خلفت التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، بشأن الانتخابات الرئاسية جملة من التساؤلات حول مصير العهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة، التي لا تزال مجرد مشروع. ولد عباس وبعد أن خاض جولة ماراتونية مع شركائه السياسيين، من أجل حشد الدعم للعهدة الخامسة، أطلق الثلاثاء، تصريحات مثيرة، عقب لقائه برئيس تجمع أمل الجزائر (تاج)، عمار غول، وإن تحدث عن الاستمرارية التي تعني من بين ما تعنيه، ترشيح الأفلان الرئيس بوتفليقة لعهدة رئاسية أخرى، إلا أنه تحدث بالمقابل عن تسليم المشعل لما سماها "الأجيال الصاعدة"، في توجه أحدث لبسا في الفهم لدى الكثير من المراقبين. ومما قاله الأمين العام للحزب العتيد بهذا الخصوص: "سنة 2019 هي سنة إجراء الانتخابات الرئاسية، كما تعني 2019 أيضا، التأشيرة لمستقبل الأجيال الصاعدة من أجل أن يسلم جيل أول نوفمبر، المشعل للأجيال الصاعدة"، وهي عبارة ذكرت الجميع بخطاب الرئيس في العام 2012 بسطيف عندما تحدث عن تسليم المشعل للأجيال الجديدة". ولد عباس قال أيضا: "نحن نبني للجيل الصاعد، لسنا نفكر في انتخاب عبد العزيز بوتفليقة، لأن الرئيس ليس في حاجة إلى حملة انتخابية"، وهي العبارات التي زادت الوضع غموضا.. لأن الرجل كان إلى وقت قريب لا يتحدث إلا عن العهدة الخامسة". وليست هي المرة الأولى التي يتحدث فيها الرجل الأول في الأفلان بهذه الصيغة، فقد سبق له أن قال إنه لن يتوقف عن مناشدة الرئيس من أجل الترشح، غير أنه سينزل عند رغبة الرئيس في حال قرر الركون إلى الراحة، وهو الاستدراك الذي صدر عن ولد عباس، فيما بدا ردا على رئيس الحركة الشعبية، عمارة بن يونس، الذي انتقد من الدعوات التي تسعى لفرض العهدة الخامسة على الرئيس بوتفليقة. وجاءت كلمات ولد عباس متناقضة بعض الشيء مع التصريحات التي صدرت عن الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، الإثنين خلال لقائه بعمار غول، والتي اعتبر فيها الدعوة للعهدة الخامسة كلاما مبدئيا، لأنه يستند على الإنجازات التي تحققت خلال العقدين المنصرمين، في إشارةإعلى فترة حكم الرئيس بوتفليقة. ويأتي كلام ولد عباس المثير للجدل، في الوقت الذي انتقلت فيه أحزاب الموالاة إلى الهجوم المعاكس عبر حشد الدعم للعهدة الخامسة، فلقاءات أحزابها باتت شبه يومية، فيما يبقى غياب حزب عمارة بن يونس عن لقاءات أحزاب هذا المعسكر، يشكل لغزا ويطرح أكثر من سؤال، هل انتقل إلى المعسكر الآخر، أم أنه يناور من أجل تموقع أفضل فيما هو قادم من أسابيع. يحدث كل هذا في الوقت الذي باتت فيه مبادرة "التوافق الوطني" التي أطلقتها حركة مجتمع السلم، تتجه نحو الانحسار بعد أن قوبلت بالتحفظ من قبل أحزاب السلطة الأكثر تمثيلا وحضورا في المشهد، "جبهة التحرير" و"التجمع الوطني الديمقراطي".