أحدثت قضية الاعتداء على الطفل الإفريقي تضامنا شعبيا ورسميا كبيرا في أوساط الجزائريين الذين نطقوا بصوت واحد، مناهضين مثل هذه السلوكات المشينة والمسيئة لتاريخ وأصالة الشعب الجزائري. وأدان مواطنون وحقوقيون ومسؤولون ما سموه بالسلوك العنصري، كما بادروا إلى ملاحقة المعتدي والاصطفاف إلى جانب الضحية للدفاع عنه. ويشكل هذا الفيديو الذي يؤكد البعض أنه قديم ويعود إلى أشهر ماضية ضغطا جديدا على الجزائر من قبل منظمات أممية، لا سيما في ظل موجة الهجومات الشرسة التي تطالها جراء عمليات الترحيل التي تقودها بلادنا بحق بعض المهاجرين رغم كون ذلك بطلب من سلطات بلادهم، وأكثر ما يبرز ذلك هو التصريح الأخير لسفير التشاد في الجزائر أوّل أمس. ومن بين ما تضمنته تعليقات جزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي أنّ هذا السلوك الذي لا يعبر عن شهامة الفرد الجزائري وتبرّؤوا منه واصفين إياه بالسلوك العنصري المهين والمقيت. كما ورد على لسان آخرين الدعوى إلى الرأفة والشفقة بحالهم، في حين وصف آخرون المعتدي بعديم الرحمة والإنسانية أو كما قالوا "وحش بشري". وفي أوّل تحرك من قبل ولاية عنابة بادرت هذه الأخيرة، حسب ما ورد في بيان لها تلقت الشروق نسخة منه، إلى تحريك الدعوى العمومية من خلال إيداع شكوى ضد مجهول لدى السلطات القضائية وذلك قصد متابعة مرتكب هذه الأفعال المدانة وغير المقبولة. وذلك بناء على فيديو تضمن مشاهد عدائية تمثلت في المعاملة السيئة لطفل من دول الساحل تم التخلي عنه في الطريق العام كان يقوم بالتسول حيث صفعه وأهانه شخص بالغ كان يتواجد في محطة نقل المسافرين، وفق ما أورده البيان. وذكّرت ولاية عناية الرأي العام بأن كل مساس بالسلامة الجسمية أو النفسية لأي شخص بغض النظر عن عرقه أو جنسيته سيكون محل متابعات جزائية صارمة وفقا لقوانين الجمهورية الجزائرية. وفي السياق ذاته، تكتّل عدد من المحامين الناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان للدفاع عن هذا الطفل بشكل تطوّعي ضد معنّفه للاقتصاص منه. وبدوره، أكّد عبد الرحمان عرعار، رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل "ندى" أنّ هذا التصرف يسيء لصورة الجزائريين فمهما يكن لا يحق المساس بالآخر لا سيما أنه في حالة لجوء وفرار من أوضاع صعبة، مشيرا إلى أنّ التشريع الجزائري يحمي الأطفال مهما كانت دياناتهم أو عرقهم أو جنسياتهم. وأضاف عرعار، أنّ هذه التصرفات الفردية تزيد الضغوطات على الجزائر فقد يستغل بعض الحاقدين على الجزائر هذه التجاوزات الفردية والمنعزلة سياسيا وإعلاميا لذا يجب أن يكون رد فعل سلطات بلادنا قانونيا هادئا وبحكمة. بدوي يرد بشأن فيديو اللاجئ الإفريقي: "فتحنا تحقيقا.. وسنعاقب المتورطين" كشف وزير الداخلية والجماعات المحلية، نور الدين بدوي، أن مصالحه باشرت تحقيقا للتحري في حادثة الاعتداء على الطفل الإفريقي اللاجئ بالضرب، بمحطة الحافلات وسط مدينة عنابة، قائلا "في حال ثبت ذلك، سيتم معاقبة المتسببين في الحادثة". وأضاف الوزير، الخميس، في رد على سؤال صحفي، على هامش زيارة عمل وتفقد قادته إلى ولاية الطارف، أن الجزائر تحترم اللوائح والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وتلتزم بتنفيذها، وأن أي مخالفة ترتكب في هذا الإطار، سيتم معاقبة أصحابها. وبالمقابل، طمأن بدوي بخصوص الفيديو المتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والمتضمن مقطعا يصوّر مواطنا جزائريا يصفع "بوحشية" لاجئا إفريقيا، سيخضع لتحقيق معمق من قبل الجهات القضائية، مشددا "احتضنا الأفارقة، ولن نسمح بحدوث مثل هذه التجاوزات".