على مدار ثلاث ساعات كاملة، واصل عبد الله جاب الله الحديث دون انفطاع بمقر جريدة الشروق اليومي، تكلم فيها عن كل معاركه التي خاضها على مدار أربعين عاما، هاجم خصومه القدماء والجدد ولم يسلم الأموات من انتقاداته، تنبأ بهزيمة تاريخية للقيادة الجديدة للإصلاح، وقال إنهم لن يحصلوا على أكثر من عشرة مقاعد، بل تنبأ بأقل من ذلك...لازال يعتبر نفسه الرئيس الشرعي لحركة الإصلاح الوطني ولا يقبل فكرة وجود أزمة في حركته. ويلخص ما حدث له برغبة دوائر صنع القرار في إبعاد حركته من البرلمان فسلمتها مؤقتا إلى أشخاص مفصولين على حد تعبيره، لغته لم تتغير وإصراره على مواصلة المشوار يثير التساؤل، والاستغراب حول هذه الشخصية السياسية التي ثار عنها أقرب مقربيها ومع ذلك تصر على أن الحق معها.. جاب الله شبه الحزب بالسيارة إذا تهالكت أو سرقت منه يحصل على سيارة جديدة، في إشارة واضحة إلى إمكانية تأسيس حزب جديد. جاب الله: إذا أسست حزبا جديدا سيكون أقوى من الإصلاح غنية قمراوي:[email protected] حاولنا أن نلتمس بعض القلق من خلال محاورتنا للشيخ عبد الله جاب الله بخصوص ما حصل له مع حزبه حركة الإصلاح الوطني، لكن الرجل بدا مرتاحا يندد بظلم النظام و"الشبح" الذي يخرج له في كل مرة ليمنعه من مواصلة مشروعه، لكن "مثل هذه العقبات لا تزيده إلا ثباتا وإصرارا.."، ليقول بملء فمه أنه مستعد لإنشاء حزب ثالث ورابع وخامس رغم اعترافه "أتوقع أي شيء، وقد تقوى حملات التشويه وقد تأخذ مناحي أخرى..". جاب الله اعتبر أن ما حصل لحزبه كان سببه النظام، دون أن يتمكن من تحديد أشخاص أو جهات معينة "لم يستطيعوا ترويض الحركة، فاختلقوا هذا الإشكال"، مؤكدا أن "معركتي مع المتآمرين في النظام وليس الأفراد". وقال شيخ الإصلاح الذي لا زال يقول إنه الرئيس الوحيد والشرعي للحركة ما لم تقرر عكس ذلك الهيئات الشرعية للحزب أنه "صاحب مشروع وليس داخل عليه، وأنا اخترت طريقا صعبا ودقيقا لا أريد من ورائه إلا رضا الله"، متمسكا بالجانب الشرعي الدعوي في مساره السياسي حيث أكد الفرق الكبير بين طريقة السياسة التي يعتقد بها هو وما يحيط به من مفاهيم "مصلحتنا شرعية، أما السياسة في الفكر الميكيافلي فلا تبنى على الأخلاق بينما السياسة في الإسلام شديدة العلاقة بالأخلاق"، ويكمن الإشكال لدى فهم سياسة جاب الله ليس مع المحيط البعيد فحسب بل حتى مع مقربيه الذين انشقوا عنه "مشكلتي أنني أريد سياسة شرعية وثقافة الناس ضعيفة لم ترق إلى ذلك المستوى".. ومقابل هذا الإصرار، قابلنا جاب الله بأن سياسته ما دامت في رأسه دون أن يرقى إليها غيره فستتعبه وتؤدي به إلى الفشل في كل مرة، لكن الرجل فند قولنا على طول الخط وقال "هذا فهم خاطئ" متوجها بالخطاب للصحفيين "ستسمعوا بجاب الله غدا وبعد 10 سنوات ودائما، نضالي بدأ سنة 1969 من أجل الله والوطن وهو مستمر والأحزاب ما هي إلا وسائل وليست غايات تدرك". وانطلاقا من هذه القناعة أجاب شيخ الإصلاح أنه على استعداد لخلق حزب جديد في كل مرة وضعت العراقيل في وجهه، مؤكدا أنه "إذا تعذر سأواصل النضال بكل الوسائل السلمية الممكنة، بعد استنفاذ كل الإجراءات والسبل"، والحديث كان عن استرجاع حركة الإصلاح، لكن في حال استحال الأمر "لو اضطررنا سنؤسس حزبا جديدا يكون أقوى من حركة الإصلاح" مع انه قال بصريح العبارة أن وقته لم يحن بعد "لم نتحدث بعد عن حزب، لكن غالبية من يطالبون اليوم بحزب جديد هم من خارج حركة الإصلاح، من أحزاب كبيرة وإطارات في المجتمع". ويعتقد الشيخ أنه سينجح لا محال رغم تكرار تجربة مضايقة النظام له حيث قال "كثرة