اضطرت مصالح الصحة المكلفة بحملات مكافحة حشرة الليشمانيا بغرداية مؤخرا، إلى استغلال مخزون منتهي الصلاحية من مادة "الدلتمترين" بالعديد من بلديات ودوائر شمال الولاية الواقعة ضمن دائرة التهديد الصحي المتوقع بسبب توسع مجال انتشار مستعمرات هذه الحشرة بعد ظهور "دودة بسكرة" بمناطق جديدة موبوءة وسط تجمعات حضارية غير تلك التي تم تطهيرها على امتداد الثلاث سنوات الماضية. يحدث هذا في وقت أعلنت فيه مديرية الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، أنه تم خلال نفس الفترة معالجة 38 ألف بيت وموقع جلها ببلديات الولاية الشمالية، في إطار الحملة الموسمية لمكافحة حشرة الليشمانيا، ويغيب بصفة كلية حسب مصادر وقائية بالولاية أي إثبات يؤكد أن الأرقام المصرح بها هي نفسها المستهدفة على الأرض، ففي بلدية "ضاية بن ضحوة" أكبر المناطق تضررا من حشرة الليشمانيا، كشف مواطنون من حي"بوبريك" أن جل التصريحات الرسمية السابقة بشأن تعرض حملة المكافحة والعلاج من الليشمانيا في موسم 2009 2010 لا تعطي انطباعا على أن شيئا من هذا القبيل قد وقع. ويتخوف رؤساء جمعيات محلية وجهات استشفائية بغرداية من عودة داء الليشمانيا الجلدية في الانتشار والتوسع بالعديد من البلديات الرعوية وتكرار سيناريو خريف عام 2006، أين تسبب التراخي المسجل في مكافحة الحشرة الناقلة للمرض وقتها في ارتفاع عدد المصابين بالداء إلى 706 مقارنة بانخفاضه سنتين من بعد إلى 188 في النصف الأول من حملة 2009، وقد بينت الإحصاءات الرسمية أن هذا المرض كاد أن يختفي باثنين من البلديات الأكثر تضررا عبر تراب الولاية، ويتعلق الأمر ب "ضاية بن ضحوة" و"القرارة" مع تسجيل أقل من 10 حالات في كل منهما. وتضيف مصادر مديرية الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات أن أكثر من 40 ألف منزل وموقع مشبوه تم تطهيره في إطار حملة المكافحة لعام 2009، وأشار مصدرنا إلى حملات مكافحة الليشمانيا الجلدية المتتالية، والمركزة بعموم المناطق الموبوءة عبر تراب الولاية، ساهمت بفعالية في تقليص عدد الإصابات بهذا الداء في الأشهر الستة الأولى من سنة 2009 إلى 188 حالة مقارنة ب 706 إصابة مسجلة في عام 2006، وهذا بعد أن سجلت غرداية في السنوات الماضية أكثر من 1800 حالة عبر ثلاث سنوات فقط، وهو ما يتخوّف من تكراره سكان الأرياف، خصوصا بعد الإعلان عن الانطلاقة الفعلية في حملة مكافحة حشرة الليشمانيا لهذه السنة بكل بلديات غرداية، وسط شكوك لازالت تراود المواطن فيما يتعلق بدور مصالح البلديات في الحملة، في ظل غياب أي إثبات يمكن من خلاله التأكد من الأرقام المقدمة عند الأخذ بعين الاعتبار ظروف تعاقد هذه الأخيرة مع مؤسسات خاصة ومقاولات تسند إليها مهمة حصر المواقع الموبوءة. وكشفت شكوى في الموضوع موجهة إلى والي الولاية أن جل المؤسسات المتعاقدة مع اثنين من البلديات المتضررة بسهل "وادي ميزاب" تابعة في الواقع لأعضاء منتخبين بالمجالس المحلية، ما يجعل إلتزامها بالضوابط القانونية والمهنية - يقول أصحاب الشكوى - أمر يلفه الغموض بسبب الرقابة المسبقة التي تشهدها مجريات حملات المكافحة، من جهتهم أعطى منتخبون من بلديتي غرداية والقرارة إلتزام البلديات المعنية بالعملية وبجدية سير حملة مكافحة حشرة الليشمانيا بالرغم من الغياب التام لمتطلبات الرقابة الميدانية للحملة على جميع مستوياتها، وأضافت ذات المصادر أن الجهات الإدارية ينحصر دورها الفعلي بالعملية في إحصاء التقارير ورفع القوائم النهائية للوزارة، وتضيف نفس المراجع أن لديها أدلة وشهادات لفلاحين من مناطق مختلفة بتراب الولاية تؤكد وجود تجاوزات في مجريات برامج المكافحة عبر العديد من البلديات، إضافة إلى وجود أدلة دامغة تثبت انتهاء صلاحية مادة "الدلتمترين" المطهرة المستعملة هذا الموسم مع التأكد من عدم وجود أي آثار ميدانية للحملة الموسمية التي برمجتها وزارة الصحة على مستوى بلدية "ضاية بن ضحوة"، وهو ما يتناقض بالرجوع إلى مصادرنا مع التقارير الرسمية المرفوعة من البلديات، مما يرجح فرضية ارتفاع عدد الإصابات المسجلة دوريا بالمناطق المعنية بانتشار هذه الحشرة وعدم إلتزام الجهات المكلفة بحملة المكافحة بتطبيق معايير التطهير، ويدفع لطرح العديد من التساؤلات حول الجهة التي صرفت فيها الأغلفة المالية المخصصة للعملية برمتها.