حمل قدوم المدرب جمال بلماضي للإشراف على العارضة الفنية للمنتخب الوطني الأول لكرة القدم، الكثير من الآثار الايجابية ليس فقط على مستوى الرأي العام والجماهير التي ساندت غالبيتها قرار تعيين الدولي السابق على رأس الخضر، وإنما تعدى الأمر ليشمل رد فعل اللاعبين الذين وجه لهم بلماضي الدعوة لحضور التربص التحضيري الذي يسبق مباراة غامبيا يوم السبت المقبل بالعاصمة الغامبية بانجول في إطار الجولة الثانية من التصفيات المؤهلة لكاس أمم إفريقيا 2019 المرتقبة بالكاميرون. وشهد المنتخب الوطني منذ خريف عام 2016 حالة من الفوضى والتسيب والانفلات الانضباطي، فضلا عن عدم استقرار الطاقم الفني والنتائج، إضافة إلى فقدان اللاعبين للرغبة والتحفيز والطموح، وهو ما ظهر جليا من خلال تدهور مستوى المنتخب وتراجع النتائج ما أدى إلى مشوار كارثي في تصفيات مونديال روسيا 2018، وتحول المنتخب إلى “ورشة مفتوحة”، بفعل التغييرات الكثيرة التي أصابت تركيبة المنتخب، وهذا منذ رحيل المدرب الفرنسي كريستيان غوركوف مطلع شهر أفريل من عام 2016، حيث عاش الخضر بعدها فترة فراغ رهيبة استمرت إلى غاية قدوم المدرب جمال بلماضي يوم الثاني من شهر أوت الماضي. وقبله اشرف على التشكيلة الوطنية كل من رابح ماجر، وقبله كل من الاسباني لوكاس ألكاراز وجورج ليكنس، والصربي ميلوفان رايفاتس. ومع بداية تربص المنتخب الوطني أمس استعدادا لمباراة غامبيا، ظهرت أولى بوادر انفراج الأزمة على مستوى المنتخب، واستعادة الثقة والرغبة والتحفيز، بدليل قدوم كل اللاعبين المدعوين، بما فيهم المصابين، وسط أجواء رائعة ميّزتها التصريحات التفاؤلية، والتحلي بروح المسؤولية وتضافر الجهود لأجل إعادة المنتخب إلى مكانته المعهودة وسط الكبار سواء على المستوى القاري أو العالمي، على حد تعبير كل من رفيق حليش، بغداد بونجاح، مهدي تاهرات، رياض بودبوز، وخاصة سفيان فيغولي الذي “حضّر” جيدا لعودته إلى صفوف الخضر. رسالة بلماضي وفيغولي للاعبين وللجماهير واستغل سفيان فيغولي المناسبة كي يطلق “مبادرة صلح” تجاه زملائه في المنتخب بعد أن تأزمت علاقته ببعضهم منذ آخر مباراة لعبها فيغولي في شهر أكتوبر الماضي أمام الكاميرون، في تصفيات مونديال روسيا 2018، حيث لم يوجه له المدرب السابق رابح ماجر الدعوة لحضور مباريات المنتخب، وتم تأويل ذلك وقتها على أنه نتاج خلافات بينه وبين اللاعب، لكن ماجر أرسل دعوة للاعب غالاتسراي التركي قصد المشاركة في مباراة البرتغال الودية مطلع شهر جوان الماضي، لكنه تخلّف عن الحضور وبرر ذلك وقتها بمعاناته من إصابة موسم شاق مع فريقه، لكن بعض المصادر أكدت بأن فيغولي “رفض” تلبية دعوة ماجر بسبب خلافه معه، ولم يكن إعلانه عن أنه مصاب سوى حجة لتبرير غيابه عن المنتخب. ونشر فيغولي تغريدة على حسابه ب”تويتر” غازل فيها الجماهير وزملائه في المنتخب، وأرفقها بصورة مركبة تضم كل اللاعبين ال25 الذين وجه لهم جمال بلماضي الدعوة، تحسبا مباراة غامبيا. وتحمل الصورة التي نشرها فيغولي عدة دلالات، خاصة وأنه كان على خلاف مع عدد من “نجوم” المنتخب على غرار رياض محرز، اسلام سليماني، نبيل بن طالب، وكان فيغولي قد أدلى بتصريحات مثيرة خلال ندوة صحفية على هامش مباراة الكاميرون، انتقد فيها ضمنيا بعض زملائه، الذين غابوا عن المباراة بعد أن استبعدهم المدرب الأسبق، الاسباني لوكاس ألكاراز، وقال وفتها تعليقا عن غياب الثلاثي المذكور: “عندما ألعب لمنتخب الجزائر لا أسعى وراء المال أو توقيع عقود اشهارية، لم يسبق لي أن طلبت ذلك أبدا”، وكان هذا التصريح بمثابة رسالة واضحة من فيغولي أكد فيها بأن ثمة لاعبين يتقاضون أجورا كبيرة مقابل انضمامهم للمنتخب، وأشعلت تلك التصريحات أزمة داخل المنتخب انتهت بإقصاء اللاعب. وكان بلماضي واضحا وصريحا للغاية خلال أول ندوة صحفية عقدها يوم 17 أوت الماضي، فيما يخص طريقة التعامل مع المجموعة، حيث أكد على أنه سيستعين بكل اللاعبين الذين يمكنهم تدعيم المنتخب، وبأن خياراته ستشمل حتى “المغضوب عليهم” أو المتورطين سابقا في حالات انضباطية، في خطوة تؤكد مدى حرصه على طي صفحة الماضي وفتح أخرى جديدة، ومنح الفرصة للجميع دون استثناء، قصد إعادة المنتخب إلى سالف عهده. وربما سيكون للقاء الذي يعقده بلماضي مع اللاعبين خلال تربص سيدي موسى، بمثابة منعرج حقيقي ل”الخضر”، حيث يوجه من خلاله رسائل إلى اللاعبين ويرسم أيضا خارطة الطريق المستقبلية، والفلسفة التي سيعتمدها خلال عهدته التي تنتهي نهاية عام 2022. الأمور الجدية تبدأ الثلاثاء وعلى صعيد آخر، سينطلق المنتخب الوطني ومدربه جمال بلماضي اليوم في الأمور الجدية، المتعلقة بالتحضير لمواجهة غامبيا، وبعد برمجة حصة استرخائية مساء أمس الإثنين، سيشرع اللاعبون في تطبيق برنامج التربص الذي سيمتد حتى صباح يوم الخميس المقبل موعد السفر إلى العاصمة الغامبية بانجول، وسيخوض الخضر قبلها حصة تدريبية يوميا إلى غاية مغادرة الجزائر نحو غامبيا، حيث سيجري الخضر هناك حصة استرخائية فور الوصول إلى بانجول، وينهون استعداداتهم يوم الجمعة بخوض آخر حصة تدريبية على الملعب الذي سيحتضن المباراة في اليوم التالي.