الظلم مع الصبر على الابتلاء والثبات مع الاستمرارية تؤدي إلى النصر بإذن الله". أكد أنه لم يندم عن تصريحاته يوم التفجيرات الأخيرة، جاب الله: أزاحوني من الساحة السياسية لأنني رقم مهم في الرئاسيات القادمة سميرة بلعمري :[email protected] كشف عبد الله جاب الله عن معلومات وردت إليه من أشخاص قال إنهم نافذون في السلطة مفادها أن قطع الطريق أمامه وحرمانه من المشاركة في الانتخابات التشريعية المقررة في ال17 ماي، ذو علاقة مباشرة برئاسيات 2009 ، على خلفية أن بقاءه على رأس حركة الإصلاح يشكل رقما حاسما في معادلة الرئاسيات المقبلة والتي جزم بأن نتائجها كانت ستكون لصالحه وإن لم يخض في تفاصيل قراءته ولم يحدد مصادره في السلطة التي اعتبرها نافذة. وأضاف ضيف "الشروق اليومي" بأن المعلومات الواردة إليه متطابقة الى حد بعيد مع ما أفرزته قراءاته الشخصية، مشيرا الى أن وضع حركة الإصلاح تحت رئاسته على الساحة السياسية مقارنة بمنافسيها كان ينبأ بحصول الحركة على موقع مشرف في المجلس الشعبي الوطني، فيما لم يستبعد أن يشمل تعزيز مكانته بالبرلمان مواقعه بالمجالس المحلية المنتخبة، معتبرا أن العاملين كافيان لقلب موازين وأي حسابات في الرئاسيات المقبلة مهما كانت الجهة التي ضبطت هذه الموازين، وهو الأمر الذي استدعى على حد تعبيره قطع الطريق أمام جاب الله بطريقة قبلية، وبالرغم من الوضع السياسي المحرج الذي يعيشه جاب الله غير أنه لم يتوان في إعلان نيته في الترشح للرئاسيات المقبلة، ليكون بذلك أول شخص يعلن ترشحه للرئاسيات. كما أكد أنه لم يندم أبدا عن تلك التصريحات التي أدلى بها لقناة الجزيرة الفضائية إثر التفجيرات التي هزت قصر الحكومة ومقر للأمن الوطني بباب الزوار، والتي تحدث فيها عن تأثير سياسات السلطة ومسؤوليتها في تغذية العنف دون أن يتغاضى يومها في ضرب مثلا عن حرمانه من المشاركة في التشريعيات بالرغم من أن الظرف لم يكن موات حسب رأي الملاحظين، وإن رفض أن يشبه تدخله بالتدخل الذي أدلى به علي بلحاج يوم اختطاف الدبلوماسيين الجزائريين من قبل تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، فقد انتقد مجددا قصور السلطة وعجزها عن معالجة ظاهرة العنف. جماعة بولحية لن تحصّل 10 مقاعد في البرلمان !! غنية قمراوي:[email protected] لن تحصّل حركة الإصلاح الوطني تحت ولاية محمد بولحية في انتخابات 17 ماي الجاري 10 مقاعد في البرلمان، وستعرف هذه التشريعيات "أكبر نسبة للمقاطعة في تاريخ الانتخابات في الجزائر !!". الخبر ليس نتيجة أعطيت غداة الانتخابات التشريعية، إنما هو تحد رفعه جاب الله في وجه خصومه الذين وجدوا الإدارة إلى جانبهم "فمكنتهم من خوض الانتخابات التشريعية ومنعته منها"، لكنه ليس قلقا أبدا بخصوص نتائجهم التي ستكون حسبه هزيلة "لن يحصلوا على 10 مقاعد"، وعاد بعدها ليفسر تحديه بأنهم إذا تمكنوا من تحقيق نتيجة تشبه حصيلة الإصلاح في العهدة الماضية سيكونون قد عرفوا استغلال الظرف والمحافظة على مكانة الحزب، لكن إذا حققوا نتائج دون ذلك فيكونون قد استغلوا في تنفيذ المؤامرة. وتنبأ جاب الله بأن "معظم الوعاء الإسلامي سيغيب عن التصويت، لأنه شخصيا نادى للمقاطعة"، مضيفا أنه لا زال يحظى بسمعة شيخ حركة الإصلاح "اليوم عندما أمر في الشارع وأنا مظلوم ومحروم من الانتخابات يقول الناس نحن معك يا شيخ، ونحن فهمنا اللعبة و17 ماي بيننا.."