يتفنن الجزائريون في استهلاك ما لذ وطاب من الخبز في رمضان، حيث أحصت الاتحادية الوطنية للخبازين تسويق 35 نوعا من الخبز خلال الشهر الفضيل، إذ يبدع الخبازون في تحضيره بوصفات خاصة تجعل منهم قبلة للمواطنين من مختلف الأماكن، ما أدى إلى ظهور أنواع جيدة من الخبز المصنوع من السمك و"الدّرسة" والحليب، الذي يصل سعر الخبزة منه إلى 150 دج. "الشروق" رافقت بعض الخبازين المبدعين ووقفت على مدى لهفة وطرافة الجزائريين في استهلاك الخبز ومشتقاته.. أصحابها يؤكدون ارتفاع الطلب عليه في رمضان مخابز تتفنن في خبز الجلجلان والزيتون والحليب والسمك والنخالة يتفنن الخبازون خلال شهر رمضان في إبداع مختلف أنواع الخبز التي تستهوي الجزائريين وتسيل لعابهم ساعات قبيل الإفطار، حتى أن كثيرين يشترون أكثر من حاجتهم فقط لأنهم لم يستطيعوا مقاومة رائحة الخبز الزكية وشكله الجذاب والمغري. من الأنواع المعروضة في مختلف المحلات بحسب ما وقفت عليه الشروق، نجد خبز الزيتون والجلجلان والسميد والشعير والنخالة والخبز الكامل وكذا خبز الحليب والزيتون و"الدرسة" والقائمة لا تزال طويلة جدا…. "الشروق" تحدثت إلى بعض أهل المهنة ورصدت الطوابير المسائية في محلاتهم للظفر بأشهى أنواع الخبز التي يتنقل البعض لأجلها كيلومترات عديدة وبعضهم الآخر يأتي من خارج العاصمة أو الولاية استنادا لتصريحاتهم وشهادات العاملين في المخابز. الوقفة الأولى كانت مع مخبزة "موندولين" بالسبالة ببلدية درارية غرب العاصمة، حيث أكد لنا صاحبها وجود أكثر من 12 نوعا من الخبز يحضرونه يوميا ويبدأ العمل على مراحل ومع فريقين للعمل، فريق صباحي وآخر مسائي. ويبدأ تحضير العجين مباشرة بعد صلاة الفجر ويمتد إلى غاية دقائق قبيل الإفطار لتلبية احتياجات الجميع، حيث تباع يوميا ما يزيد عن 2000 خبزة، وتتراوح أسعار الخبز عند "موندولين" بين 10 دج و25 دج. وغير بعيد عن المخبزة الأولى انتقلنا إلى مخبزة "الباريزيان"، حيث وجدنا أنواعا أخرى جديدة اشتهر المحل بها أهمها خبز الدرسة الحار وخبز سمك "الأونشوا" والخبز الكامل وخبز الزيتون والنخالة، وتعرض المخبزة بدورها أكثر من 10 أنواع من الخبز. صاحب المحل "صنباجي عمر أوضح في حديثه للشروق أنه يعمل في هذا المجال منذ أزيد من 8 سنوات"، مؤكدا ارتفاع الطلب على الخبز بشكل لافت خلال الشهر الفضيل حتى أن بعض زبائنه يأتون من ولايات البليدة وبومرداس وعين الدفلى. وتتراوح أسعار خبز "الباريزيان" بين 35 دج و60 دج يعتبرها زبائنه عادية بالنظر إلى نوعية الخبز المقدمة كما أنّ الأسعار، حسبهم، خارج الخبز العادي المقنن، حرة ولا تخضع إلى سقف معين. أما مخبزة "لوبارادي سوكري" أو جنة السكر فتقدم بدورها أنواعا مماثلة وأحيانا إضافية يزداد إقبال الطبقة الراقية عليها، وتعد أسعارها مقبولة بحسبهم، نظرا لنوعية الخبز الممتازة المقدمة ويصل أحيانا ثمن الخبزة إلى 70 دج. الخبز التقليدي الفرنسي وخبز الشعير والنخالة يستقطب المرضى والأغنياء أثرياء يتمتعون بالخبز الصحي.. وفقراء يتزاحمون على الخبز المدعم! ترمى في مزابل