فتح عديد من أصحاب الأدوات المدرسية دفاتر القروض "الكريدي" أمام أولياء التلاميذ الذين لا يملكون المال لشراء ما يحتاجه أبنائهم من لوازم الدخول المدرسي، بعدما أرهقت المناسبات المتعاقبة ميزانيتهم وأخلط تقديم الأجور قبيل العيد أوراق الكثير منهم، مما جعلهم يبحثون عن حلول أخرى. وجد الأولياء أنفسهم في مواجهة شبح الدخول المدرسي بمصاريفه المكلفة التي لم يعدوا لها العدة ولم يحسبوا لها حسابا، بعدما أنفقوا جميع أموالهم في تغطية تكاليف عيد الأضحى، ليكون الدخول هذا العام صعبا جدا وعسيرا للكثيرين، مما اضطرهم إلى الجوء للمحلات التي تبيع الأدوات ب"الكريدي" للتخفيف من الأعباء، بل وهناك من يتفق مع صاحب المحل لتسديدها على دفعتين إذا ما كانت الديون كبيرة. وكشف صاحب محل لبيع الأدوات المدرسية بحسين داي، أنه تعوّد على مدار السنتين الفارطتين، على بيع الأدوات ب "الكريدي" من محافظ وكراريس ومقلمات وألوان، فسكان الحي بسطاء وإمكانياتهم المادية محدودة، وهم يجدون في الاعتماد على دفاتر القروض فرصة تمكن أبنائهم من العودة لمقاعد الدراسة مثل بقية زملائهم، بعدما كانوا يجبرونهم على التغيّب ومقاطعة المدارس في الأيام الأولى من الدخول لحين توافر المال، وأضاف المتحدث أنه يسمح لزبائنه بأخذ ما يرغبون به ب"الكريدي" غير أنهم يفضلون اقتصار الأمر على الكراريس والسيالات، ونادرا ما تكون المحافظ من ضمنها، معترفا بأن الديون تتجاوز في الكثير من المرات المليون سنتيم لمن يملك أكثر من طفلين متمدرسين، خصوصا إذا تعلق الأمر بالطورين المتوسط والثانوي. في حين ذكر لنا صاحب محل أدوات مدرسية بحي باش جراح، أن دفاتر "الكريدي" قد عادت بقوة في السنوات الأخيرة في جميع النشاطات التجارية، نظرا لضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين، واستحالة تطبيق سياسة التوفير التي كانوا ينتهجونها في السابق، وأضاف المتحدث بأن "الكريدي" في محلات الأدوات المدرسية موجود على مدار السنة، ودفاتره لاتغلق إلا بقدوم الفصل الثالث، فهناك من لا يملك حتى 40 دج لشراء كراس لابنه، وهو ما قد لا يصدقه كثير من الناس، فالفقر دفع بأحد الأولياء لتأخير دخول أبنائه لحين توزيع المساعدة المالية، مواصلا بأن بعض الأمهات ترهن مجوهراتهن ويبعنها وهناك من يستدين بالفوائد لتغطية تكاليف العودة للمدارس. من جهتهم، استحسن الأولياء اعتماد أصحاب المحلات دفاتر القروض واعتبروها طوق النجاة الذي يخلصهم من الكابوس الذي أثقل كاهلهم. تقول أم أمير "أنا أم لأربعة أبناء واحد في الثانوي واثنان في المتوسط والأخير في الابتدائي، وبالرغم من تقتيري وتوفيري خلال فصل الصيف، غير أنني صرفت جزءا منه لشراء أضحية العيد، والآن ونحن على أبواب الدخول المدرسي ذهب كل ما وفرته من مال لقاء شراء مآزر ومحافظ ومازالت الأدوات والكتب المدرسية في الانتظار، غير أن "الكريدي" سيخفف من العبء عليها ويساعدها بحسبها في تأمين ما يحتاجه أبنائها ثم ستقوم بتسديده لصاحب المحل". في حين يرى أب لخمسة أطفال، في "الكريدي" منقذا له ومخلص من أزمة الديون التي ظلت تحاصره في كل دخول مدرسي، فسيتمكن من شراء احتياجات أبنائه وأدواتهم مباشرة من المحل، على أن يسدد قيمتها في وقت لاحق موضحا تعمّده اختيار أدوات أسعارها منخفضة كي لا تكون القيمة مرتفعة.