محمد يعقوبي:[email protected] خطاب الإنتصار الذي سمعناه من بعض الإسلاميين "الفائزين" في الإنتخابات التشريعية الأخيرة، ومن إسلامين آخرين نجحوا في إفشال خصومهم في الإنتخابات، يؤكد طغيان النزعة الحزبية الضيقة لدى أغلبية المشكلين للطبقة السياسية في البلاد، ويؤكد ضيق الأفق لدى الأحزاب إلى درجة تحطمت معها العائلات السياسية الكبرى في البلاد، ولم يعد الجزائريون قادرون على التفريق بين الإسلاميين والوطنيين والعلمانيين.. صحيح أن الحصاد الإنتخابي لحمس "مثلا" قد قفز ب 14 مقعدا وأن نداءات جاب الله قد أسقطت رهانات خصومه في الماء، وهو ما يعتبر في ميزان "الربح والخسارة" إنتصارا لهذين الفصيلين، لكن أحدا منهما لم يلتفت إلى "الحصاد المر" للتيار الإسلامي الذي لم نعد ندري أين يتموقع ولا كيف يفكر ولا من يمثله في المواعيد الإنتخابية، القوم نسوا أن التيار الإسلامي في المحصلة قد خسر عشرات المقاعد ولم تعد رهاناته البرلمانية متاحة في المستقبل، كما كان في السابق على أساس العائلة السياسية الواحدة.. المشكلة أن باقي العائلات السياسية الكبرى فقدت هي الأخرى مضامينها، وأصبحت الإنتخابات تجري على أساس القرب والبعد من برنامج الرئيس وليس على أساس الرهانات الإيديولوجية والسياسية المستقاة من مرجعية كل حزب، وهو ما يحطم بالفعل جوهر التعددية ويجعل معايير التنافس بعيدة كل البعد عن مصلحة الوطن والمواطن، بل ويدخل عامل البزنسة في المنافسة السياسية، وهو المشهد المؤسف الذي شاهدناه ووقفنا عليه خلال الإنتخابات التشريعية الأخيرة.. لا يهمنا أن يفوز زيد من الناس أو عمر ولا أن يخسر فلان من الناس أو علان، بل كل ما يهمنا أن تحافظ التعددية السياسية في البلاد على جوهرها وتحتفظ الجماهير بحقها في التغيير دون وصاية ولا وكالة، وأن يقف الناخبون على أبواب مراكز الإقتراع وبين أيديهم خيارات متنوعة ومختلفة وكفاءات متعددة المواهب والتخصصات، وليس أمام قوائم ترشيحات متشابهة لا يفرق بينها سوى الاسم والرسم والجنس.. والباقي مجرد تفاصيل.