الجزائر وخلال شهر رمضان، 10 ملايين خبزة يوميا، حيث يعتبر وجود هذه المادة الغذائية ضرورة على موائد الأكل.. لكن تتفق كل الهيئات الصحية وجمعيات حماية المستهلك، على أن الخبز الذي يستهلكه الجزائريون، لا فائدة غذائية منه، لأنه مصنوع من الدقيق اللين "الفرينة" المدعم وهو غير كامل، حيث أصبح أغلبهم يشترونه لملء معدتهم فقط!.. خبازون أغلبهم يملكون محلات في أحياء راقية في العاصمة، اجتهدوا في صناعة أنواع من الخبز الصحي، الغني بالألياف.. خبز من الشعير، وخبز مزيج من الحبوب، وآخر من النخالة.. وخبز تقليدي وبالزيتون والجلجلان وغيرها من الإضافات الغذائية. في حيدرة والشراقة وسعيد حمدين، والجزائر الوسطى، محلات للخبز يتهافت عليها مرضى السكري، وفقر الدم، وكبار السن، ولكنهم في الغالب من ميسوري الحال. نحو 10 أنواع من الخبز توفرها هذه المحلات، وبأسعار تتراوح بين 10دج إلى 150دج، لكن يبقى خبز الشعير والنخالة الأكثر طلبا من طرف الزبائن، ويكفي شراء خبزة أو خبزتين من طرف بعض العائلات للتخلي عن الخبز العادي، والذي يبقى ويرمى في المزابل على حد تعبير كهل كان يشتري خبز الشعير من محل بالجزائر العاصمة. .. الخبز الغذائي للأغنياء والمدعم للفقراء! وعلى عكس المخابز التي توفر الخبز المصنوع من الفرينة المدعمة، تختلف مخابز الأحياء الراقية، المجتهدة في تحضير أنواع مختلفة من هذه المادة، من حيث الإقبال، حيث تعرف الأولى حالة من الاكتظاظ فيما يقصد هذه الأخيرة زبائن معينين، وهذا حسب ما رصدته الشروق، من خلال زيارتها لمخبزة "نورهان" بالجزائر الوسطى. وأكدت لنا إحدى بائعات المحل، المسماة كنزة بوكرمة، أن الاهتمام بأنواع الخبز خلال هذا الشهر، زاد بشكل ملحوظ، غير أن أغلبهم من المرضى والمسنين والأغنياء، مشيرة إلى أن الوعي الغذائي، والخوف من خبز الفرينة المدعمة، ثقافة بدأت تترسخ في أذهان الجزائريين. وقالت إن المحل يوفر 10 أنواع من الخبز، في مقدمتها، خبز الدقيق والشعير، والنخالة، ثم تأتي أنواع أخرى تتعلق بالمحسنات الغذائية، وهو الخبز الذي يحتوي 10 أنواع من حبوب القمح والشعير والقمح اللين، وأخرى يضاف إليها "الجلجلان"، أو "الزيتون" أو"الهريسة" أو أنواع من الزيوت، وخبز خاص بمرضى السكري "السياغل"، والأسعار تصل إلى 90دج، أما خبز ما يسمى ب"الكسرة" وهي مصنوعة من زبدة أصلية، تباع بسعر 150دج. وتوفر مخبزة "نوهان"، خبزا فرنسيا تقليديا يطهى خصيصا في فرن الآجر، وهو مطلوب من طرف ميسوري الحال. في السياق، أكد رئيس الاتحاد العام للخبازين الجزائريين، يوسف قلفاط، أن أغلب المحلات التي تبيع الخبز المحسن، والغذائي تقع في الأحياء الراقية في الجزائر، أما الخبز العادي فهو لمتوسطي الدخل والفقراء، موضحا أن خبز الفرينة المدعمة غير صحي ولا يتوفر على فوائد غذائية. ودعا الحكومة إلى توفير الدقيق اللين الكامل "الفرينة"، ليكون في متناول الخبازين، مستغربا من عدم توفرها رغم أنها إنتاج جزائري. من جهته، قال زبدي مصطفى، رئيس الجمعية الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك، يجب