وقع رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم خير الدين زطشي ومكتبه الفدرالي في خطأ فادح آخر، يضاف إلى سلسلة طويلة عريضة من الأخطاء المرتكبة منذ وصوله إلى رئاسة الاتحاد في ربيع العام الماضي، ما قد يضرب ما تبقى من مصداقية المكتب الحالي، قبل الموعد “الهام” يوم 17 أكتوبر الذي ستعقد فيه الجمعية العامة الاستثنائية. برزت نوايا خير الدين زطشي في المضي قدما في مشروعه بإنشاء أربعة مراكز تكوين عبر مختلف أرجاء الوطن، إلى العلن مطلع الأسبوع الماضي، أين زار مدينتي تلمسان ووهران للترويج لمشاريعه، التي انطلق فعلا في إنجازها، لكن زطشي ارتكب خطأ تقديريا فادحا، حيث أعلن عن مشاريعه قبل حتى أن يتم المصادقة عليها من طرف أعضاء الجمعية العامة مثلما تقتضيه القوانين العامة للهيئة التي يرأسها، ولا يمكن تفسير حملة التعبئة التي يقودها زطشي هذه الأيام لإقناع أعضاء الجمعية العامة بضرورة التصويت لصالح مراكز التكوين، سوى بتخوف رئيس الفاف من رد فعل سلبي من طرف الأعضاء، الذين قد يرفضون المصادقة على مشاريع مراكز التكوين خلال انعقاد الجمعية العامة بسبب عدم استشارتهم مسبقا في الموضوع. وبعد زيارته لتلمسان ووهران، أين التقى بأعضاء الجمعية العامة التابعين لولاية الغرب، سيعقد السبت رئيس الفاف اجتماعا مع الأعضاء المنتمين لمنطقة الوسط بفندق “هوليداي إن” بالعاصمة، على أن يعقد اجتماعا مماثلا مع أعضاء منطقة الشرق يوم 18 أكتوبر المقبل، والمثير في الأمر أن الدعوة التي وجهها زطشي لأعضاء الجمعية العامة لحضور هذه الاجتماعات حملت عبارات “استعطاف” ومغازلة لهم قصد الحضور والموافقة على انجاز مراكز التكوين معددا فوائدها ومزاياها على الكرة الجزائرية والشبان. إلغاء مشروع الفندق غير وارد في جدول أعمال الجمعية الاستثنائية! وتنص الإجراءات الخاصة بعقد الجمعية الاستثنائية على ضرورة إدراج نقطة وحيدة في جدول الأعمال، لكن زطشي وفي مراسلاته لأعضاء الجمعية العامة أشعرهم فقط بضرورة التصويت لصالح بناء مراكز التكوين دون أن يذكر أو يشير إلى أن إنجازها يستدعي التصويت على إلغاء مشروع الفندق الذي كان ينوي سلفه محمد روراوة انجازه بعد أن تم التصويت والمصادقة عليه بالإجماع منذ الجمعية العامة العادية التي انعقدت في عام 2012 والجمعيات التي تلتها إلى غاية العام 2016، من طرف نفس الأعضاء الذين سيقومون بالتصويت مرة أخرى على مقترح مراكز التكوين مثلما يلح عليه زطشي منذ ترؤسه الفاف. وتسبب مشروع الفندق في أزمة كبيرة بين زطشي وسلفه محمد روراوة وصلت إلى حد التلاسن، حيث يصر الأول على إلغائه منذ قدومه في ربيع العام الماضي، بينما دافع الثاني بقوة على مشروعه ورافع لصالحه مرات عديدة آخرها خلال الجمعية العامة العادية التي جرت في شهر أفريل الماضي. لماذا يصر زطشي على بناء مراكز جديدة رغم تواجد العديد منها؟؟ وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم قد منح الفاف عام 2013 إعانة مالية تقدر بمليون ونصف مليون دولار قصد تطوير اللعبة في الجزائر، في إطار برنامج خاص، يضمن الحصول على موارد مالية دائمة، وقبلها قرر رئيس الفاف السابق محمد روراوة في ذات الإطار بناء فندق من أربع نجوم، وقام باقتراحه على أعضاء الجمعية العامة برفقة دراسة معمقة، وتمت بالفعل الموافقة على المشروع في العام 2012 بعد أن قدم روراوة شرحا وافيا لتفاصيله والفوائد التي يمكن للاتحادية أن تجنيها منه، قبل أن تتلقى الفاف المساعدة المالية من الفيفا، وانطلقت بعدها في إعداد الدراسات التقنية ومسح الأرضية المحاذية