أثارت إذاعة الجزائر من غرداية العمومية موجة شديدة من الاحتقان والاستياء لدى المواطنين، على خلفية انتهاك مشاعرهم عبر برنامج “كنوز وتراث” بأسلوب يغذي العنصرية والفتنة في المنطقة، التي عرفت استقرارا أمنيا في ثلاث السنوات الأخيرة. بثت إذاعة الجزائر من غرداية حصة مسجلة “كنوز وتراث”، منتصف نهار الاثنين الماضي، بعد نشرة الأخبار الرئيسة، أي خلال وقت الذروة، وفي سابقة خطيرة أقدم ضيف الحصّة على استعمال عبارات عنصرية جارحة، واستغرب المستمعون عدم إيقاف الصحفي لضيفه عند حدّه، لما تقتضيه المهنية والاحترافية، ضاربين قوانين الجمهورية وأخلاقيات المهنة عرض الحائط، خاصة أنّ الحصّة بثّت مسجّلة غير مباشرة، وخضعت للمراقبة والتركيب، الأمر الذي أثار استغراب الجميع. أمام هذه الحادثة، وجّه أمس ما يقارب 20 جمعية وفعاليات المجتمع المدني رسالة إلى رئيس الجمهورية، من أجل متابعة جادة للقضية، وفتح تحقيق لمحاسبة المسؤولين عن هذا الانزلاق الإعلامي، والتوصيف اللامهني غير المقبول، والمساس المباشر والاعتداء الخطير على مقومات الوحدة الوطنية ومقدسات المجتمع الجزائري، ومكوناته التاريخية العميقة وتنوعه الثقافي والتراثي التي يرعاها ويصونها الدستور- حسب ما جاء في المراسلة التي حازت “الشروق” نسخة منها. واعتبرت الوثيقة ما حصل “دعوة إلى الفتنة والكراهية، والخرق الصريح للخدمة العمومية الإعلامية ولآداب وأخلاقيات المهنة. ويطالب المجتمع المدني بغرداية كلا من رئيس الجمهورية، الوزير الأول، وزير الداخلية، وزير الاتصال، وكذا المدير العام للإذاعة الجزائرية، وسلطة الضبط لمراقبة السمعي البصري، إلى ضرورة التحرك الجاد واتخاذ الإجراءات الردعية والوقائية اللازمة، وإعادة الاعتبار عبر أمواج الإذاعة، للثقافة الوطنية بجميع تعابيرها، ولقيم الشعب الجزائري، وتعزيز لحمته، ونشر الحقائق التاريخية من مصادرها… والسهر على عدم التحيز وضمان الاحترافية، ومنح مزيد الفرص التي يخولها الدستور، ولن يكون ذلك إلا بمحاصرة التضليل الإعلامي، وترقية الكفاءات الإعلامية النزيهة، والسعي للاحترافية المهنية والموضوعية، ضمن حق احترام الخصوصيات الثقافية للشعب الجزائري. ومن جهته، أكد مدير إذاعة غرداية مختار بهناس ل “الشروق” أن القضية صعدت إلى مكتب المدير العام للإذاعة الوطنية، واتخذت إجراءات قانونية صارمة ضد كل من تسبب في هذا الموضوع، مطمئنا مواطني الولاية بأن الإذاعة تحرص دوما على إيجاد اللحمة والتعايش بين كل أطياف المجتمع المحلي. وقد علمت “الشروق” من مصدر موثوق أن الصحفي تم إيقافه إلى حين مثوله أمام مجلس التأديب، كما ينتظر أن تتدخل الجهات الرسمية لمحاسبة المتورطين في حلحلة الاستقرار العام للمنطقة.