حتى وإن كان في مُستهلّ مشواره التدريبي مع "الخضر"، إلّا أن الناخب الوطني "الشاب" جمال بلماضي بدأ يُرسي أسسا جديدة ويُؤسّس لِثقافة نصر افتقدها مُمثّل الكرة الجزائرية. وإذا كان الفوز الساحق ل "محاربي الصحراء" بِنتيجة (1-4) على المضيف الطوغولي، وتأهّلهم إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 2019، ليس مقياسا للحكم على تجربة بلماضي التدريبية الفتية، خاصة والمنتخب الوطني حضر البطولة الكروية القارية في 17 مناسبة من أصل 31 نسخة. إلّا أن هناك ما يدعو إلى التفاؤل بِشأن "الخضر" الطبعة الحالية. أوّلا.. فرض جمال بلماضي انضباطا "عسكريا" مفقودا، بعد أن ساد التسيّب والفوضى والعبث. وبات الجمهور الجزائري على يقين أن "العصا" سلاح ضروري لا يُمكن الإستغناء عنه، ذلك أن الموهبة موجودة والثقافة التكتيكية حاضرة (أغلب اللاعبين ينشطون في مدارس أوروبا)، ولن يكتمل المشهد إلّا بِإسناد المهمّة إلى مدرب صارم. ثانيا.. يتقاطع جمال بلماضي مع وحيد خليلوزيتش في الصرامة والإنضباط وثقافة الفوز، بينما يشترك رابح سعدان وكريستيان غوركوف ولوكاس ألكاراز وميلوفان راييفاتش في خاصّية التنظير "العقيم" والشخصية الضعيفة (ضع فلانا واشطب إسم علان ونتدرب في مرسيليا حيث الثلج ونلعب في أنغولا حيث الحرّ..)، أمّا جورج ليكنس فكان أشبه بِ "بصلة" أفطر عليها صائم لا يملك طعاما سواها، وقد رُفع آذان المغرب وهو في الطريق، بِمعنى جلبه محمد روراوة مُكرها، لِضيق الوقت وعدم توفّر البديل التقني. في حين كان عبد الحق بن شيخة أشبه ب "جنرال" في "السينما" وليس على أرض الواقع، ويعلم الجمهور الجزائري كيف تمرّد ضده المغتربون في "براري" جمهورية إفريقيا الوسطى. بينما أهدر رابح ماجر شبابه بعيدا عن التدريب (التجارة، التحليل التلفزيوني..)، ومُنحت له ثلاث فرص لِتأطير العارضة الفنية ل "الخضر" وأخفق. ثالثا.. تهديد جمال بلماضي للاعبيه بعد الخسارة أمام البنين منتصف أكتوبر الماضي، بِابعاد "المدلّلين" و"المتقاعسين" أتى بِثماره. حيث لوحظ في الطوغو عدم تخوّف زملاء رياض محرز من الإصابات والتدخّلات الخشنة، والشجاعة في مقارعة المنافس، والتقيّد الحرفي بِتعليمات الناخب الوطني. رابعا.. فضّل بلماضي عدم إشراك متوسط الميدان سفير تايدر أساسيا أمام المضيف الطوغولي، لأنه يتميّز بِالبطء ويتفادى الإحتكاكات القوية، ناهيك عن انشغاله بِأناقته حتى ولو لعب في الأدغال! مثلما ارتأى المسؤول الفني الأوّل ل "الخضر" ترك المهاجم إسلام سليماني احتياطيا، حيث بات لاعب فنربخشة التركي مُهدّدا بِالبقاء في هذه الوضعية، وذلك بِسبب التألّق المُذهل لِزميله بِنفس الخط بغداد بونجاح. خامسا.. وضع بلماضي ثقة كبيرة في اللاعب ياسين بن زية (24 سنة)، وقد يستثمر متوسط ميدان هجوم فنربخشة التركي في هذا "التكليف- التشريف"، بِما يخدم مصلحة المنتخب الوطني. عِلما أن بن زية يرتدي زيّ "الخضر" منذ عام 2016، ولم يلعب سوى 4 مقابلات دولية مُسجّلا هدفا. كما أن هذا اللاعب يملك قدرات فنية محترمة، وقد سطع نجمه مع منتخب فرنسا لِفئة أقل من 17 سنة، في مونديال المكسيك أشبال عام 2011، حيث سجّل خمسة أهداف وساهم في بلوغ "الديكة" الدور ربع النهائي. وقبل خوض نهائيات كأس أمم إفريقيا بِالكاميرون الصيف المقبل، يبقى الناخب الوطني جمال بلماضي مُجبرا على تنظيم مقابلات ودّية لِأشباله مع منافسين إفريقيين، ولِمَ لا في ملاعب القارة السمراء. رغم صعوبة المأمورية، كون الأفارقة يُفضّلون تنظيم اللقاءات التحضيرية بِشمال القارة السّمراء أو أوروبا. وتمنح المقابلات الودية الناخب الوطني مزيدا من المعلومات والمعطيات عن أشباله، ومدى استعدادهم للإستحقاقات الرسمية. كما تُثري المشوار التدريبي الفتي للتقني جمال بلماضي، وتُغذّيه بِعامل الخبرة.