تفتح محكمة جنايات العاصمة بتاريخ 3 و11 جوان المقبل، ملفين متعلقين بالجوسسة متابع فيهما طبيب نفساني ونادل، وكان سبق إدانة المتهم الأول بأربع سنوات سجنا، فيما ستثير محاكمة الثاني الجدل، فقضيته ستفتح لأول مرة، وقد حدثت مجرياتها بدولة ليبيا في عهد النظام السابق، كما أن الشخص المذكور في الملف موجود بالجزائر وتحت حمايتها وهو حنبعل نجل القذافي. تفاصيل كلتي القضيتين تبرزان تهور بعض الجزائريين، الذين يتصلون عن غير قصد بدول أجنبية لمدها بمعلومات، وحتى ولو لم تكن متعلقة بالجزائر، فإنها تصب في خانة الجوسسة حسب القانون الجزائري، وتصل عقوبتها إلى 20 سنة سجنا نافذا. القضية الأولى متهم فيها "ب. ز. نور الدين" من ولاية عين تيموشنت، دكتور نفساني وخبير في مجال مكافحة الإرهاب، قصته شبيهة بسيناريو فيلم أمريكي، بدأت مطلع 2005 بعدما انتقل إلى العراق المحتل على رأس وفد من الخبراء النفسانيين الأجانب، للتكفل نفسيا بالأطفال المصدومين، ولأن الطبيب أراد توسيع بحوثه حول الارهاب، تنقل إلى محافظة الموصل، وهناك اكتشف معسكرا لتدريب الانتحاريين، الذين كانوا سيوجهون خارج العراق للقيام بعمليات انتحارية. بعدها قصد محافظة البصرة، وبسبب قصف جوي احتمى داخل ثكنة عسكرية بريطانية، أين اكتشف احتجاز خمسة روسيين، طلبوا منه إغاثتهم ومنحوه أدلة تثبت وجودهم، وبدخوله الجزائر اتصل مباشرة بالسفير الروسي، والذي وعده بمليون أورو في حال صدق معلوماته، توجه أيضا لسفارات كندا وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا وقطر التي كانت الوحيدة التي اهتمت بالموضوع وعرضت عليه زيارتها، ليتم توقيفه عند خروجه من سفارتها، وحسبما علمناه فالدكتور حاصل على 17 جائزة دولية عن أبحاثه المهمة. وأثناء محاكمته اعتبر أن مهمته انسانية بحتة ولا علاقة له بالتجسس، ومع ذلك التمس له النائب العام 20 سنة سجنا نافذا. أما الملف الثاني فهو الأهم، وتفاصيله أكثر غرابة من الأول، بطله مواطن من عنابة يدعى (س. إسكندر) قصته بدأت بهجرته الى ليبيا سنة 2008 طلبا للعمل، فاشتغل نادلا بمركز استراحة الشخصيات الهامة بمدينة طرابلس، والذي كان يسيره مرتضى كمال، الرجل الثاني في مجلس قيادة الثورة الليبية وشقيقه عصام، ويتردد عليه حنبعل القذافي القائد السابق للبحرية الليبية، وعبد اللّه السنوسي، وصرح أنهم كان ينقلونه معصب العينين لخدمتهم في أماكن أخرى، بعدما منحوه كإجراء أمني هوية مزوّرة وبطاقة مهنية عسكرية برتبة نقيب وسلاح فردي. ومن تصريحاته، فإن حنبعل كان يخطط لضرب العلاقات الجزائرية -السويسرية عن طريق تجنيد جزائري لتفجير مطار جنيف، ونسف مجمّعين اقتصاديين بروما وباريس، ويقول بأنه تعرض للتعذيب بعدما أفشى أسرار حنبعل، ومنها اقدام الأخير وزوجته على تعذيب خادمتهما في فندق بسويسرا وهما في حالة سكر شهر مارس 2009، وأضاف بأنه شاهد عمليات تعذيب تطال فتيات مغربيات على يد الليبيين.. وهو ما جعله يقرر العودة للجزائر بتاريخ 7 مارس 2010، أين توجه مباشرة إلى السفارة السويسرية للإبلاغ عن الأمر، كما حاول الاتصال بالسفارة الفرنسية، لكن ألقي عليه القبض. والقضية سبق أن أجلتها محكمة جنايات العاصمة، بعدما تزامنت صدفة مع بداية الأحداث في ليبيا، ليعاد برمجتها شهر جوان المقبل، وفي تساؤل حول إمكانية طلب دفاعه حضور حنبعل القذافي إلى المحاكمة كشاهد في القضية، استبعد قانونيون تحدثت معهم "الشروق" الأمر، معتبرين أن تصريحات المتهم تبقى مجرد أقوال يغيب عنها الدليل المادي، لدرجة تم التشكيك في قدراته العقلية، رغم أن محكمة الجنايات هي محكمة اقتناع حتى ولو غابت الأدلة الملموسة.