قصة قرية بوطالب ببلدية الشقفة، قصة تشبه قصص الفصول المتواترة في زحمة السنة، فهي القرية التي تنتفض وتكسر سباتها كلما حل رمضان، قبل أن تعود إلى سباتها القديم بحلول يوم العيد. إنها بالمختصر حكاية (قلب اللوز) الذي تفتخر به موائد رمضان، والذي تشتهر به المنطقة منذ حقب بعيدة. الشقفيون الذين كثيرا ما يشدهم الحنين لزمن البركة والأفران التقليدية، يقولون إن قصة العشق القديم بين المنطقة وهذا الطبق الذي لا تخلو منه موائد الإفطار في بيوت (الجواجلة) تعود إلى التواجد التركي بالمنطقة ويربطون ذلك بهدية أكرم بها الأتراك أهالي المنطقة لاتقاء مقاومة السكان للتواجد التركي، وهي الهدية التي لم تكن أكثر من فرن تقليدي، برزت من خلاله حرفة الخبازة، والأطباق التقليدية ومنها هذا الطبق الذي صار طبقا شقفيا خالصا أبدعت فيه أنامل الشقفيين بعدها، رغم أن الرواية الأخرى والتي لا تبتعد عن تفاصيل الرواية الأولى تشير، إلى استغلال البايات والدايات لأبناء مولاي الشقفة للعمل في قصورهم بالعاصمة وهو ما تعلمه الشقفيون وتوارثوه أبا عن جد. ولا يزال التوارث إلى اليوم يصنع المذاق والنكهة وسر الحرفة . وها هي قرية بوطالب مازالت تصنع يوميات الصائمين، وتتحول إلى محج كبير للباحثين عن (قلب اللوز) يتفق كل من سألناهم بأنه الأجود على الإطلاق. وعن سر ذلك، قال لنا أصحاب الحرفة إن ذلك متعلق بطريقة التحضير وإبداع الأنامل، فضلا عن احترام المقادير. التي لم تتأثر بمتغيرات الأثمان في عقود مختلفة. بعضهم كتب في مدخل المتاجر تفاصيل الأثمان التي تتراوح بين 15 و25 دينارا تاركين بذلك المجال للزبون فرصة الاختيار بين مذاق اللوز والكاكاو. قال لنا آخر وهو يواجه طابورا طويلا لزبائن من مختلف البلديات ومن خارج الولاية "هو شهر الرحمة لذا نحاول أن نحافظ على أن تبقى بوطالب أنسب وجهة تحط بها كل المدن..". أما الزبائن فأجمعوا على أن بوطالب تبقى قصة رمضانية خالصة، لأن الحكاية أبعد من مجرد حرفة وطبق، وفرن تركي وقصور دايات، هي ألفة سارت بين الأجيال، وارتباط بمكان صنع اسمه، بعد أن صان الأبناء حرفة الأجداد، فكان أهلا لأن يكون مزارا للصائمين.