هل من شروط الترشح لكرسي البرلمان وخوض غمار الحملة الانتخابية والجلوس على مقعد المجلس أن يكون رجال ونساء التشريعيات من الأصحاء بدنيا، لأجل ذلك يغيب المعوقون عن الساحة ويطمع »الأصحاء« في أن يمنحوهم أصواتهم الانتخابية، خاصة أن رئيس الجمهورية نفسه أقرّ بوجود ما لا يقل عن مليوني معوق في الجزائر وهو وعاء انتخابي ضخم يفوق بالضعف عدد الطلبة الجامعيين. وللأسف، فإن القلة من المترشحين من يذكر هذه الفئة ويمنحها حيّزا في برنامجه الانتخابي، بل إن بناية البرلمان نفسها لا توجد فيها ممرات ومسالك خاصة بالمعوقين حركيا، كما هو موجود في كثير من بلديان العالم... لحد الآن ومنذ الاستقلال لم يحمل حقيبة وزارية رجل أو امرأة من أصحاب العاهات، ماعدا بعض الإصابات التي تطرأ أثناء الحكم، فما بالك بالجلوس على كرسي البرلمان، وكل هذا عكس ما يحدث في دول عديدة والولايات المتحدة في زمنها الذهبي قادها معوق عن الحركة وهو الرئيس روزفلت الذي أكمل عهدته إلى غاية 1945 وهو يسير من على كرسي متحرك وكان قد أصيب بشلل عندما حاول إنقاذ شاب من الموت سقط في بحيرة متجمدة. وللأسف، فإن الرئيس الذي خلفه ترومان هو قائد أوركسترا رمي القنبلتين الذريتين على هيروشيما ونغازاكي. كما أن أهم الشخصيات الإسرائيلية على الإطلاق والذي حقق معظم وأحسم الانتصارات على الجيوش العربية هو "موشي ديان" الذي كان يملك »عينا« واحدة ومع ذلك هندس النصر الساحق لإسرائيل عام 1967 على قادة العرب الأصحاء بدنيا وكانت نتيجة هزيمتنا مقتل 6 جنود أردنيين و500 جندي سوري و20 ألف جندي مصري مقابل مقتل 872 جندي اسرائيلي فقط... كما أن مصر منحت في بداية الستينيات من القرن الماضي وزارة ثقافتها للأديب الكبير طه حسين وكان كفيفا في زمن عمالقة الثقافة المصرية من العقاد إلى عبد الوهاب إلى أم كلثوم. ومن أطرف ما حدث في لبنان منذ خمس سنوات، أن أحد وزراء حكومة الراحل رفيق الحريري كان في مناظرة مع أحد الصحافيين ثم غضب الوزير وصاح في وجه الصحافي قائلا: »لقد سمعت كلامك أنا لست أطرش« وأثارت هذه القضية البرلمان اللبناني الذي اعتبرها إهانة لفئة من المجتمع وهم »الطرشان« وطالبوا باستقالة أو تنحية هذا الوزير، مع الإشارة إلى أن البرلمان اللبناني له أهمية كبرى في البلاد والدليل على ذلك أن رئيسه يسمى »دولة الرئيس«. مراسلو الشروق في شرق البلاد مثلا تجولوا مع مختلف القوائم وتأكدوا خلوّها جميعها من الإعاقات، ومن أطرف ما لاحظوا أن أسماء هذه الألقاب »بلطرش وعويرة والعايب وكعوان« ولكنها أسماء فقط في بكالوريا العام الماضي حصل عشرات فاقدي البصر على شهادة البكالوريا والمئات من أصحاب الإعاقات الحركية ولكن الجميع يصطدمون أمام أبواب السياسة المغلقة التي تتطلب عندنا حركة دؤوبة أثناء الحملة الانتخابية ونظر لا يتوقف نحو المنافسين... القرآن الكريم يقول: »إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور« فنرجو أن لا تعمى قلوب الجالسين على مقعد البرلمان وأن يقولوا جميعا ما قاله المتنبي: أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي *** وأسمعت كلماتي من به صمم ب. عيسى