تسعى الأممالمتحدة -في قمتها المزمع عقدها بمدينة مراكش المغربية يومي 10 و11 من الشهر الجاري- إلى اعتماد الميثاق العالمي للهجرة، متوجةً بذلك أكثر من عامين من المحادثات تخللتها خلافات بين دول مؤيدة للاتفاقية وأخرى معارضة. وتعدد الوثيقة غير الملزمة -التي تقع في 25 صفحة، والأولى من نوعها حول هذا الموضوع- مجموعة من المبادئ وتتضمن حوالي عشرين اقتراحا لمساعدة الدول على مواجهة موجات الهجرة عبر تسهيل نقل المعلومات واستيعاب المهاجرين وتبادل الخبرات. وضمن اهتمامها بالموضوع، نشرت صحيفة لوباريزيان الفرنسية مقالا للكاتبة باميلا روجيريه نقلت فيه المخاوف المتزايدة لدى فئة من الفرنسيين من الاتفاق الأممي القادم باعتباره "يحكم بالإعدام على الأمة الفرنسية" ويؤدي إلى اختفاء الحدود، وقال أحد المحتجين من ذوي "السترات الصفراء" على موقع فيسبوك "توقيع الرئيس إيمانويل ماكرون على الميثاق بمثابة تسليم فرنسا وأوروبا ككل إلى الأممالمتحدة" داعيا المواطنين إلى "الاستيقاظ قبل فوات الأوان". وفي "نداء طارئ" دعا ناشط آخر على فيسبوك مواطنيه للتواصل مع نوابهم لإقالة الرئيس لارتكابه الخيانة العظمى بحق الشعب مشيرا إلى أن هذا هو الأمل الأخير لإنقاذ فرنسا. في السياق ذاته، أفاد استطلاع رأي نشرته صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" أن 58% الفرنسيين يعتبرون الهجرة سلبية في مجموعة واسعة من المجالات مثل الاقتصاد والتلاحم الوطني والأمن. وبشكل أوسع، يعتبر 64% من الذين شملهم الاستطلاع أن استقبال مزيد من المهاجرين غير مرغوب فيه، إلا أن 61% يؤيدون استقبال من هم في حالة خطر والهاربين من الحرب والبؤس، في المقابل، يرفض 71% من المستجوبين -في الاستطلاع الذي أجرى أواخر الشهر الماضي- الهجرة الاقتصادية، مبررين موقفهم بأنها تتيح لأرباب العمل خفض الرواتب. بينما يؤكد 60% ضرورة انتقاء المهاجرين حسب الاحتياجات الاقتصادية. وبالنظر لصعوبات إدارة موجات الهجرة وتوزيعها نحو أوروبا، يؤيد الفرنسيون حلا وطنيا إذ يؤكد 63% أنهم موافقون على إلغاء اتفاقات شينغن التي تنص على التنقل الحر للأشخاص في إطار الاتحاد الأوروبي معلنين بذلك تأييدهم بحكم الأمر الواقع لإعادة الحدود الوطنية. ويدعو الميثاق الأممي إلى الحد من المخاطر التي يواجهها المهاجرون وطالبو اللجوء عبر رحلتهم إلى الدول الأوروبية والغربية، من خلال السماح لهم بالهجرة ضمن حاجة كل فرد وبطريقة "مشروعة"، كما يتوقع أن يحدد الميثاق بقمة مراكش آلية نقل المهاجرين إلى الدول المستضيفة. وفي ظل تزايد المخاوف بدول الاستقبال والتي يتنامى فيها التيار اليميني الرافض للهجرة، تؤكد الأممالمتحدة أن الميثاق العالمي للهجرة لا يمس بسيادة الدول الموقعة عليه ولا حقها في رسم سياستها المستقلة بشأن الهجرة، وإنما هدفه تنظيم الهجرة بما يراعي القانون الدولي لحقوق الإنسان. ومع اقتراب موعد المؤتمر الأمميبمراكش -وبينما يسعى الساسة الفرنسيون إلى التخفيف من مخاوف الشارع، وإظهار "مزايا" الميثاق الذي "يتضمن مجموعة من الإجراءات الجيدة"- زاد من تعقيد مهمتهم الاحتجاجات الشعبية التي تعيشها البلاد لأصحاب "السترات الصفراء" ضد رفع أسعار الوقود وغلاء المعيشة.