نفض أكاديميون ومبدعون من عدة جامعات، الغبار عن التجربة الإبداعية للشاعر الراحل عثمان لوصيف، وهذا خلال اليوم الدراسي الذي نظمته كلية اللغة والأدب العربي والفنون لجامعة باتنة 1، بالتنسيق مع مخبر أبحاث في التراث الفكري والأدبي بالجزائر والمكتب الولائي بباتنة لبيت الشعر الجزائر، وتأتي هذه المبادرة بعد نحو 6 أشهر عن وفاته. كان اليوم الدراسي الذي احتضنته قاعة المناقشات بقسم اللغة العربية بجامعة باتنة فرصة مواتية لدراسة مسار الشاعر عثمان لوصيف، من خلال عدة جوانب، وفي مقدمة ذلك تميز الرؤية والرؤيا وجماليات التشكيل، وذلك بمشاركة أساتذة وباحثين من عدة جامعات وفق جلستين متوازيتين، حيث كانت مداخلة الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة من جامعة عنابة حول جماليات الخطاب الشعري عند عثمان لوصيف، فيما ناقشت الدكتورة سميرة قروي البعد الصوفي لصورة المرأة في شعر عثمان لوصيف، في الوقت الذي كانت مداخلة الدكتور عبد القادر العربي من جامعة المسيلة حول أدب التصوف في شعر عثمان لوصيف، أما الدكتورة حنينة طبيش من جامعة خنشلة فأبرزت تجليات الرمز في شعر عثمان لوصيف. من جانب آخر، أكدت الدكتورة سليمة مسعودي، مديرة المكتب الولائي لبيت الشعر بباتنة على المكانة التي يحتلها الشاعر الراحل عثمان لوصيف ومكانته ضمن الأجيال المبدعة من الطلبة الذين تخرجوا من العرقوب الذي اعتبرته بمثابة المعلم الذي لازم دفعات الطلبة لعشريات متتالية، مفضلة إلقاء قصيدة ألهمتها أعمال عثمان لوصيف، وهي القصيدة التي ختمتها ب "آه عرقوب… ما أوجع الجرح فيه وأنت تودع عثمان من شرفات البعيد البعيد". وفي السياق ذاته، كشف الدكتور عبد الكريم الشريف عن علاقته الشخصية والطويلة مع الشاعر الراحل عثمان لوصيف، مشيرا إلى حجم المتاعب الصحية والنفسية التي مر بها في آخر أيام حياته، مؤكدا على الثقة التي يحظى بها لدى ابن طولقة وتواصله الدائم معه إلى تأزم وضعه نهاية العام الماضي، قبل أن يدخل في غيبوبة شهر ماي الماضي. وخرجت اللجنة العلمية بجامعة باتنة بعدة توصيات بعد تنظيم اليوم الدراسي حول الشاعر الراحل عثمان لوصيف، منها الدعوة إلى إعادة نشر جميع أعمال الشاعر عثمان لوصيف الشعرية والعلمية، والحرص على توزيعها على دور الثقافة والمكتبات الوطنية ومكتبات الجامعات عبر كامل التراب الوطن، وكذا إقامة مهرجان سنوي للشعر الجزائري يحمل اسم الشاعر عثمان لوصيف، يضم ندوات نقدية ولقاءات ثقافية وإلقاءات شعرية، يخصص فيه الاهتمام الأكبر للشاعر. كما أدرجت مطالب موجهة إلى كلية اللغة والأدب العربي والفنون بجامعة باتنة 1، من ذلك تسمية أحد مدرجات الكلية باسم الشاعر الراحل عثمان لوصيف، مع الاهتمام بأعماله في الموضوعات المقترحة على طلبة الدكتوراه، والحرص على أن يكون هذا اليوم الدراسي بطبعات سنوية، على أن يرتقى به ليكون ملتقى وطنيا بطبعات سنوية . ومعلوم أن الشاعر عثمان لوصيف توفي يوم 27 جوان المنصرم إثر متاعب صحية ونفسية، بعد دخوله في غيبوبة لعدة أسابيع في مستشفى بسكرة، ورغم الوضع الذي مر به، إلا أن ذلك لم يمنعه من الوفاء لمساره الإبداعي ومشواره الأكاديمي في صمت إلى غاية رحيله عن هذا العالم في صمت، وعلاوة عن بروزه اللافت كشاعر، فقد نال تقدير الكثير من النقاد والدارسين، كما وفق يوم 16 أكتوبر 2016 في مناقشة أطروحة الدكتوراه بجامعة السانية بوهران، حول الأدب العالمي بعنوان: "التجربة الشعرية عند ج.ن.ارتور رامبو"، أمام لجنة ترأسها الدكتور عبد الملك مرتاض.