قال رئيس الوزراء الفرنسي السابق، دومينيك دوفيلبان، إن مصالحة فرنسا مع الجزائر هي المفتاح لسياسة عربية جديدة بين باريس والعالم العربي بعد ما يعرف بموجة الثورات العربية، معترفا بأن الدول الأوروبية كانت بطيئة في الاعتراف بالتحولات التي حصلت في الدول العربية التي عرفت تحولات عبر هذه الثورات. وكتب دوفيليبان مقالا في جريدة "لوموند" الفرنسية ينشر في عدد الخميس، عبر فيه عن قناعة راسخة لديه بضرورة الذهاب إلى مصالحة تاريخية بين فرنساوالجزائر، مثلما فعلت باريس مع ألمانيا، لأن هذه العلاقة ستكون بمثابة المفتاح لرسم سياسة فرنسا المستقبلية تجاه العالم العربي، مضيفا أن رياح الربيع العربي لم تهب على الجزائر، التي تعاني من آثار الإحتلال الفرنسي، وسنوات التسعينيات الدامية، داعيا إلى الذهاب إلى مصالحة حقيقية بين البلدين. وأشار وزير الخارجية الفرنسي السابق، إن تطبيق هذه المصالحة على أرض الواقع يتطلب إشارات قوية بقيام الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بزيارات إلى البلدان العربية "الشريكة" لباريس لإظهار أن فرنسا تقف إلى جانب الشعوب المتطلعة للتغيير والحرية، مذكرا بالاستقبال الجماهيري الكبير للرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك لدى زيارته للجزائر. وتأتي دعوة ديفيلبان بعد البرودة التي ميزت العلاقات الجزائرية الفرنسية خلال السنوات الأخيرة بسبب ملفات عالقة وعلى رأسها ملف الذاكرة الذي تطالب فيه الجزائر بالاعتراف بجرائم فرنسا الاستعمارية، رغم محاولات الطرفين تلطيف الأجواء والبحث عن تقارب من بوابة الاقتصاد عبر تدعيم ملف الشراكة بين البلدين. وقال الوزير الفرنسي السابق، إن حلم التغيير في الوطن العربي وتحقيق مزيد من الحرية والديمقراطية، يقف أمام تحد كبير، سواء بتجسيد هذا الحلم على أرض الواقع أو تحول هذا الحلم إلى كابوس هوية تنجم عنه عواقب وخيمة نتيجة سقوط القيادات المستبدة والفاسدة في الدول التي مستها رياح التغيير، وكذا صعود التيارات الإسلامية التي كسبت مزيدا من التأييد الشعبي، مثلما حدث في إيران في سنة 1979 وأفغانستان في 1989. وحذر دوفيلبان من خطرين يواجهان الدول العربية التي عرفت حراكا في الفترة الأخيرة، أولهما تطرف الثورات العربية بصعود التيارات السلفية التي تستغل اليأس الاجتماعي وتستثمر فيه للصعود إلى الواجهة على حساب التيارات الإسلامية الأخرى الأكثر اعتدالا ويقصد بالقول حركة الإخوان الفائزة برئاسة مصر وقبلها فوز حركة النهضة في الانتخابات التشريعية في تونس، أما الخطر الثاني محاولة "بلقنة" الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مع صعود الأفكار والحركات الإنفصالية داخل الدول المنهارة بعد الثورات التي شهدتها، وهو الحال الذي تعيشه حاليا العراق منذ 2003 وليبيا منذ 2011، فيما تتجه سوريا نحو نفس السيناريو إذا استمر الصراع بين السلطة والمعارضة المشكلة من عدة طوائف.