سالم زواوي إنتهت الحملة الانتخابية لتشريعيات 17 ماي الجاري أو عادت كما بدأت، فتور تام ولامبالاة مطلقة من طرف الناخبين والرأي العام، وكذب ومراوغات واحتيال من طرف المترشحين والأحزاب، حتى أن من بقيت فيه ذاكرة لم يعد يدرك إن كانت الحملات والإستعدادات الجارية هي لانتخابات الخميس القادم، أم من انتخابات العهدة البرلمانية الماضية التي مرّت عليها حوالي خمس سنوات، إذ أن نفس الوجوه التي مرّت على التلفزيون ومنصات الخطابة الدعائية في مختلف القاعات للكذب على أذقان الناس، هي نفسها التي تمرّ اليوم بنسبة تكاد تكون 100%. وبنفس الخطابات المليئة بالوعود الكاذبة وكأن الأرض لا تدور والزمن متوقف عن الحركة في هذا البلد عند هؤلاء وأقوالهم وأكاذيبهم. الجديد الوحيد الذي وجد فيه المتنافسون ملاذا للإختباء من فراغاتهم القاتلة وستر عوراتهم في الحملة لهذه التشريعيات هو برنامج رئيس الجمهورية الخماسي، الذي حولوه إلى فتنة حقيقية، حيث استعمله كل مترشح باتهام الآخر باختلاس أموال إن فاز في الانتخابات، ولعلّ هذا ما زاد من نفور الناس وانفضاضهم من حول هذه الانتخابات والمترشحين لها مهما ستكون نسبة المشاركة التي سيعلن عنها يوم 17 ماي. وهكذا يطرح السؤال من طرف الكثيرين عن جدوى تنظيم هذه الانتخابات وغيرها، مادامت لا تغيّر شيئا من واقع البلاد، بل مادامت تزيد في تكريس هذا الواقع وفرضه على الأجيال المتعاقبة، ومادامت نهاية كل عهدة انتخابية، تشريعية كانت أم رئاسية أم محلية تنتهي دائما بالكشف عن الفضائح المالية والاقتصادية والفساد والرشاوى الواسعة النطاق التي تهتز لها الأرض دون أن تهتز لها الضمائر، مما يعني أننا أصبحنا كلما أوغلنا في تنظيم مثل هذه الانتخابات غير السوية أو الانتهازية كلما زادت مشاكلنا وويلاتنا الاقتصادية والمالية والسياسية والاجتماعية وحتى الأخلاقية ولكن يجب الاعتراف بهذه المناسبة بما لدى بعض المتقاتلين على كراسي البرلمان من ذكاء مكنهم من إدراك قصر ذاكرة الشعب وعودته دائما على أعقابه وعدم استفادته من الدروس القاسية التي يمرّ بها منذ "الإستقلال" حتى عندما يتعلق الأمر بمصيره ومستقبله وبالإستحقاقات التي من المفروض أن تلعب دورا أساسيا في تحديد معالم هذا المصير وهذا المستقبل.. وتلك هي مشكلة المشكلات.