، مذكرا بأنه أعلم وزير الداخلية زرهوني بأنه هو الآخر فهم الرسالة "قلت لهم أنكم أعطيتموهم فرصة المشاركة في الانتخابات بهدف قبر هذا الحزب يوم 17 ماي". فالمنشقون حسب جاب الله استغلهم المتآمرون من النظام على الشيخ، لأنهم لم يستطيعوا ترويضه، فوجدوا في حاشيته من يعينهم عليه، رغم أن الخصوم يصرخون من جهتهم "استبداد الشيخ وتفرده في اتخاذ القرارت". قال جاب الله جمعها: نسيم لكحل[email protected] - فئة متآمرة الفئة المتآمرة داخل النظام الجزائري وراء الحصار الإداري المضروب على الحركة الشرعية لحزبنا، ونحن لم نستطع لحد الآن تحديد هذه الفئة بالضبط، لأننا لا نرى إلا أثر أفعالها أما الفاعلون فهم مخفيون والوحيد الذي في الواجهة هو وزير الداخلية الذي بلغنا القرار. - الرصاصة خرجت وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني قابلته ولم يكن ينطق بالحجة ويبدو أنه هو شخصيا ضحية معلومات مغلوطة قدمت له بشأن قضية حركة الإصلاح الوطني، قبل أن يعود ويقول لنا أن "الرصاصة خرجت ولا يمكنها أن تعود مرة أخرى". - أبعاد المؤامرة إقصاء الجناح الشرعي في حركة الإصلاح الوطني خاضع لحسابات سياسية كبيرة لا أستبعد أنها تكون تتعلق بالإنتخابات الرئاسية المقبلة، بمعنى أن القراءة الأكثر مصداقية هي أن النية وراء هذا القرار هو التمهيد من الآن لإبعادي من سباق الإنتخابات الرئاسية المقررة في سنة 2009 وذلك من خلال إضعاف وجودنا في الساحة السياسية. - لست نادما أنا لم أندم على التصريحات التي أدليت بها لقناة الجزيرة بعد تفجيرات 11 أفريل التي استهدفت العاصمة الجزائرية، والتي نددت فيها بهذه التفجيرات مقابل دعوتي لمعالجة أسباب هذا العنف، لأن المشكلة في تقديري لا تعالج بالتنديد حتى ولو ندد بها 6 ملايير بشر، وهذا سر تحميلي المسؤولية للسلطة فيما حدث. - عن قناعة أنا أرفض العنف عن قناعة وليس تذيلا لهذه الجهة أو تلك، ولي في هذا الشأن كتاب في الأسواق تحت عنوان: "نظرات في منهج القوة في التغيير" مطبوع في الجزائر وطبعته كذلك مطبعة العبيكان في المملكة العربية السعودية. - حركة حمس حركة حمس هي من روجت كثيرا في الداخل وفي الخارج للمعلومات الخاطئة التي تقول أن الشيخ عبد الله جاب الله يستند إلى جناح في السلطة يحميه، وأن ما حصل له مؤخرا معناه أن هذا الجناح السلطوي قد ضعف شأنه وقل تأثيره على أصحاب القرار. - الفساد محاربة الفساد لا يجب أن تأخذ سبيلا واحدا وهو القضاء، وإن كان ذلك مهما، فإن الأهم هو أن تعالج أسباب الفساد ودواعيه من خلال إصلاحات قانونية على وجه الخصوص تحاصر هذه الظاهرة وتشدد العقوبة على المفسدين. - التقويميون التقويميون الذي دخلوا هذه الإنتخابات التشريعية باسم حركة الإصلاح الوطني سوف لن يحصلوا في أحسن الحالات على عشرة مقاعد في البرلمان القادم أو أقل من ذلك بكثير، وإذا حدث هذا فمعنى ذلك أنها انتكاسة كبيرة لهم تكشف حقيقة ما يمثلونه من وزن سياسي. - نسبة المقاطعة أتوقع نسبة مقاطعة كبيرة في الإنتخابات التشريعية المقررة يوم 17 ماي الجاري، ومن الواضح أن أحزاب التحالف سوف تحصل على غالبية المقاعد وخاصة بالنسبة لحزب جبهة التحرير الوطني الذي سيحافظ على الأغلبية. - توقعات حركة مجتمع السلم تحمد الله إذا حصلت على نفس عدد المقاعد في انتخابات 17 ماي، أما حركة النهضة فإنها لن تحصل سوى على عدد محدود من المقاعد، وأتوقع تقدما ملحوظا لحزب العمال. - نحن القوة الأولى قناعتي هي انه إذا لم يكن هناك أي تزوي فإن حركة الإصلاح الوطني ستكون هي القوة السياسية الأولى في البلاد ولو تركونا نشارك في هذه التشريعيات ولم يزوروا فإننا سنحصد غالبية المقاعد، وأنا لا أقول هذا الكلام من فراغ، بل مما ألاحظه من خرجاتي الميدانية والأصداء التي تصلنا يوميا من الثقاة.