لم ينفع التواجد الكبير للشركات البترولية بولاية أدرار، وعبر مجمعاتها الأربعة، في واد الزين وسبع وبارودة وشمال رقان، في امتصاص البطالة في المنطقة، ولم يتمكن شباب المنطقة من تحقيق حلم الظفر بوظيفة رغم التحول الصناعي الكبير، الذي تعرفه الولاية وتطمين الشباب من طرف الحكومة أن مناصب العمل ستخصص لصالح أبناء المنطقة. لم يستطيع الشباب البطال بالمنطقة، لاسيما حملة الشهادات العليا، أن يستوعب هذا الزخم الكبير من الورشات والمصانع التي تزخر بها ولاية أدرار، من الشركات والمجمعات البترولية، دون أن ينتج عنه تراجع في البطالة، بل يظل يتنقل على وكالات التشغيل ولكن دون جدوى، وربما يهيء رحلته خارج الولاية بحثا عن قوته، وقد يلجأ لبيع الشاي عبر شوارع العاصمة. وتسيير ملف التشغيل حسب الخبراء في المنطقة ينتابه الكثير من الغموض، رغم القرارات والقوانين الموجودة ولكن تطبيقها على أرض الواقع، يبقى حبرا على ورق، رغم النداءات المتكررة لمختلف الجمعيات والفاعلين في الميدان، ولكن لا حياة لمن تنادي. 45635 مسجل وتوظيف 3408 بطال.. أرقام غير كافية حسب ما افاد به مسؤول من الوكالة الولائية للتشغيل بالولاية، فإن بالوكالة 45635 مسجل، وعدد عروض العمل التي تلقتها الوكالات السبع الموزعة على مستوى تراب الولاية بلغ 7046 عرض، تم توظيف منها 3408 بطال. وأما بالنسبة لوكالة أونساج، فقد أحصت إنشاء أزيد من 120 مؤسسة حسب القطاعات خلال 2018 فقط، وفرت 335 منصب عمل، أما بالنسبة لوكالة القرض المصغر فقد أوضح مسؤلوها، أن الملفات في الوكالة كانت تسير بشكل بطيء، بسبب الوضعية المالية، اليوم أكد لنا انه خلال شهر فقط، تتم دراسة الملف والتمويل، فقد تم توفير أكثر من 800 منصب شغل، من خلال تمويل أكثر من 767 مؤسسة مصغرة. وأما عن حصيلة الصندوق الوطني للتأمين على البطالة، فقد أقام بولاية ادرار أكثر من 32 مؤسسة، منها 27 مؤسسة في إطار الاستثمار الفلاحي وفرت 63 منصب شغل.. واقع التشغيل ولابد من تنفيذ قرارات الحكومة ومن جهته، أوضح رئيس الجمعية الولائية للبطالين حمداوي حسان أن التشغيل بالولاية يعيش واقعا مرا، وهو عبارة عن قنبلة موقوتة، محذرا الجهات التي تتلاعب بهذا الملف، ومنبها إلى خطورة ما وصفه بالرسائل الاستفزازية التي تقوم بها الشركات بالولاية تجاه البطالين. ومعلوم أن القوانين في واد، وتطبيقها في واد آخر، رغم مراسلة الجهات الوصية، ولكن لا حياة لمن تنادي، حسب حمداوي الذي حمل المسؤولية الكاملة لمفتشية العمل على مستوى الولاية، خاصة في ما يخص المؤسسات الاقتصادية والشركات البترولية، وشركات المناولة التي تعمل مع هذه الشركات، والتي لا تحترم حسبهم تعليمات الوزير الأول الرامية إلى أولوية شباب المنطقة في التوظيف. وأضاف محدثنا أن هناك تماطلا في إعلان نتائج التوظيف من طرف هذه الشركات وإلغائها أحيانا عن طريق التحايل والشروط التعجيزية، غير الواقعية من طرف الشركات، كطلب خبرة تتجاوز 06 سنوات، وشرط السن، وهذا غير معقول. وأكد نفس المتحدث أنه يوجد 60 عون أمن لازالت قضيتهم عالقة، في شركة سوناطراك، لم يتم استدعاءهم من طرف الشركة لمباشرة عملهم، مما جعلهم يعيشون الويلات بسبب حرمانهم من عروض العمل التي تقدم للوكالة، رغم رفع المشكلة للمدير العام لشركة سوناطراك أثناء زيارته الأخيرة للولاية. وأفاد محدثنا أن سبب تدهور وضعية التوظيف في الولاية تتقاسمها جميع الأطراف، بداية من الوالي إلى آخر مسؤول، علما أن جمعية البطالين قدمت طلبات للوالي من أجل وضع حد لهذا الاحتقان، إلا أن ذلك لم يتحقق حسب قول ذات المتحدث، بالإضافة إلى منحه رخص للشركات لجلب عمال من خارج الولاية، الأمر الذي قد يزيد من تأزم الأوضاع وتفاقمها، والمطالبة بإعادة النظر في القوانين التي تسير عليها مفتشية العمل، خاصة اثناء تسجيل المخالفات. ويطالب الجميع بأدرار بسن قوانين ردعية، وخاصة سن قانون يطبق على الشركات اثناء ضبطها بتوظيف عمال من خارج الولاية، حيث يتم حاليا الاكتفاء بإجبارها على دفع غرامة مالية، وكثيرا ما يتم تسديدها من طرف الشركة، ويبقى الحال على ما هو عليه. وهي مخالفات تضبط كثيرا في الشركات المناولة. ويجب الإشارة إلى ما يعرف بالتحايل الكبير الذي تقوم به الشركات بتواطؤ جهات مسؤولة أثناء تقديمها للعروض، حيث هناك شركة قدمت عرضا لوكالة التشغيل، فقدمت لها قائمة من 70 مرشحا كلهم رسبوا في الامتحان. وتم جلب عمال من خارج الولاية، بالإضافة إلى تصريح الشركات ببعض المناطق بأن مدة عملها بالمنطقة، شهرين فقط، في حين إنها تتجاوز العام والعامين، كما هو الشأن في دائرة تينركوك وأولف، وترك أحلام شباب المنطقة تتبخر، فما يستفيدون إلا من المخلفات البيئية وغبار مصانع، وأصوات محركات الشاحنات وانبعاث الروائح. مركزية القرار عائق آخر ويرى متتبعون ضرورة إنشاء مديرية جهوية لشركة سوناطراك، مثل ما وعد بذلك المدير العام للشركة، من أجل التقرب أكثر من أصحاب القرار، وكي يتم معالجة القضايا في حينها والتدخل وتقديم توضيحات، وتتضح الرؤيا، بدل ترك الأجواء ملغمة، وإنشاء معهد للمحروقات من أجل القضاء على ذريعة عدم تواجد إطارات مؤهلين من أبناء المنطقة، كما يجب إلزام الشركات بإبرام اتفاقيات مع مراكز ومعاهد التكوين بالولاية من أجل اقتراح تخصصات تتماشى وسوق العمل بالشركات. وتبقى السياسة التي يسير بها قطاع التشغيل في الوقت الحالي بالولاية غير واضحة، ما يتطلب تغييرها لإرجاع الثقة إلى الشباب والمواطنين عامة.