توفير الدقيق اللين الكامل، لأن خبز الشعير والسميد سعره ليس في متناول الجزائري البسيط، الذي بات، حسبه، مهددا في صحته. أكد أن الخبازين يلجؤون إليه لتجنب الإفلاس قلفاط: أسعار "الخبز الرمضاني" تصل إلى 150 دج للخبزة أكّد يوسف قلفاط، رئيس الاتحادية الوطنية للخبازين الجزائريين، في تصريح إلى "الشروق"، وجود 35 نوعا من الخبز يسوّق في الجزائر يصنف ضمن 3 أنواع. وقال قلفاط إن الخبز العادي لم يعد موجودا في بلادنا منذ 2004 وذلك بعد أن توقفت الحكومة عن استيراد الفرينة المحسنة ولجأت إلى استيراد القمح وطحنه واستخراج الفرينة منه.. وهو ما جعل الخبازين يلجؤون إلى المحسن الغذائي لإضافته في العجين. وفي ظل التكاليف المرتفعة لإنتاج الخبز، يقول قلفاط، ضاع هامش ربح الخباز الذي وجد نفسه أمام الإفلاس لا محالة إن استمر في الاعتماد على الخبز المقنن ب 10 دج فقط، لذا فكر هؤلاء في إنتاج أنواع خبز أخرى دون مخالفة القانون والتعرض للعقوبات المنصوص عليها. وأفاد قلفاط بأن أسعار الخبز الأخرى حرّة، وهي تستند إلى الوزن ونوعية المقادير المعدّة بها، كما أنّها تتراوح ما بين 10 دج إلى 150 دج، غير أن محدثنا عاد ليركز على أمر مهم جدا، وهو محدودية انتشار هذه المخابز على المستوى الوطني واقتصارها على بعض المدن العاصمية والمدن الكبرى كما أن مستهلكيها هم من الطبقة الراقية جدا التي تعيش بحبوحة مالية ما عدا بعض الاستثناءات الخاصة بشهر رمضان حين يشتهي المواطن أكل بعض الأنواع ويتنقل لأجلها مسافات طويلة، لكن لا يمكنه الاستمرار فيها على مدار العام لأنها تتطلب ميزانية خاصة. المخابز تعود لنشاطها التحايلي بحلول رمضان اختفاء الخبز العادي وتضاعف إنتاج أنواع أخرى.. مسلسل رمضاني ببسكرة عادت غالبية المخابز النشطة لنشاطها الاستثنائي بحلول شهر رمضان ببسكرة، من خلال التفنن في إعداد عشرات الأنواع من الخبز وترويجه بأسعار مرتفعة ضمن تسميات متعددة تدخل في صيغة خبز محسن، فيما قلصت هذه المخابز إنتاجها من الخبز العادي الذي يحضى بدعم الدولة وتحدده المصالح العمومية بسعر معين مفروض على المخابز واحترام أسعاره المضبوطة لفائدة المواطنين، فيما تذهب مخابز أخرى بالولاية إلى الإقلاع عن إنتاج الخبز العادي نهائيا في رمضان رغم إدراكها مخالفتها للقانون. وتكرر الجدل حول احترام معدل إنتاجه وتسويقه مع حلول كل شهر رمضان، فتح باب صراخ من جهة أخرى لأصحاب هذه المخابز الخاصة ونقلها لانشغالات عديدة بسبب ارتفاع عدة أعباء على كاهل المخابز، في وقت لم تثمر نداءاتهم محليا ووطنيا للخروج بحلول تعود بالصالح العام على المستهلك من جهة وبالفائدة المقبولة تجاريا لصالح نشطاء المخابز. هذا وتطرح قضية ترويج هذه المادة الأساسية في غذاء المواطنين دور أجهزة الرقابة، ليس بالنسبة للأسعار فقط، بل تجارة طاولات الخبز تبقى صورة سوداء تنتشر في الأسواق الشعبية رغم محدوديتها سيما بالمساء وما يترتب عنها من أخطار صحية لا يدرك عواقبها المستهلكون الذين يتحملون المسؤولية بدرجة أكبر، ناهيك عن قضية التبذير المنتشرة.