يفتح الحاج عبد الرحمان بروان في كتابه "المالغ القصة الكاملة" ملفات وزارة التسليح والاتصالات العامة زمن ثورة التحرير، حيث يعود المكلف بمديرية اليقظة ومحاربة التجسس الملقب ب"بصفر" في كتابه الصادر عن المؤسسة الوطنية للاتصال النشر والإشهار "أناب" إلى أحداث وملفات مهمة من تاريخ "جهاز استخبارات الثورة". يقول الكاتب في مقدمة كتابه إن عمله هذا مساهمة في رفع الظلم عن رجال "المالغ" وتهميشهم في تسجيل الشهادات وعدم إنصافهم، حيث يلقي الكاتب باللوم على المؤرخين والكتاب الجزائريين اعتمادهم على كتابات أعداء الثورة من الأجانب خاصة في الإساءة وتشويه سمعة رجال اختاروا العيش في الظل والنضال من أجل بلادهم. وقد كان لهم الفضل في تحقيق الإقلاع الاقتصادي للبلاد بعد الاستقلال. من خلال حديثه عن مسار رجال "المالغ" قال صاحب الكتاب إن الكثير من الذين يهاجمون جهاز "المالغ" وينسبون لرجالاته الكثير من الأكاذيب والمؤامرات يخافون من فتح أرشيف "المالغ" لأنه بإمكانه فضح العملاء الذين تعاملوا مع فرنسا ولأن عبد الحفيظ بوصوف كان يقترح على رجاله "عمل بطاقات" ستبقى بعد الاستقلال وسيعرف الذين عملوا من أجل الجزائر والذين عملوا لصالح العدو". ويؤكد صاحب الكتاب أن رجال "المالغ" تم تسريحهم بعد الاستقلال عكس ما تذهب إليه بعض الكتابات التي تدعي أنه تم إجبارهم على البقاء إلا من اختار عن قناعة مواصلة الخدمة في مختلف الأسلاك بعد الاستقلال. في نفس الكتاب عاد الحاج عبد الرحمان براون إلى أسباب انسحاب الحكومة المؤقتة من القاهرة إلى تونس، حيث كشف الكاتب أن فتحي الذيب عمل على مضايقة رجال الثورة هناك خاصة وزارة التسليح والاتصالات العامة، إذ كان مبنى الحكومة المؤقتة هناك تحت حراسة دائمة لرجال فتحي الذيب الذي كان لا يتوانى عن محاولة فرض وصايته على الجزائريين وحتى التفتيش المفاجئ لمكاتب رجال الثورة، الأمر الذي دفع بعبد الحفيظ بوصوف لرفع شكوى بالأمر للزعيم جمال عبد الناصر الذي كانت تربط علاقة طيبة مع أجهزة الثورة لكن الأمر لم يفض لأي قرار ملموس الأمر الذي دفع بالحكومة المؤقتة لاتخاذ قرار الانسحاب إلى تونس الذي اعتبره فتحي الذيب إهانة وتحديا له وهذا ما يفسر حسب الكاتب حقد فتحي الذيب على الثورة وخاصة رجال "المالغ"، وعمل على تشويههم في كتبه التي يتخذها البعض مرجعا للكتابة عن الموضوع، ويؤكد الكاتب أن فتحي الذيب ليس رئيس الاستخبارات المصرية في تلك الفترة لكنه كان مجرد ضابط تم تكليفه بالملف الجزائري المصري لإتقانه الفرنسية. في نفس الموضوع يكشف صاحب الكتاب الأسباب التي دفعت بفتحي الذيب إلى الحقد على رفقاء "السي مبروك" عبد الحفيظ بوصوف والتي لخصها في حادثة اكتشاف الجواسيس الفرنسيين الذين كانوا يعملون تحت غطاء التعاون الثقافي الفرنسي المصري، وأخبر عبد الحفيظ بوصوف السلطات المصرية وقد تم استجواب الفرنسيين من طرف ضباط "المالغ" بلباس عسكري مصري لكن الفرنسيين تفطنوا لهم بسبب اللكنة وهذه الحادثة عقدت فتحي الذيب لأن جهاز "المالغ" كان في احترافيته لا يختلف عن أي جهاز في دولة متقدمة. تطرق أيضا الكاتب إلى فعالية جهاز "المالغ" في تحييد العناصر الخائنة كما حدث مع مراد كاوة مساعد مدير مكافحة التجسس صاحب الكتاب الذي يؤكد أن كاوة عمل على