمة ستلجأ إلى استدانة ضعف مدخولها الحقيقي كي تجابه المصاريف القادمة.