تتجه الأوضاع في قطاع الصحة إلى مرحلة التأزم، بعدما وصلت معركة الأطباء المقيمين ذروتها بمقاطعة المناوبات الليلية، والتي أثرًت بدورها على جميع الفاعلين في الصحة، على غرار الأساتذة الاستشفائيين الجامعيين والذين لوحوا بالدخول في إضراب بعدما قاطعوا العمل والتكوين البيداغوجي، ومن بعدهم الأطباء الأخصائيون الذين راسلوا وزارة الصحة يطالبونها بإيجاد حل للوضع المتأزم أو اللحاق بالمقيمين وشل الخدمات الاستشفائية، ووصولا إلى الأطباء الداخليين الذين دعوا إلى عقد جمعية عامة مستعجلة تحضيرا لاتخاذ موقف مما يحدث في قطاع الصحة. رغم تأكيد وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات، أن أبواب الحوار لا تزال مفتوحة مع الأطباء المقيمين، ودعوتها لهم للتعقل للعدول عن مقاطعة المناوبات وضمان الحد الأدنى من الخدمات، إلا أن الوضع في المستشفيات الجامعية لا يزال على حاله، فبعد أسبوع من قرار التصعيد ومقاطعة المناوبات الليلية، ورغم كل المحاولات التي قامت بها الوصاية لإرغام المقيمين على العمل تحت طائلة القانون، إلا أن ذلك لم يجد نفعا، ما أثرَ على سير الاستعجالات رغم تولي مهمة المناوبات الليلية بين الأساتذة الاستشفائيين الجامعيين والأطباء الأخصائيين وكذا الاستعانة بالأطباء الداخليين، حيث لا يزال المريض وحده من يدفع ثمن القبضة الحديدية بين الوزارة الوصية والأطباء، وسيكون هو الخاسر الأكبر في حال توسعت رقعة الإضرابات لتشمل باقي الأسلاك الأخرى خاصة إذا نفذ الأساتذة الاستشفائيون تهديداتهم بشلّ قطاع الصحة ومعهم الأطباء الأخصائيون. جمعية عامة مستعجلة للأطباء الداخليين وألقى إضراب المقيمين بظلاله على كافة الفاعلين في قطاع الصحة، حيث بادر الأساتذة الاستشفائيون الجامعيون إلى إصدار بيان لهم يذكرون فيه الوصاية بضرورة الإسراع في تنصيب اللجنة القطاعية وتنفيذ وعودها لحل مشاكلهم، خاصة ما تعلق بالقانون الأساسي والتقاعد، أو التصعيد بنقل الإضراب من التعليم العالي إلى المستشفيات، وفي حال حصل ذلك سيكون وزير الصحة أمام خيار صعب في ظل تمسك المقيمين بإضرابهم. إلى ذلك تحركت نقابة الأطباء الأخصائيين لتطالب بتسوية عاجلة للوضع بعدما وجدت نفسها في مواجهة الاستعجالات بكل أنواعها إثر رفض المقيمين الالتحاق بها، ولوًح هؤلاء بالإضراب في حال لم يتم أخذ مطالبهم بعين الاعتبار، فيما سارع الأطباء الداخليون إلى عقد جمعية عامة استثنائية أمس لدراسة التطورات ووضعيتهم بعدما تم تحميلهم مسؤولية المناوبات، في حين أنهم مجرد طلبة في السنة الأخيرة من التخرج، كما تساءلوا عن وضعية تربصهم بعد مقاطعة الأساتذة الجامعيين الاستشفائيين المسؤولين عن تكوينهم للأعمال البيداغوجية وكذا شل الامتحانات ما يهدد بتأخر السنة الجامعية. مديرو مستشفيات يطالبون بالمداومة عبر "أس أم س" لجأ مديرو مستشفيات إلى إرسال رسائل قصيرة عبر الهاتف للأطباء المقيمين لتذكيرهم بضرورة الالتحاق بالمناوبة الليلية وتحذيرهم من عواقب مخالفة هذه الأوامر، وأكد في السياق ممثل الأطباء المقيمين بوطالب حمزة ل "الشروق" على أن مديري المؤسسات الاستشفائية لم يجدوا أي حل قانوني لوقف إضرابهم فلجأوا للرسائل القصيرة، معتبرا أن التسخيرة عبر" الأس أم أس " غير قانونية أصلا، مؤكدا أن الإدارة تسعى إلى ممارسة ضغوطات ضد المقيمين دون البحث عن طريقة لحل المشكل. وحسب بوطالب فإنهم لم يتلقوا أي دعوة رسمية لحد الآن بعد الدخول في مقاطعة المناوبات للجلوس حول طاولة الحوار، وتأسف للتصريحات التي أدلت بها وزارة الصحة بخصوص مطالبهم غير المنطقية، في حين أن الإضراب أثبت فشل المنظومة الصحية، وأثبت أن المستشفيات الجامعية كانت تسير بالأطباء المقيمين رغم أنهم طلبة في طور التكوين. البروفيسور خياطي يحذر: كارثة في مصالح الاستعجالات.. ومعاناة المرضى تتفاقم دقّ مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية والبحث في الصحة، ناقوس الخطر من الوضعية الكارثية التي تعاني منها الاستعجالات داخل المستشفيات بعد مقاطعة المقيمين للمناوبة ودخول إضرابهم شهره السادس. وقال البروفيسور خياطي إنه ينبغي على الوزارة الوصية الإسراع لإيجاد حل عاجل للمشكل، خاصة أن معاناة المواطنين داخل مصالح الاستعجالات ازدادت حدة منذ أسبوع، مؤكدا أن الإشكالية تكمن في أن أغلبية المستشفيات تعتمد على الأطباء المقيمين في المناوبات الليلية وخاصة الاستعجالات، والآن بعد دخولهم في إضراب وتخليهم عن الحد الأدنى، فالضغط كله-يضيف- أصبح على الأساتذة الاستشفائيين، غير أن عددهم لا يكفي لتغطية العجز والتكفل بالحالات داخل المصالح المختلفة. أما بالنسبة للعمليات الجراحية فقال خياطي إنها لم تتأثر وهي تسير بشكل عادي، لكن الكارثة الكبرى في مصلحة الاستعجالات.