التعاون مع العدو في قضية شراء السلاح للثورة من ألمانيا واستطاع أن يفر بسيارة الوزير إلى قاعدة بنزيرت الفرنسية قبل إلقاء القبض عليه لاحقا وإعدامه وكانت هذه الحادثة سببا في دمج وزارتي التسليح والاتصالات العامة في هيكل واحد سمي "المالغ". في نفس الوقت يقدم كتاب عبد الرحمان بروان نظرة عن شخصية أب المخابرات الجزائرية عبد الحفيظ بوصوف المدعو "السي مبروك" الذي كان له الفضل الكبير في إرساء أجهزة تليق بدولة مستقلة، إذ عمل بوصوف على تحييد جهاز "المالغ" عن الصراعات الني نشبت بين قيادة الأركان والحكومة المؤقتة غداة الاستقلال ونصح رجاله بالحياد والعمل مع الدولة الجزائرية المستقلة. سلوك كان له الأثر لاحقا في تكوين إطارات ورجال دولة خدموا البلاد بعد الاستقلال، كما عمل بوصوف استنادا إلى شهادة صاحب الكتاب على حماية جهاز "المالغ" من الدخلاء والمجاهدين المزيفين كما حدث مع أجهزة الثورة الأخرى واختار قبل انعزاله بعد الاستقلال أن يوقع لكل رجال "المالغ" كراسات تؤكد خدمتهم في الجهاز. ومنح "المالغ" للجزائر المستقلة 20 وزيرا و8 جنرالات و65 عقيدا ورئيسين للحكومة و19 واليا و37 سفيرا وما لا يحصى من المديرين ورؤساء المؤسسات. كما اعتبر المتحدث أن فتح أرشيف "المالغ" سيمكن من معرفة الكثير من الحقائق، إذ سيكشف أن الملفات كانت تحفظ في خزانة لا يحق إلا لعبد الحفيظ بوصوف فقط الاطلاع عليها "كان يحتفظ بملفات التي تخص الإطارات القيادية للثورة" وأضاف صاحب الكتاب أنه كان يجنب إدخال رجاله في صراع القيادات حفاظا على فعالية الأداء في العمل الذي قام به رجال "المالغ" الذي كان حاسما في ثورة التحرير، حيث تمكن الجهاز من امتلاك سلاح الطيران بفضل جهود بوصوف الذي عمل على شراء قطع الغيار وتركيبها وتدريب طيارين جزائريين غير أن مفاوضات إفيان والإعلان عن وقف إطلاق النار كانت أسبق من تحقيق المشروع الذي كان حسب الكاتب من شأنه أن يغير المعادلة على الواقع. وقال صاحب الكتاب إن رجال "المالغ" الذين حرص بوصوف على إبعادهم عن صراعات الثورة لم يعرفوا إلا لاحقا أن مقتل عبان رمضان كان قرارا صدر بعد نقاش عنيف بين أعضاء لجنة التنسيق والتنفيذ جمع العقداء الخمسة بوصوف وعمر أوعمران وكريم بلقاسم ولخضر بن طوبال ومحمود الشريف. ومن حرص بوصوف على عدم إقحام نفسه ورجاله في الصراعات على السلطة أن سبب الخلاف بينه وبين بومدين أن هذا الأخير بقي يلومه على عدم ترجيح كفته والتأثير على قرارات الحكومة، وقد استمرت القطيعة بين الرجلين حتى بعد الاستقلال لنفس السبب وقد عمل بومدين رفقة جماعة تلمسان على مصادرة أرشيف "المالغ" لإدراكه أهمية الجهاز. في ذات الكتاب يعود عبد الرحمان بروان إلى مساهمة جهاز "المالغ" الفعالة في تهيئة الأرضية للوفد الجزائري المفاوض في إفيان سواء في حماية الأشخاص أو في توفير المعلومات الدقيقة التي ساعدت أعضاء الوفد على اتخاذ القرارات الصحيحة. كما كشف أيضا صاحب الكتاب أن "المالغ" أنقذ محمد حربي من التصفية بعد أن قررت هيئة الأركان بغاردماو إرسال الرائد علي منجلي إلى الباءات الثلاثة لإبلاغهم بوجود شخص مشاغب يقوم ببث الشقاق والإساءة إلى الثورة، وقد طلب من بوصوف التحقق من الأمر وقد كان التقرير الذي رفعه "المالغ" سببا في إنقاذ حربي.