لمقر الفاف بدالي براهيم والتي اشترتها من أحد الخواص لبناء الفندق، وخلصت الدراسة التي تم إجراؤها إلى أن الفندق بإمكانه أن يدر مبلغ 15 مليار سنتيم سنويا على خزينة الفاف خاصة أنه يقع في مكان استراتيجي وسط نسيج عمراني يتميز بحركية كبيرة لتواجد العديد من البنوك والمؤسسات الخاصة. وبالعودة إلى مراكز التكوين الذي انطلق زطشي في اإنجازها، يمكن ملاحظة الكثير من نقاط الظل، فضلا عن تساؤلات كثيرة وشكوك عن النوايا الفعلية لرئيس الفاف، والتي تحيط بهذه المشاريع وجدوى صرف أموال طائلة لإنجازها من خزينة الاتحادية، رغم أن المتعارف عليه هو أن بناء مثل هذه المراكز من مسؤوليات الدولة ممثلة بالعديد من الوزارات على رأسها وزارة الرياضة، بصفتها الراعي الأول للرياضة في البلاد. وبالفعل قامت الدولة بإنجاز الكثير من مراكز التكوين والتحضير عبر مختلف أرجاء الوطن، ومنها من يعود لسنوات طويلة على غرار سرايدي بعنابة، عين تموشنت وسيدي بلعباس وورقلة والباز بسطيف وبسكرة ومراكز أخرى، وهي تحتاج فقط لإعادة تهيئة وتدعيمها بالطواقم الإدارية والفنية ووسائل العمل اللازمة، في وقت يصر رئيس الفاف على بناء مراكز جديدة واستنزاف أموال إضافية، خاصة أن مثل هذه المراكز تحتاج غلافا ماليا كبيرا ليس لبنائها فقط وإنما لتسييرها، حيث تكلف من 7 إلى 10 ملايير سنويا للتسيير فقط لأجل توفير الإقامة والإطعام ودفع مستحقات المشرفين عليها إضافة إلى صيانة أرضيات الملاعب ووسائل العمل. وزارة الشباب والرياضة في عين الإعصار وفي سياق متصل، وخلال الاجتماع الوزاري المشترك عام 2009، تم اتخاذ قرار بناء 4 مراكز تكوين بأمر من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، لكن هذه المشاريع لم تر النور بسبب خلافات حادة بين الوزير الأسبق للرياضة الهاشمي جيار ومحمد روراوة، وبعد رحيل جيار وقدوم محمد تهمي، تحسنت العلاقة بين الفاف والوزارة، وتم بالفعل عقد اجتماع في عام 2013 ضم مدير الرياضات الأسبق بودينة ومسؤولين عن الفاف يتقدمهم روراوة، وتم بالفعل إعادة طرح فكرة مراكز التكوين الأربعة، لكن روراوة أشعر الوزارة بعدم حاجته في ذلك الوقت إليها مبررا ذلك بكثرة مصاريفها والمجهودات الكبيرة التي يتطلب تسييرها والاعتناء بها. وفضل روراوة أيضا أن يتم الاعتماد على المراكز الجاهزة عوض بناء أخرى جديدة، على غرار تموشنت وبلعباس وورقلة سطيف وبسكرة، لكن مسؤولي الوزارة أشعروا روراوة بأن بناء المراكز جاء بأمر من الرئيس وبالتالي يجب تطبيق التعليمات، قبل أن يخرج الجميع بالاتفاق على بناء مركزين جديدين فقط الأول في الهضاب العليا أو الجنوب، والثاني في مدينة بوينان بالبليدة والذي خصصت له الوزارة 30 هكتارا. وكان روراوة وقتها يطمح لجعله قطبا رياضيا مشابها لمركز “كليرفونتان” الشهير في فرنسا، وتحويل مركز سيدي موسى إلى مركز جهوي، لكن هذا المشروع لم ير النور أيضا بعد قدوم الوزير السابق الهادي ولد علي، الذي حاول الضغط على روراوة قصد بناء مركزي التكوين اللذين تم الاتفاق عليهما من أموال الفاف بالنظر للبحبوحة المالية التي كانت تتمتع بها آنذاك، لكن روراوة رفض ذلك ما تسبب في أزمة طاحنة بينهما خرجت إلى العلن بعد نهائيات كأس إفريقيا 2017 بالغابون، وانتهت بسقوط روراوة ومغادرته منصبه. وفي ظل كل هذه المعطيات يرتقب أن تكون أشغال الجمعية العامة الاستثنائية للفاف يوم 27 أكتوبر، ساخنة مثل سابقتها، حيث يترقب الجميع ما ستسفر عنه فضلا عن السؤال الذي يبقى دائما يتردد داخل أروقة الفاف: هل يحضر روراوة الجمعية الاستثنائية أم لا؟؟