تشهد مدينة مولاي الشقفة، الواقعة شرق عاصمة ولاية جيجل، في شهر الصيام، إقبالا كبيرا للصائمين من مختلف البلديات ومن خارج الولاية نظرا للشهرة التي تكتسيها هذه المدينة الملقبة بعاصمة قلب اللوز والخبز والحلويات ومدينة الشعراء والأدباء. فأن تدخل مدينة الشقفة إحدى البلديات القديمة التي تأسست مع مدينة سطيف ولا تعود محملا منها بعلبة قلب اللوز والزلابية وبوراكة الطاكسيور والفواكه والخضر الطازجة، فكأنك لم تزر هذه المنطقة العريقة التي أهدى أهلها الداي التركي في القرن ال15 فرنا لإنجاز مختلف أنواع الخبز والحلويات. عودة قلب اللوز بلعجوز بعد 20 سنة من الغياب سجلنا خلال زيارتنا إلى هذه المدينة أول أمس، عودة أحد عمالقة إعداد قلب اللوز، وهو شيخ في العقد السابع من عمره والمدعو بومالة محمد المعروف ببلعجوز، وهو يأخذ اسم شهرة قلب اللوز الذي كان يعده منذ الستينيات بمنطقة لعزيب، أين كان يعده طيلة أيام السنة في مقهى القرية وكانت الكثير من العائلات تفضل زيارة هذه المنطقة المعروفة بغابة أشجار الزيتون الكثيفة المظللة التي تعود للحقبة الرومانية، والتي تستغل للرياضة والنزهة. وكان قلب اللوز بلعجوز يلقى اهتمام كل الصائمين وله شهرة حتى خارج الولاية وقد غاب عن السوق منذ 1995 أي ما يقارب 20 سنة بعد أن انتقل إلى العلمةبسطيف، أين كان ”عملاق” قلب اللوز بدون منازع هناك وكذا ولايات أخرى، قبل أن يعود تحت تأثير شبان القرية وأولاده. عاد عمي محمد بلعجوز إلى هذه الحرفة وبخلطته السحرية الخفيفة في إعداد قلب اللوز الذي يبيعه الشاب بوملطة فارس بمعية ابن الحرفي بومالة عبد الحميد أمام الصيدلية المركزية. .. وإقبال على لحم الجدي والفواكه والخضر الطازجة وأنت تدخل مدينة الشقفة على الجهة الشمالية تجد منطقة جيمار المعروفة بسوق للجملة للخضر والفواكه، وتجد عدة حرفيين هناك في الخبز وصناعة قلب اللوز، وعندما تواصل قليلا تجد قرية بوطالب الجميلة الهائمة تحت جبال سدات الخضراء أين تجد أحد عمالقة قلب اللوز بوطالب الذي انتشر صيته بعيدا، حيث وجدنا أن الموطن الأصلي لقلب اللوز بوطالب الذي يعده دبيش ياسين ابن المرحوم عمي مصطفى، أول من أدخل حرفة قلب اللوز للمنطقة في السبعينيات وكذا شاب آخر تحدى جشع الباعة ليعد قلب اللوز بوطالب ويبيعه ب 15 دج للقطعة الواحدة، ما جعل الإقبال كبير عليهما. وبمدينة الشقفة نجد إقبالا كبيرا على قلب اللوز عمي عمر بوخديش، الذي تعود معه الصائم في السنوات الأخيرة بمركز المدينة مقابل الجزار المركزي الطاهر. كما نجد العديد من باعة قلب اللوز، منهم لعبني عزالدين وعبد المجيد، كما نجد باعة الزلابية بسعر 200 دج منهم بوشلاغم. كما أن الإقبال يكون كبيرا على خبز اللحظات الأخيرة عند ”البيرو” وكذا خبز الأرض الكبير عند بن جازية، ومخبزة بولفراد وطيار وغيرهم. ومن مميزات الشقفة وجود بعض المتاجر تعود إلى حقبة السبعينيات، كما هو حال متجر عمي محمد رقاط الذي بدأ في هذا النشاط في سنة 1972، وكان كل السكان يقتنون المواد الغذائية من عنده. كما أن باعة الجملة عبر الوطن يعرفون عمي محمد ويشهدون بتفانيه في عمله، حيث كان لا يخرج من متجره طيلة ساعات اليوم إلا للمرض أو أمور عائلية طارئة، وقد خلفه اليوم ابنه نورالدين ليكمل مسيرة والده رغم كونه إطارا جامعيا إلا أنه فضل التجارة في الوقت الحالي. وبجانب محل رقاط نجد باعة اللحوم سواء العادية او لحم الجدي القادمة من منطقة لعزيب ”أولاد زكري”، والتي غالبا ما تكون تحت الطلب كونها طبيعية جدا، كما تجد أشهى أنواع الخضر والفواكه الطازجة القادمة من مزارع الأربعاء وبوطالب وجيمار وأولاد مسعود والسبت وغيرها، والتي تستهوي زوار المنطقة. ”طاكسيور” يبيع البوراك فوق غطاء سيارته الصفراء من بين مميزات رمضان بالشقفة إقبال الصائمين منذ الرابعة مساء على مرآب لركن سيارة عمي السعيد بلحيمر الطاكسيور، للحصول على بوراكته السحرية كما يلقبها زبائنه، حيث اشتهر عمي السعيد ببيع البوراك وإعدادها فوق ”كابو” سيارته الصفراء من نوع بيجو 404 تعود إلى تاريخ 1969 الذي يحافظ عليها كثيرا، لاسيما أنه مايزال يرتزق منها في مهنة ”الطاكسيور” صباحا وبائع البوراك مساء. ويجد الزبائن نكهتهم في اكتشاف بوراكة ”الطاكسيور” الذي بدأ في إعدادها مند أكثر من 15 سنة. وأشار عمي السعيد أنه لو فتح محلا آخر لبيع البوراك فإنه قد لا يحقق أرباح بوراكة الطاكسيور.. لتبقى الشقفة عاصمة لكل الحلويات الرمضانية دون منازع وحلوياتها سيدة المائدة في رمضان بجيجل.