حرّكت خرجة رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس، بالدعوة إلى المساواة في الميراث بين الجنسين بالجزائر، الأئمّة والسياسيّين، خاصّة مع تأكيده أن “الأرسيدي” سبق الأشقاء التونسيين في المطلب، موضحا، على هامش الندوة الدولية حول “المشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمرأة بدول شمال أفريقيا”، السبت، أنهم يناضلون دائما من أجل المساواة داخل العائلة. تأسّف رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، عبد الرزاق قسّوم، لتطرق رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس، لقضية المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، بعدما اعتبر “الأرسيدي” أنه من السبّاقين للمطالبة بالمساواة بين الجنسين في الميراث، إذ تعجب قسّوم لما اعتبره “جرأة من مُسلم جزائري يسمح لنفسه أن يعتدي على قناعات قرابة 40 مليون جزائري”، فالميراث حسب المتحدث، تنزيل من الحق سبحانه وتعالى وليس “ملكا للأجداد ولا الآباء”. وينبغي علينا، يقول قسوم عبر “الشروق” “أن نتّقي الله في هذه النصوص الدينية، التي تحكم علاقاتنا كمسلمين في هذا البلد”. وفي إشارة لإقرار تونس قانون المساواة في الإرث وتأثير الموضوع على بقية الدول الإسلامية، اعتبر قسّوم أنه لا ينبغي أن يؤثر أمرُ خطأ في دولة إسلامية أو غيرها على بعض الأنظمة في العالم الإسلامي “لأن الجزائر مُحصنة بعلمائها وأجدادها” حسب تعبيره. وبخصوص الميراث، فأكد رئيس جمعية العلماء المسلمين، أنّ الله سُبحانه وتعالى شرع الميراث وأعطى لكل فرد نصيبه “وليس في ذلك ظلم للبشر، وإنما في الأمر حكمة، حتى إنه أحيانا تأخذ المرأة ميراثا أكبر من الرجل، إذ يختلف تقسيم الإرث حسب الحالات”. والعبرة من أحكام الدين، حسبه “أنها أخذت الجنسين على قدم المساواة بينهما، ولا فرق بينهما إلا بالعمل الصالح”. واعتبر المُتحدّث، أن فتح مثل هذه المواضيع وفي هذا الوقت بالذات، فيه “تعدّ على استقرار الأسر الجزائرية ودعوة لزرع الفتنة والشقاق بين الإخوة والأخوات وبين الآباء والأبناء، في وقت نحن أحوج للتكامل والتّحاب والتضامن داخل العائلات”. فيما يرى النائب عن حركة مجتمع السلم، عبد الناصر حمدادوش في اتصال مع “الشروق” أن الأنظمة الفاشلة تنزل بمستوى طموحات الشعوب، فبدل الاستجابة لأولويات التنمية وتحقيق النهضة وصناعة الحضارة، تنزل حسب تعبيره، إلى مستوى عالم الأشياء في الصراع الوهمي بين الذكر والأنثى، والصراعات الإيديولوجية الضيّقة، معتبرا مسألة المساواة في الميراث “معركةٌ وهمية” لا ترقى إلى جدلية الدّين والسياسة، ولا إلى فك الاشتباك بين الحداثة الغربية والأصالة الإسلامية. وأشار حمدادوش إلى أن الشريعة الإسلامية لا يحكمها معيار الجنس (الذكورة أو الأنوثة)، بل تحكمها معايير القرابة بينهما، ومعيار السنّ في استقبال الحياة وتحمّل الأعباء، ومعيار العبء المالي في تحمل المسؤولية الاجتماعية تجاه الأقارب، ليخلص إلى أن الحالات التي ترث فيها المرأة في الإسلام “هي غاية في العدل والإنصاف، وكما توجد حالات ترث فيها المرأة ولا يرث فيها الرجل”. كما وصف النائب عن حمس “عشاق المعارك الوهمية ضدّ الشريعة” باستعمالهم المرأة أداةً في الحرب ضدّها، وبالتالي فالمطالبة بالمساواة في الميراث ستكون ظلمًا للمرأة، وحرمانا لها من حالاتٍ كثيرة تأخذ فيها أكثر من الرّجل، وهي سقطةُ الجهل بالفرق بين المساواة والعدل. وبدوره، استهجن المنسق الوطني لنقابة الأئمة وموظفي الشؤون الدينية، جلول حجيمي، لما اعتبره “تدخلا للسياسيين في أمُور الدين”، مؤكدا أن الدعوة للمساواة في الميراث بين الجنسين “موضوع كبير، وقد أحدث فتنة وانقساما في المجتمع التونسي”، فالميراث منصوص عليه في القرآن وبنصوص قطعية الدلالة، وليس بمسألة اجتهادية. وأكد حجيمي، أنّهم يحترمون السياسيين “وعليهم بدورهم احترامنا كعلماء وأئمة”، لأنّ مثل هذه القضايا، تمس حسبه الشعب الجزائري المسلم والذي يجب أن تُحترم عقيدته من طرف السياسيين، إذ أن الإسلام دين الدولة وأي طعن في مبادئه يعد تعديا على الدستور، على حدّ قوله. وبخصوص مطالبة البعض بتطبيق التجربة التونسية في الجزائر، ردّ حجيمي “نحن لسنا حقل تجارب”.