لا تزال قضية وفاة الطفل هيدش محمد البالغ من العمر ست سنوات، متأثرا بأعراض إصابته بداء الكلب ، تثير حالة من الحزن في أوساط سكان قرية فجانة التابعة لبلدية مراد بولاية تيبازة، الذين شيعوا جثمانه الأحد، إلى مثواه الأخير في جو مهيب وكلهم أسف على فقدان الطفل محمد الذي ترك أدواته ومحفظته دون أن يخط أوراق كراريسه وهو الذي التحق حديثا بمقاعد الدراسة. حيثيات مأساة الطفل محمد حسب رواية والده الجيلالي للشروق اليوم بدأت في 29 من شهر سبتمبر الماضي، حين تعرض لهجوم مباغت من كلب متشرد مصاب بداء الكلب، بينما كان يلعب أمام منزله بقرية فجانة رفقة أطفال الجيران وشقيقه الأكبر، ولم يتمكن محمد من مقاومة الكلب الذي غرز أنيابه في أنحاء متفرقة من جسمه قبل أن يتشجع شقيقه ويخلصه. ويواصل الوالد الجيلاني روايته لما وقع لفلذة كبده، حيث اضطر أفراد العائلة في غيابه بسبب ارتباطات العمل إلى نقل الطفل على جناح السرعة إلى العيادة متعددة الخدمات بمدينة سيدي اعمر على متن سيارة خاصة، غير أن الطاقم الطبي وجهه مباشرة إلى مستشفى التيجاني هدام بمدينة تيبازة، ونظرا لخطورة الإصابات التي تعرض لها الطفل وانعدام مصلحة مختصة، تم تحويله مباشرة إلى مستشفى القطار بالجزائر العاصمة أين خضع إلى الفحوصات والتحاليل التي أكدت إصابته بداء الكلب وقام الفريق الطبي بتنظيف الجروح التي أصيب بها وحقنه بمضادات للداء. وعقب ذلك يضيف – والد الطفل – تم توجيهنا إلى مستشفى القطار أين أجريت له بعض الفحوصات وأشعة بمختلف المصالح المختصة، قبل أن يغادر الطفل رفقة والده إلى البيت في حوالي السادسة مساء. وفي اليوم الموالي يقول الجيلالي هيدش عدت إلى مستشفى القطار، حيث سلمه الفريق الطبي برنامجا لتلقي الحقن المضادة لداء الكلب وعاد إلى البيت مرفوقا بابنه، وبدأت حالة الطفل تتحسن بعد تلقي حقنة في اليوم السادس وبعد حوالي أسبوعين عاد الطفل إلى نشاطه المعهود حتى أنه عاد إلى مقاعد الدراسة، غير أن حالة محمد ساءت من جديد أمسية الأربعاء الماضي، حيث ارتفعت درجة حرارة جسمه مع آلام لا تطاق على مستوى الرأس، في البداية يقول الوالد أنه شك في إصابة ابنه بنزلة برد غير أن حالته زادت سوءا ليتم نقله على جناح السرعة في اليوم الموالى إلى مستشفى حجوط الذي حوله على مستشفى الأمراض المعدية ببوفاريك. يقول الوالد أن الفريق الطبي وبعد إجراء التحاليل اللازمة أخبرنا بأن الطفل يعاني من وجود ميكروب في الرأس يتطلب وضعه تحت العناية المركزة، ورغم انخفاض درجة حرارة جسمه بعد تلقيه لحقن، إلا أن آلام الرأس لم تتوقف طيلة 48 ساعة قبل أن يسلم روحه لبارئها. والد الفقيد "محمد" طالب وزارة الصحة بفتح تحقيق في قضية وفاته لكشف الجهة التي تكون قد قصرت في التكفل بابنه خصوصاً وأنه قام بنقله على متن سيارة خاصة في رحلة البحث عن العلاج لإنقاذه، كما أنه شكك في عدم تظهير الجروح التي أصيب بها بالكيفية اللازمة، الأمر الذي يكون وراء انتقال الميكروب إلى رأسه، كما صب جم غضبه على السلطات المحلية التي لم تقم بواجبها في القضاء على الكلاب المتشردة التي تصول وتجول في شوارع وطرقات القرية ليل نهار، وختم الجيلالي كلامه قائلا: "احتسب ابني شهيدا لكم حسبي الله ونعم الوكيل في كل من كان السبب في وفاتي فلذة كبدي". مصدر طبي: الوفاة كانت متوقعة أوضح الدكتور يوسفي رئيس مصلحة الأمراض المعدية على مستوى المؤسسة العمومية الاستشفائية ببوفاريك في البليدة، أن الطفل هيدش محمد تم تحويله نحو قسم الأمراض المعدية ببوفاريك في حالة متدهورة بتاريخ 18 أكتوبر الجاري، حيث بدت عليه أعراض داء الكلب، وبعد التشخيص الطبي، تأكد انتشار الفيروس بالجملة العصبية، موضحا أن منطقة الإصابة وهي الوجه قريبة من الجهاز العصبي ما زاد من خطورة الحالة وتسبب في انتقال الفيروسات بسرعة، حيث تدهورت الوضعية العامة للطفل "محمد" خلال 48 ساعة التي قضاها بقسم الأمراض المعدية، ووفاته كانت "متوقعة"، مشيرا إلى أن الفريق الطبي قام بمرافقة المريض وعمل على التقليل من أعراض الهيجان التي كان يعانيها، وأوضح الدكتور يوسفي أن مستشفى بوفاريك استقبل الحالة بعد مرور 20 يوما من الإصابة بعضة الكلب، حيث كان الفيروس قد انتشر بالجهاز العصبي ما أدى لتدهور صحته سريعا ووفاته.