محمد يعقوبي:[email protected] لا يجب أن تتحوّل لائحة الدفاع عن الشريعة الإسلامية إلى موضة لاستعراض الأسماء والألقاب والعناوين، حتى إذا جاءت ساعة الحقيقة حدث لأنصار "الشريعة الإسلامية" ما حدث لأنصار المدرسة الأصيلة، عندما انتصرت النزعة الحزبية الضيقة والمصلحة والولاءات الشخصية والمادية على المضامين القيمية لحركة النضال من أجل الأصالة والمبادئ والمثل العليا لهذه الأمة. ولذلك مهم جدا ما نراه من هبّة وطنية لمساندة إعادة الإعتبار للشريعة الإسلامية في هذا الوطن، لكن الأهم من هذه اللائحة أن تستمر معركة النضال هذه إلى نهايتها وأن تتطور من مجرّد شعارات مطلبية تحملها النخبة المهمشة إلى رهانات وقناعات متجذرة لدى لوبيات فاعلة في هياكل الدولة الجزائرية ممن تحمل هذا الهم وتستطيع ترسيخه في المنظومة المجتمعية تربويا وقانونيا وقضائيا، وفي غياب هذه الإستمرارية لا يمكن أن تحقق اللائحة المذكورة هدفها حتى وإن تضمنت أسماء ثقيلة وأعلاما في السياسة والثقافة والدين. كنا نأمل أن نرى أسماء لوزراء ومسؤولين وإطارات سامية ضمن لائحة الموقعين ممن نجزم أنهم مع مضامين اللائحة قلبا وقالبا، لكننا لا نرى من الموقعين إلا "مسؤولين سابقين" ووزراء انتهت مهامهم ومواطنين لا حيلة لهم إلا الوقوف مع ما يعبّر عن همهم، وهؤلاء رأيهم لا شك في غاية الأهمية، بل لهم سبق الدفاع عن منظومة القيم في هذه البلاد، لكن الذين يمكن أن يدفعوا بهذه اللائحة المطلبية إلى الأمام ويفرضوا احترامها وتكريمها هم أولئك الذين يستطيعون التأثير في هياكل الدولة من داخلها بعيدا عن السلبية التي نراها في الكثير ممن ينتسبون للتيارات الوطنية والإسلامية، الذين إذا استلموا مناصب مسؤولية أصبحوا نسخة طبق الأصل عن المسؤولين الذين كانوا ينتقدونهم، وهو المنعرج الذي يفقد القضايا العادلة عدالتها ويجعلها مجرّد شعارات محرومة من الوصول إلى السلطة. مطلوب من أنصار "الشريعة الإسلامية" الموقعين على اللائحة أن يعوا جيدا أن المعركة أكبر بكثير من مجرّد توقيع، بل هي نضال سرمدي يحتاج إلى الكثير من الواقعية والنفس الطويل، ولا يتعلق الأمر بتاتا بإعلان قائمة أسماء الناجحين في شهادة البكالوريا ممن يحق لهم التفاخر بورود أسمائهم على صفحات الجرائد، بل بمسؤولية كبرى تجاه الوطن والشعب تحتم على كل موقع أن يعمل من موقعه على تكريس المضامين التي وقع عليها وإقناع الآخرين بها إلى أن تصبح واقعا ملموسا في الميدان.